عمان ـ آنو السرحان ..
تباينت الأرقام والآراء مؤخرا حول حجم ظاهرة ضرب الزوجات ومدى قبول أو رفض المرأة لهذه الظاهرة.
وقال استطلاع أجري في الأردن أن 87% من الأردنيات يوافقن على ضرب أزواجهن لهن في حالة عدم إطاعة أوامر الزوج. وأكد الاستفتاء أن ظاهرة ضرب الزوجات في الأردن ليست مقتصرة على طبقة اجتماعية معينة، ولكنها تسجل أيضاً حتى ضمن الشريحة التي تلقت تعليماً عالياً. وقد أرفق ذلك الاستطلاع الذي عرضته إحدى القنوات الإخبارية بتقرير عن سيدة ضربها زوجها ضرباً مبرحاً لأنها لم تقم بإعداد وجبة الغداء. وقد كان يبدو من مظهرالسيدة التي غطت وجهها، أنها ليست صغيرة السن بل ربما تجاوزت السن التي تستطيع فيها أن تتولى إدارة المنزل والقيام على شؤونه.
ولعل المثير للغرابة أنها علقت قائلة:«من حقه أن يضربني ولكن ليس بهذه القسوة لقد تحول جسدي إلى مأساة». أسئلة كثيرة تطرح نفسها هنا،
فما الذي يجعل بعض النساء يقبلن بظلم الرجل؟ هل هي الحاجة المادية إليه؟ أم عدم تقبل المجتمع لانفصال المرأة عن زوجها؟ أم هم الأولاد والكيان الأسري الذي تريد المحافظة عليه؟
ما الذي يجعلها تعتبر أن من حقه أن يضربها وأن الواجب عليها هو الرضوخ والسكوت؟ وأي ثقافة تلك التي تلتف بها لتحولها إلى أداة طيعة في يده؟ وأي ثقافة تلك التي تجعل المرأة تقدس الطغيان وتنظر إلى الرجل الذي يعاملها بقسوة بالكثير من الاستسلام؟
(البلاد) التقت عددا من السيدات الناشطات في مجال المؤسسات التي تعنى بشؤون المرأة، لإلقاء الضوء على هذه الظاهرة، التي ترسم الكثير من علامات الاستفهام حول قبول بعض الزوجات للضرب، في زمن خرجت فيه المرأة للعمل واحتلت أرفع المناصب ونافست الرجل عليها.
ضوء عن الدراسة
أيدت 87 % من نساء الأردن ضرب الرجل لزوجته في العديد من الحالات، من أهمها مخالفة الزوجة لأوامر الزوج، أو غياب الزوجة عن المنزل، أو حرق الطعام، أو الدخول في نقاش مع الزوج، أو عدم احترام أي فرد من أفراد عائلة
الزوج. وقد أيدت 83% من النساء في المسح الذي أجراه المجلس الوطني لشؤون الأسرة، حق الرجل في ضرب
زوجته، إذا قامت بأي عمل يدل على خيانة الزوج، كما أيدت %60 من النساء ضرب الرجل لزوجته إذا ما قامت أحرقت
الطعام، و 52% من النساء أيدن ضرب الرجل لزوجته إذا لم تنصع لأوامره.
الباحث الاجتماعي الدكتور سري ناصر فسّر أسباب هذه النتائج بقوله: «إن تأييد الزوجة لضربها على يد زوجها عائد
الى أسلوب التربية ونشأة الفتاة في البيت والمدرسة، حيث تربت على سيطرة الرجل على المرأة .» وأضاف: «علينا مواجهة هذه المشكلة بحملات التوعية
الإعلامية من خلال بيان مدى أضرار هذه الظاهرة وآثارها السلبية على الأطفال والزوجة والمجتمع بشكل عام،
كما علينا التدخل في أسلوب التربية والنشأة في البيت والمدرسة ». ويقوم المجلس الوطني لشؤون الأسرة الآن
بإجراء دراسة شاملة حول نظرة الأردن الى العنف الأسري، بهدف إيجاد خطة وطنية لرفع مستوى الوعي حول هذه
الظاهرة والأخطار المترتبة عليها، خصوصاً أن الظاهرة كانت محصورة في ذوي الاحتياجات الخاصة وفي الطبقات
الفقيرة وغير المتعلمة، فيما تشمل الآن مختلف الطبقات الاجتماعية.
