[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سامي حسون[/COLOR][/ALIGN]
لم أعثر على شيء مما مضى… فعدت وبحثت ونقبت وفتشت وراجعت ..سألت واستحضرت .. وحرضت من يعرف ولا يعرف .. لهذا لم اعثر إلا على مكاني المعتاد ..فاستعنت بمن سمع ومن رأى ومن توقع..لكن لا أحد ولا شي أسعفني في ذاكرتنا المفقودة.
حتى الأمل الذي كان فيما مضى مرسوماً بحياء على وجوه الناس وأحاديثهم، ضاع بفعل الف علة، الأمل الحقيقي استبدله الجميع بأوهام مجنونة مريضة.
كما أن شهوة الجوع فقدناها في يومنا .. ولم تعيدنا تماماً لشهوة أكل الرطب والبلح يوم كان النخيل حلماً من أحلام الفقير المديني .
فهناك على سطوح منازلنا الشعبية تركت اسمها، ولفات ورق صفراء منثورة عليها أحلى ذكريات الشوق.
وعلى تراب حارتنا رسمتُ قلباً بلا رمح يشبهها تماماً …. وكتبتُ أني مررت من هناك كعابر بثوب طويل يلامس الأرض.
يا عجائز حارتنا حين بكيت لم ينظر إلى عيني أحد، كنتم مشغولين بأنفسكم، منتظرين نحبكم بين النفس المطمئنة مثل رجل مصاب بمرض نهايته القبر.
يا عجائز حارتنا حين تركت قلبي في غرفتها الملونة، وخرجت مكسور الخاطر نحو المدينة الساحلية، لم يشعر أحد أني خرجت نحو أناس قتلوا العادات الجميلة….. قلت لكم مرات عدة لا تتركوني وحيداً في المدينة الساحلية.. كرجل ناقص عقل، يقضم أظافره بأسنانه .. يخبئ وجهه بين اكتافه باستمرار إلى أن يغلبه النعاس المسيطر.
يا عجائز حارتنا قلت لكم مرات عدة أني عاجزعلى رحيل المرأة التي أحببتها من النظرة الثالثة،أعلم أنها لم تكن ناعمة كما كنت أحلم، كانت تملك مخالب حيوان مفترس.. تنخر بها قلبي، وأنا أتحسس جلدي الذي يكسو اللحم.. والذي يكسو العظم وهو رميم.
يا عجائز حارتنا اتركوا أنفاسكم المتدلية بين اللحد والمهد ، واصعدوا، ثمة رجل قتيل يدفن نفسه بذكريات شوق أمرأة نصفها أنثى والنصف الثاني على هيئة رجل .
[email protected]