أبها – مرعي عسيري
ضمن النشاط الثقافي الصيفي لنادي أبها الأدبي نظم النادي مساء الاثنين الماضي 19 شعبان محاضرة ثقافية للأديب الأستاذ حمد القاضي بعنوان : في عصر الإعلام الإلكتروني .. أين موقع الثقافة الورقية ؟ ، وقد استهل مدير الحوار المبدع عبد الرحمن الثوباني المحاضرة التي شهدت حضورا كثيفا بترحيبه بالضيف والحضور مستعرضًا سيرة الأستاذ حمد القاضي الذاتية باسلوب رائع شد به الحضور.
بعدها بدا الضيف محاضرته بالتعبير عن شكره للنادي على الاستضافة ، وأكد أن حب الأسلاف للكتاب يصل إلى مرحلة العشق ، واستعرض بعض الشواهد على ذلك ذاكرًا أن المؤرخ ياقوت الحموي ولد في مكتبة ومات في مكتبة وأن إسماعيل القاضي كان لا يُرى إلا ومعه كتاب .
وعن واقع القراءة حاليًّا قال القاضي : مما ينبت الحسرة في النفس قلة الاهتمام بالقراءة في هذا الزمن الذي أحب أن أصفه بأنه الزمن المعتل الآخر .وأوضح القاضي أنه مهما قيل وحدث فإن الكتاب سيبقى مصدرا مهما من مصادر المعرفة الإنسانية حيث يرتبط به الإنسان ارتباطا وجدانيًّا لا يتحقق للوسائط الإلكترونية الحديثة بنفس القدر مشيرا إلى سؤال هارون الرشيد ابنه المأمون : ما الذي بيدك؟ لتكون إجابة المأمون : بعض ما تشحذ به الفطنة وتؤنس به الوحشة .واستعرض القاضي بعض التحولات التي شهدتها الصحافة السعودية ذاكرًا أنها كانت صحافة ثقافية ؛ حتى إن مجلة اليمامة كانت تبدأ بقصائد في الصفحة الأولى ، كما كان الناس يتابعون الملاحق والمعارك الثقافية قبل مجيء فضاءات المعرفة الحديثة المتمثلة في الوسائط الإلكترونية الحديثة .
وتساءل القاضي : هل لدينا ثقافة تستحق القراءة والتصدير ؟ وأجاب : واقعنا الثقافي متزامن مع الواقع الثقافي العام أو مقارب له ، والدليل وجود كم جيد من الكتب والأوعية الثقافية ، ولكن المنجز الثقافي السعودي يحتاج إلى دعم ، ونحن بحاجة إلى دار نشر كبرى تتولى توزيع الكتاب داخل المملكة وخارجها ، وأضاف : معارض الكتب التي تعقد لدينا بشكل دوري ومن أبرزها معرض الرياض الدولي للكتاب دليل أكيد على أن الكتاب الورقي باق وله عشاقه ومحبوه ، ودليل على أن الوسائط الحديثة لم تأخذ كل الاهتمام بل تسير في سياق واحد مع الكتاب الورقي .
واستعرض القاضي نتيجة إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت في أمريكا حيث طبع فيها في عام 2011م أربعة عشر مليون كتاب بزيادة 7% عن عام 2010م رغم وجود التقنية في أمريكا بمستوى عال جدا ، وأضاف : لو لم يكن هناك قراء لما طبع هذا الكم الكبير من الكتب ، كما أن الكتاب سيظل مهما من الناحية التوثيقية فحين يقال : قرأت في الموقع الإلكتروني الفلاني فإن الأمر لا يأخذ من التوثيق والتأكيد ما يأخذه حين يسند الأمر إلى كتاب ورقي محدد ، ومن هنا فإن الوسائط الإلكترونية الحديثة لن تقضي على الكتاب كما أن الإذاعة بقيت حية وقادرة على العطاء بعد مجيء التلفزيون والإنترنت ولم تصادرها هذه الوسائل .
وأضاف : الوسائط الإلكترونية الحديثة في كثير من الجوانب تساهم وتساعد في نشر الكتاب وتقدمه للقراء بأشكال مختلفة ، كما أن جودة مادة الكتاب في هذا الزمن هي التي تجعله كتابا مقروءا ، وأشار إلى ما ذكرته الكاتبة فوزية الجلاد حول توصيف الأثر الكتابي والعلاج بالقراءة حيث تدور في بعض البلدان المتقدمة عربات بالكتب بين المرضى وتجد هذه العربات إقبالا كبيرا من المرضى القراء .