رؤية – عواض العصيمي
لن أبالغ إذا ما وصفت مساعد الرشيدي رحمه الله بأنه شاعر الحركة في المشهد بامتياز، تأسره الومضة في مشهدٍ يبدو عند آخرين معتماً لفرط عاديته، أو مثقلاً بحمولات ثقافية متناقضة تجعله نائياً بعيداً عن النظر عند كثيرين.
في الكثير من قصائده نراه يستنسل من الأحداث والأمكنة والثقافات والوجوه صوراً شعرية فاتنة قلما نجدها عند شاعر آخر. هناك قدرة غير عادية تستولي عليه حين يتوافق المشهد الذي أمامه مع لحظة استوائه في الدهشة، وبالتالي لابد أن يقول شيئاً مناسبا.
ومن الممكن جداً أن يكون ذلك الشيء هو الشعر، ومن البدهي أن يكون من مستوى الشعر الذي يستحيل أن يكون هو الشعر ذاته في وقت آخر ومناسبة أخرى.
وإذا كانت البداوة عند كثيرين تحتفظ بمفهومها الثقافي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بشوفينية قبلية تقتل الاختلاف والتنوع، فإنها إذا جاز أن نتحدث عنها عند مساعد الشاعر، وعند مساعد الإنسان، تخف لائحتها التمييزية كثيراً ويلين جنابها للمعنى الجمالي الشاسع الذي تدخره نظرة عابرة تحدث دون سابق تصنيف.
نظرة أقصر من فضول عين محتشمة زاهدة في التعلق بالأشياء عنوة. والقصة التي حدثت له قيلت على هذا النحو: كان مع صديقه الشاعر المعروف نايف صقر في الكويت للمشاركة في أمسية شعرية،
وفي إحدى الجولات تشكل أمامه المشهد الذي تحكيه القصيدة. وبالمناسبة، لم أعلم عن مساعد بأنه كان طائفياً أو متحسساً من التنوع المجتمعي بكل أشكاله وأطيافه، بل كان منفتحاً على حقائق الواقع والثقافة والمجتمع بصورة اندماجية فريدة.
ولعل القصيدة تقدم الفكرة بوضوح يغني عن إعادة كتابتها هنا. لكن ما أود قوله هو أن فلسفة الصورة عند مساعد، حتى في مثل هذه اللقطة الطريفة النادرة، تغتني بتلقائيتها التي يحتاجها الشاعر لاستدراج العنصر الأهم في المشهد وهو الألفة الروحية مع الموضوع. أستطيع أن أقول بأن معظم قصائده، وبالذات القصائد الجميلة التي اشتهرت، تحظى بهذه الميزة الفريدة التي تمنح النص قوة تأثير كبيرة في المتلقي.
على شان ما تزعل على اخوك يا مرزوق
اذا خف قلبه ولْعبت فيه شيعيه
تقول الهوى سني وانا اقول يا مطفوق
متى العشق فرق في قلوب الهواويه
لو انك لمحت اللي لمحته بوسط السوق
تمنيت شوفة كربلاء كل عصريه
تتل الغلا من خافقي تلة الطاروق
من اعماق نايف لاعتزى بالعتيبيه
قبل ما تطول السالفه يا سلايل روق
وياصل خبرها للهنوف الرشيديه
طلبتك تخلي سرها داخل الصندوق
ترانا قربنا للحدود السعوديه