عنف مباشر وعنف غير مباشر
ترى العين مي أبو السمن أمينة سر تجمع لجان المرأة، أن ظاهرة العنف ضد المرأة تتمثل في القيام بالإيذاء الجسدي والقتل
والاغتصاب، وهذا هو العنف المباشر. أما العنف غير المباشر فهو المتمثل بالنسق الاجتماعية والثقافية السائدة،
من قيم وأعراف وقوانين وتشريعات، تميز بين الرجل والمرأة وتشمل أعمال العنف البدني والجنسي والنفسي التي تحدث في المجتمع بشكل عام، وهذا يشمل أنواع العنف الذي يمارسه الآباء والإخوة والأزواج وأصحاب العمل وغيرهم من
الرجال ضد المرأة، وهو بالتالي يهدف إلى سيطرة شخص على شخص آخر، وإخضاعه باستعمال التخويف والإذلال والإيذاء الجسدي.
ويؤكد الباحثون في كثير من الأحيان أن هذه الظاهرة عبارة عن مرض تربوي اجتماعي يمتد من عهد الطفولة بالنسبة
الى الذكور، ويتواصل كلما تقدم العمر، ويؤدي إلى الانتقام من المرأة ما دامت هي الحلقة الأضعف عند الرجل.
زوجات يؤيدن الضرب
وهذه النسب الموجودة كما تقول ليلى شرف لا تصل إلى مستويات تثير القلق، وان كانت قائمة على افتراضات نظرية،
فعلى سبيل المثال لا تتعدى نسبة الآباء والأمهات الموافقين على قيام الزوج بضرب زوجته إذا عصته 34 % وهي تتفاوت
بين أقاليم الوسط والشمال والجنوب في الأردن، والأمر مرتبط بالعادات والتقاليد أو الريف والحضر.
كما أن هناك دراسات للشباب ممن أعمارهم دون 24 سنة، المؤيدين لحق الزوج في ضرب زوجته إذا عصته، وهي
كمعدل في حدود 34 %، هذه الدراسات الموجودة حالياً هي دراسات موثقة وموضوعية. كما قالت شرف، إن الحديث عن
أرقام تقول بأن 87 % من النساء الأردنيات يقبلن بحق الرجل في ضرب زوجته أمر مثير للبحث عن الأسباب ومعالجتها.
حملات توعية
تقول محاسن الإمام رئيسة مركز الإعلاميات العربيات في عمّان: «عملنا على قضايا العنف الأسري في الأردن منذ
البدايات، ونحن لا يهمنا النساء اللواتي يعشن في أبراج عاجية، فعملنا مع السيدات في المجتمع الأردني من
الشمال إلى الجنوب، في كل القرى والمدن الأردنية لمدة ثلاث سنوات، حيث أوجدنا نوعاً من الثقة أعطتهن الأريحية
في التفاعل والمشاركة. فاطلعنا على أساليب العنف الذي تتعرض له المرأة مثل العنف من الأزواج والأخوان والآباء.»
وحول هذه القضية الملحة أصدر المركز كتيبات وبروشورات وأفلاماً خاصة ضمّت مشاهدها سيدات تكلمن عن معاناتهن
بكل صراحة وعن جميع أشكال العنف الذي يواجهنه مع أزواجهن بكل جرأة.
قوانين ضد العنف
الناشطة في حقوق المرأة ناديا بشناق رئيسة مركز التوعية والإرشاد الأسري تقول: «لو كانت المرأة معتادة على الضرب وتقبل به لما رأينا نجاحات حقيقية في المجتمع وهي تشكل ثلاثة أرباعه، ونحن نجد المجتمع ناجحاً بسبب نجاح الأسرة التي أساسها المرأة. أنا أعتقد أن الأرقام المبالغ بها للنساء اللواتي يقبلن ضرب الأزواج لزوجاتهم موجهة ومستهدِفة لأشخاص لديهم العنف من الأساس. وقد تكون مثلاً نتيجة لاستبيان آراء 50 شخصاً من عينة متجانسة ومن البيئة
نفسها. لذا ظهرت النسبة كبيرة جداً، فهناك نسبة تقبل العنف ليس بالضرورة أن تمثل وجهة نظر المجتمع. بينما لو كانت على سبيل المثال هذه العينة من بيئة ومفاهيم واعية لحقوق الإنسان وذات أخلاق سوية، لكانت النتائج مخالفة تماماً.
ولا بد من التنويه أن هذا لا يمثل رأي المجتمع وهو رأي فئة معينة، ولا يجوز هنا التعميم على المجتمع كاملاً، ونحن دائماً نقول لابد من مراعاة الدقة والصدق والواقعية والبعد عن التعميم في طرح قضية، فهذا يعبر عن أمانة الباحث والإعلامي في طرح مثل هذه الأمور، حتى لاتؤدي إلى شائعات تعود بالضرر على المرأة نفسها وعلى البلد.
