دولية

فشل تعهد قطر فتح بوابة تصدير الثورة الإيرانية

جدة ــ البلاد

يزداد الانهيار القطري يوما تلو الآخر، ولكن اليوم هو الأصعب للنظام القطري الذي تلقى مع حليفته إيران ضربات موجعة، لمواجهة الإرهاب ودبلوماسية الشيكات.

خسارة رئاسة اليونسكو:
بحصول الفرنسية أودري أزولاي على مقعد المدير العام لليونسكو وخسارة المرشح القطري حمد الكواري تنفس المهتمون بالتراث العالمي الصعداء، لزوال خطر تسلم أحد منسوبي تنظيم “الحمدين” الإرهابي الحاكم في الدوحة للمنصب الذي يتمتع بحساسية عالية.

وتكمن حساسية الموقع العالمي المرموق في الهدف الرئيسي للمنظمة الدولية للثقافة والعلوم، الذي يرتكز على إحلال السلام والأمن عبر رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة لبسط الاحترام العالمي للعدالة وسيادة القانون ومبادئ الحرية الأساسية.

وهي الأهداف التي كانت على وشك التقويض والانهيار بتصدر القطري الكواري في الجولات الأولى للاقتراع على منصب مدير “اليونسكو”، ضمن عملية انتخابية خاضتها الدوحة عبر شراء الأصوات وتصويت “الشيكات”، حسب وصف إحدى المحطات الإذاعة الفرنسية.

وأوشكت سياسات المال القطري الملتوية أن ترمي بالإرث العالمي والحضارات الضاربة في القدم في أيدي “الكواري” “مثقف السلطة” التي تمول جماعات إرهابية تهدم الآثار في ليبيا وسوريا، وتقضي على منجزات الحضارة البشرية لتبذر مكانها خرافات التطرف وهذيانات الإخونجية ومن تبعهم.

وهو الأمر الذي دفع بمصر لدعم مرشحة فرنسا، ما رجح كفتها درءا لخطر الإرهاب القطري، وهو الأمر الذي أكد عليه وزير الخارجية المصري سامح شكري، مشيراً في تصريحات إلى أن بلاده ستدعم فرنسا وستزكي لدى أصدقائها وشركائها الداعمين للترشيح المصري في اليونسكو على تحفيزهم لاتخاذ موقف مماثل لفوز فرنسا بالمنصب الخاص بمدير عام اليونسكو للسيدة أدولاي أزولاي.

وهو ما حدث بالفعل ليجنب العالم كارثة كبيرة، فبذهاب الأصوات المصرية لفرنسا ضمنت أزولاي الفوز وخسر الكواري، الذي يمثل ترشحه نادرة دفعت المئات للاحتشاد في مظاهرات كبيرة، احتجاجاً على الخطوة منذ اليوم الأول للاقتراع في باريس.

ونجحت الفرنسية في حسم المنصب بعد حصولها على 30 صوتا في الجولة الخامسة مع منافسها القطري والذي حصل على 28 صوتا لم تكن خسارة قطر في المنصب فقط، بل انكشفت أدواتها الخبيثة، حيث ذكرت إذاعة “فرانس. انتر” الفرنسية أن “صيد الأصوات” أصبح وسيلة للحصول على رئاسة اليونسكو، موجهة انتقادات عدة للمرشح القطري والذي وصفته بأنه” لم يتوانَ عن دفع الرشاوى قبل التصويت الأخير الذي جرى الجمعة”

وشددت المحطة الإذاعية على أن الوصول إلى رئاسة المنظمة الأممية يجب أن يكون بنضال حقيقي، وليس بمعركة نفوذ أو بأموال تدفع ورشاوى تصرف.

وأشارت الإذاعة إلى أنه خلال الشهر الماضي اعتمدت حملة المرشح القطري حمد الكواري على استراتيجية “صيد الأصوات”، مستخدماً نفوذه لجمع الأصوات بوضع يديه في جيبه.

ووصفت جمع قطر للأصوات بـ”دبلوماسية الشيكات” في مقابل استراتيجية النفوذ الفرنسي، في السياق نفسه اتهمت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية قطر باستخدام المال من أجل الحصول على أصوات الدول لمرشحها الكواري، حيث ذكرت أن الانتخابات تقودها المناورات وألعاب التحالفات والخلفيات التاريخية السياسية، وأكدت أيضا أن الكواري ينتمي إلى دولة متهمة من عدة دول أوروبية وعربية، ومنها السعودية والخليج ومصر ودول أخرى، بدعم الإرهاب.

فساد “بي إن سبورتس”
قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، فتح تحقيقات مع القطري ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان ورئيس مجموعة قنوات بي إن سبورتس.

وكان الادعاء السويسري قد أعلن، أنه تم فتح تحقيق جنائي مع الأمين العام السابق للفيفا، جيروم فالكه، وناصر الخليفي، الرئيس التنفيذي لمجموعة بي إن سبورتس الإعلامية القطرية، حول بيع حقوق تتعلق بكأس العالم بطرق غير قانونية.

كما قامت قوات من الشرطة الفرنسية بتفتيش مقر مجموعة قنوات بي إن سبورتس في ضواحي باريس.