وتؤكد بشناق أن «العنف موجود بكثرة ولكن أغلب العنف يكون على المرأة والأطفال، ومصدره الرجل. وللعنف مظاهروأشكال عديدة، كالإيذاء الجسدي والإيذاء النفسي \"كالتسلط والقهر\" والإيذاء الجنسي. والعنف موجود في مجتمعنا بكل أشكاله وتعاني منه المرأة، وفي مرات عديدة تعنف بلا سبب.وقد يكون ما يقارب 90 % من العنف باللفظ أي أن هناك عنفاً لفظياً من شأنه جرح كرامة المرأة.
والآن وبعد أن توافرت الإمكانيات وبوجود الخدمات والجمعيات التي تعنى بهذه الأمور ونشر التوعية، اختلف الوضع وأصبح العنف أقل من السابق وأصبح هناك وعي لحقوق الإنسان.
وعن وجود قوانين تختص بالعنف ضد المرأة، أشارت الإمام الى أن الباحث في قانون العقوبات الأردني يجد أنه لا توجد لدينا في الأردن نصوصا خاصة بالعنف ضد المرأة، وتعامل قانونيا ضمن قانون العقوبات العام والذي لا يؤمن الحماية للمجني عليها في حال التقدم بالشكوى.
وفيما يتعلق بالمستوى الذي وصلت إليه المرأة الأردنية مقارنة بالدول العربية والدول المتقدمة، أوضحت أن السيدة الأردنية اليوم وصلت الى موقع متقدم جدا، ومقارنة مع الدول المتقدمة فالوضع جيد ومرض لنا، بالإضافة الى المقارنة مع الكثير من الدول العربية، فنحن متقدمين بشكل ملحوظ، فالمرأة في الأردن لها حرية الاختيار بالنسبة لشريك الحياة وتعامل مع أسلوب الحياة العصرية بشكل جيد.
مناصب نسائية
وتقول الكاتبة والمحامية بسمة النسور رئيس تحرير مجلة \"تايكي\" أن المرأة الأردنية وصلت إلى مواقع صنع القرار، ووظائف الصف الثاني في المواقع المهمة في الوزارات، وهي حققت كل هذا من خلال الجهد والعطاء والكفاءة في العمل، ولم تصل بالواسطة والمحسوبية.
وتضيف: لقد شكك الأردنيون نساءً ورجالاً بالأرقام القائلة
إن نسبة النساء اللواتي يرحبن بضرب الزوجات على أيدي
الأزواج 87 %، وجاء هذا التشكيك لأن الأردنيين يعرفون
أن هذه العقلية غير موجودة في المجتمع الأردني إلى هذه
الدرجة، وأن الضرب ظاهرة غير متأصلة في المجتمع
الحديث، وعلى العكس فان الثقافة العامة للناس اليوم تقوم على أسس إنسانية عميقة.
وأكدت أن العقلية الأردنية تعيب على الإنسان رجلاً أو امرأة الضرب إن كان للأطفال أوالنساء باعتبارهم الضعفاء.
وتضيف أنه و \"إذا ما عدنا إلى التقاليد الأصيلة نجد أن الرجل الذي يضرب زوجته محتقرمن الناس، ولا يمكن أن نجد رجلاً يضرب امرأة في العلن لأن الناس لا تقبل بذلك مطلقا، وهذا يشكل سياج حماية للنساء من العنف المنتشر في كل البلدان. والعنف موجود بلا شكلكنه يتستر في أشكال عدة.
الرأي القانوني
المحامي محمد المحارمة يؤكد أن القانون لا يتسامح مع العنف الأسري، وتعمل الجمعيات النسائية غير الحكومية على التخلص من ظاهرة العنف المنزلي وتقوية التشريعات التي تحرمه. كما أن هناك تعاوناً بين الجمعيات النسائية لتشكل قوة ضغط على صناع القرار، من أجل إلغاء القوانين المجحفة بحق المرأة والمطالبة بالمساواة وإعطاء الحقوق المتساوية، من أجل أن نثبت مدى تقدم المرأة الأردنية بالمقارنة مع الدول المجاورة وحتى الدول المتقدمة.
ويضيف أنه لا بد من التذكير بما نشره تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية عن الدول العربية، والذي لاحظ النسب العالية للأردن لتعليم الفتيات والنسب العالية للمساواة بين الجنسين في ميدان التعليم. ولعل معيار نشر التعليم بين صفوف الناس هو المعيار الحقيقي لقياس التقدم فيالمجتمع، ولقد جاءت نسب الأردن الأعلى.
وتقول المحامية عبير العوران إن «قانون العقوبات العام يعاقب على إيذاء إنسان، وليس خاصاً بذكر أو أنثى، وفي الحقيقة لا يوجد نص صريح يحاسب الزوج على ضرب زوجته، ولا يوجد قانون مختص لحماية المرأة من العنف، ولكن يوجد في قانون الأحوال الشخصية أن تتحدث الزوجة عن ما تتعرض له من عنف على يد زوجها، ولكن هذا يحتاج إلى إثبات قبل أن تزول الكدمات التي تعرضت لها الزوجة، وهذا يتم عن طريق تقرير طبي يضعه طبيب مختص، كما
يحتاج الى شهود. عندها ممكن أن يحكم لها القاضي بالخلع أو التفريق للشقاء والنزاع أو الطلاق.
رأي الدين
قاضي القضاة الدكتور أحمد هليل يرى أن الإشكالية الأكثر صعوبة تتبلور في عدم وجود آليات تدافع عن المرأة في حالة وقوع الظلم الاجتماعي عليها، فتجعلها تتنازل عن حقوقها كما فعلت المذيعة رانيا الباز حين تنازلت عن حقها وتسامحت مع زوجها الذي شرع في قتلها وأنقذتها عناية السماء من موت محقق في آخر لحظة. فقد تسامحت معه كي تنال حق حضانة ولديها، في حين أن القانون لم يحجب هذه الحضانة عن رجل شرع في ضرب زوجته حتى وصل بها إلى حافة الموت مع سبق الإصرار.
ويؤكد هليل أن الشريعة الإسلامية منحت المرأة الكثير من الحقوق التي استلبتها منها الأعراف والتقاليد الخارجة من رحم ثقافة ذكورية حتى النخاع، ولقد حكت كتب التراث عن عدد من النساء اللواتي عرضن أنفسهن على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك يعني أن الاسلام منحهن حق اختيار الزوج بل وخطبته لأنفسهن.
ويضيف: \"دون سن وتشريع آليات تكفل للمرأة حقوقها ودون
وضع قانون للأحوال الشخصية للأسرة، سيبقى نصف المجتمع يرزح تحت وطأة الظلم والاستبداد وسنظل ندور في دائرة علاقات غير سوية ستؤثر على سلامة البنية الاجتماعية إلى أجل غير مسمى.\"
العنف النفسي والجسدي:
العنف كما عرّفته الأمم المتحدة هو «الفعل القائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة (الجنسية، النفسية)، أو الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة.»
وتشير أسمى خضر المحامية النظامية لدى المحاكم الأردنية ومهتمة بالضمانات القانونية لحقوق الإنسان وخصوصاً المرأة والطفل والناطقة السابقة باسم الحكومة، إلى أن النساء في البلدان العربية يعانين من ظاهرة «تأنيث الفقر »، حيث إن نسبة الفقيرات العربيات تبلغ 3/ 2 إجمالي الفقراء في الوطن العربي، كما أن نسبة البطالة بين النساء تبلغ ضعفي البطالة بين الرجال.
وبالتالي كما تقول فإن«مشكلات الأمية والبطالة والفقر من أهم أسباب العنف، فإذا قلنا: إن الفقر أحد أسباب العنف وخاصة لنساء العالم العربي، فأيضاً يمكن أن ينتشر العنف مع الغنى الفاحش، فالمجتمع الاقتصادي الحر يتيح فرص غنى دون تكافل اجتماعي للفقر».
والمرأة ضحية الإعلام أيضاً كما تشير خضر، فهي «ضحية الإعلان والإعلام اللذين لم يقدما الصورة الإنسانية التي تظهر عطاءات المرأة عبر التاريخ. فالإعلام ينظر إلى المرأة فقط من زاوية الجسد، والصورة الإعلامية صورة سلبية وتشييئية، تجعل المرأة شيئاً نستخدمه لإثارة الغرائز واستفزاز المستهلك لمزيد من الشراء، وهذا استغلال للمرأة.»
أشكال العنف
للعنف أشكال متعددة كما تقول الاختصاصية الاجتماعية أنسام الناطور، ولا توجد حدود فاصلة بين أنواع العنف (جسدي ونفسي وجنسي) فكلها تتداخل. كما أنه لا توجد حدود فاصلة بين ما يمكن تسميته العنف الأسري أو المجتمعي. فمثلاً ممارسات مثل «الدخلة البلدي، جرائم
الشرف » تتم على أيدي أفراد الأسرة، ولكنها بضغوط من المجتمع، وهناك أيضا العنف الناتج عن النزاعات المسلحة.
ويشمل العنف الأسري: الضرب والإيذاء (الجسدي والنفسي والتحرش والاغتصاب والإهانة، وغيرها)، ورغم انتشار هذه الظاهرة فإنه يصعب رصدها وبالتالي تحليلها.
كما أن هناك عنفاً مجتمعياً يمارس ضد المرأة في أماكن العمل أو المؤسسات أو الشارع ويشمل (التحرّش الجنسي، والاغتصاب والاستغلال والاتجار بالإناث).
جرائم الشرف كمظهر من مظاهر العنف
أكدت دراسة أجراها اتحاد المرأة الأردنية نُشرت عام 1998 أن القتل على خلفية الشرف يمثل 55 % من نسبة جرائم العنف الموجه ضد المرأة، وأن 75 % منها متعلقة بصلة الجاني بالضحية، واحتلّ الأخ نسبة 75 %.
وأكدت دراسة شملت الفترة 1998 – 2000 أن أسباب ارتكاب جرائم الشرف ترجع الى عدد من المتغيرات:
– القتل لمنع إظهار العلاقة مع العشيقة، وبلغت نسبته 6%.
– الشك في السلوك يمثل 79 %.
– اكتشاف الخيانة واعتراف الضحية يمثل 9%.
– %6 قتل لأسباب أخرى )اعتداء الأخ على أخته جنسيًّا أو
اعتداء الأب على ابنته وظهور علامات الحمل عليها.
العنف من الناحية النفسية
يقول استشاري الطب النفسي ومدير مستشفى الرشيد للطب النفسي الدكتور وليد سرحان أن العنف ضد المرأة يتضح كثيراً في الإساءة النفسية، مثل الإزعاجات المستمرة، الاهانة، وحرمان الزوجة من النوم. ويعد كتاب «المشاكل التي واجهتها » »What Troubles I Have Seen« – للكاتب الكبير ديفيد بيترسون دلمار والمعروف ب «دلمار »، – دراسة حية ورائعة للعنف وبمثابة بحث متكامل يدخلنا مغاور الحياة الزوجية والنزاعات ليرسم لنا صورة للمجتمع وتاريخه بشكل حذر، ويقودنا إلى أقدم العصور التي تتناول هذه الحالة واختلافها مع اختلاف الأزمان. وفي كل فترة تتشكّل بصورة جديدة باختلاف الأيدلوجيات والبيئة والظروف السياسية. ومما يجدر ذكره أن أي شخص يمكن أن يكون عرضة للعنف والاغتصاب بغض النظر عن السنّ أو الظروف، ولكن تبقى المرأة هي الضحية الأساسية.
ويقول سرحان أن من الرجال من يستخدم الضرب، ومنهم من يكتفي بالسبّ والشتم والصراخ، ومنهم من يكون ذكياً بما فيه الكفاية ليستخدم أساليب نفسية تدمي كيان الزوجة التي تكون متلهفة لبدء حياة زوجية سعيدة. ويضيف: إن أسباب العنف الأساسية تتلخص بعوامل إجتماعية وثقافية وارتباطها بحالات إجتماعية أخرى مثل المخدرات والاختلال العقلي والفقر والطبقة الاجتماعية والبطالة.
لكن لماذا تحرص المرأة على الاستمرار في الحياة الزوجية رغم ما تتعرض له؟
يجيب عن هذا السؤال استشاري الطب النفسي الدكتور وليد حباشنة ويقول: «تتحمل المرأة عنف الرجل وإيذاءه لها حفاظاً على سمعة أسرتها، وحفاظاً على مصلحة أبنائها وحمايتهم. وقد تكون المرأة ربة منزل، أو ليس لها عمل أو دخل مستقل، فلا تستطيع هجر منزل الزوج لعدم وجود بديل آخر، كما تعتقد الكثير من النساء أن الرجل يمكن أن يتغير مع الوقت وان يقدر لهن تضحياتهن.»
ويضيف حباشنة أن «كثرة تعرض المرأة للعنف تؤثر في ثقتها بنفسها، وتصبح مريضة نفسياً، فكثرة العنف يجعلها تشعر بالعجز والضعف عن اتخاذ قرار الانفصال، فتستسلم لوضعها. ويمكن أن تصاب المرأة بالاكتئاب المرضي الذي يجعلها تشعر بالذنب طوال الوقت، نظراً الى اعتقادها أنها هي سبب سلوك الزوج بهذا الشكل العنيف، ويمكن أن تعاني من القلق، وانعدام الشعور بالأمن، وكذلك الأولاد، مما تترتب عليه انحرافات سلوكية لديهم، لعدم قدرة الأم على ضبطهم بسبب الإهانات المستمرة التي تواجهها».