وكشف مكتب المدعي العام السويسري “يشتبه في أن جيروم فالكة قَبِل امتيازات لم يكن يستحقها من ناصر الخليفي من خلال منح الحقوق الإعلامية لبطولة كأس العالم أعوام 2018 و2022 و2026 و2030 لدول بعينها”.

وذكرت صحيفة “ليزإيكو” الفرنسية، أنه على الرغم من ظهور قطر خلال أخر 10 سنوات على الساحة الدولية كلاعب أساسي في عالم الرياضة، فإن تجمع الفضائح، لاسيما، حول شروط استضافة “الدوحة” لمونديال 2022، هز “القوة الناعمة” القطرية، والتي حاولت استخدام الدبلوماسية الرياضية لتعويض صغر حجم أراضيها”.

ونوهت “ليزإيكو” إلى أن “قصة الفساد القطري في عالم الرياضة بدأت منذ نهاية عام 2010، عندما قرر “الفيفا” اسناد تنظيم مونديال 2022 إلى قطر”، موضحة أن “القضاء السويسري يبت في مدى مطابقة الشروط على الملاعب في قطر”.

ولفتت الصحيفة إلى أن عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة نددت بأوضاع عمال تشييد الملاعب في الدوحة.

ونشرت “ليزايكو” تصريحات لسيمون شاوديك المحلل السياسي وأستاذ الاقتضاد الرياضي في جامعة سالفورد البريطانية، قال فيها: “هذا التحقيق لا يبت في حادثة فردية فحسب، إنما في قصة مستمرة للكشف عن مؤامرة بين قطر والفيفا””.

وأضاف: “قطر تعاني من تشوه صورتها وسمعتها السيئة بالفساد ودعم الارهاب في المنطقة، ويعزز هذه الفكرة الصورة النمطية لدى الكثير من الناس في العالم حولها”.

وأتم: “على ما يبدو أنه أمر حتمي بجلوس جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل سريع وللتراضي، لتحسين صورة كرة القدم وسمعتها التي تضررت في العالم نتيجة الأفعال القطرية”.

من جانبه، قال أحد رؤساء الاتحاد الدولي لتشغيل تنظيم الالعاب الاوليمبية أن “قطر لن تتوقف عن استراتيجية احتلال الأرض”.

فيما أشارت إذاعة” يورب 1″ الفرنسية إلى أن الخناق يضيق حول قطر”، مشيرة إلى أن “الواجهة الجيدة التي كانت تتخفى وراءها قطر عن طريق استراتيجية الدبلوماسية الرياضية، ضربتها العديد من الفضائح في الوقت الذي تعد فيه قطر معزولة دبلوماسياً، منذ يونيه الماضي، بعد قرار عدد من الدولة العربية، وعلى رأسهم السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات مع “الدوحة” نتيجة لدعمها للإرهاب.

ضربة قاصمة للحليف الإيراني:
في سياق تغير السياسة الأميركية تجاه إيران من المهادنة إلى المواجهة، ودعم السعودية والإمارات والبحرين لاستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يبدو التحالف القطري الإيراني مجددا تحت المجهر، بالنظر إلى دعم الدوحة للإرهاب برعاية ومباركة إيرانية.

وقد كشف قطع علاقات الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب مع قطر الستار عن علاقة التحالف بين الدوحة وطهران، وذلك بعدما فشلت الدوحة مرارا في استغلال فرص منحت لها للانسجام في محيطها العربي، ومراعاة دول الجوار.

فليس غريبا بالتالي أن نجد مندوب قطر لدى الجامعة العربية يتحدث عن إيران ويصفها بـ”الدولة الشريفة”، لكن الشريفة طهران كما تراها الدوحة، تقول الإدارة الأميركية إنها الراعي الأول للإرهاب في العالم، والذي أكد عليه ترامب عند الكشف عن استراتيجية بلاده الجديدة تجاه إيران.

فترامب استرجع شريط ذكريات مؤلم للأميركيين وغيرهم كان لطهران دور رئيسي فيه، إذ سرد الرئيس الأميركي للعالم جرائم الحكومة الإيرانية منذ قيام ثورتها المزعومة، ورغم ذلك تطالب قطر هذا العالم بضرورة التعاون مع إيران.

في غضون ذلك، تتوافق قطر مع إيران في دعم عدد من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في أكثر بؤر التوتر سخونة في الشرق الأوسط.

أما هذا التقارب بين الدوحة وطهران تترجمه تلك المصالح المشتركة للبلدين، كون الحكومة القطرية الداعمة للإرهاب تجد ضالتها عند بوابات طهران، وفي المقابل تجد إيران المثقلة بأعباء اقتصادية في حكومة قطر الممول لاستراتيجية “تصدير الثورة”.

ولم يكن وضع الخزانة الأميركية الحرس الثوري الإيراني على لائحة العقوبات مجرد إجراء عقابي على أفعال جثام، فالعقوبات ستطال أذرعه وأي جهة تتعامل معه ماليا أو تجاريا.
وتباهت قطر خلال الأشهر الاخيرة بتوطيد علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع إيران، التي يتحكم الحرس الثوري في مفاصل اقتصادها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *