محليات

غياب ثقافة اللجوء إلى المحاكم تصادر الحقوق

جدة: صالح سالم 

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبيرة على مستوى اتساع دائرة التعاملات الاجتماعية وما يترتب عليها من حقوق والتزامات مازال البعض يخشى من المطالبة بحقه عن طريق المحاكم الشرعية أو التوجه إلى أصحاب الاختصاص من المحامين والقانونيين لأسباب ومخاوف شخصية أو اجتماعية أو ربما الخوف من الخصوم إذا عرف عنهم البطش أو التماطل على القانون والمقولة الشهيرة : “ما يضيع حق وراه مطالب” لم يتمسك بها الكثير في الدفاع عن حقه المسلوب لتكون النتيجة ضياع الحق.

” البلاد” تواصلت مع عدد من المواطنين والمقيمين الذين غابت لديهم ثقافة اللجوء إلى المحاكم خوفاً من إهدار الوقت أو عدم الحصول على الحق من الخصوم.

عدم الرهبة من قانون الدولة
ياسمين عادل عملت مدرسة بإحدى المدارس الخاصة بجدة براتب 4500 ريال ولظروف والدتها المريضة غادرت معها خارج المملكة لإجراء عملية عاجلة وبسبب أن ماصرف لها كان عبارة عن شيك محدد التاريخ لم تتمكن من صرفه لتعود إلى المدرسة مطالبة إياهم بتغييره ولكنهم قابلوها بالتجاهل لدرجة أن المسئول المالي قال لها حرفياً “أشتكي مكان منتي عاوزه” لتعود مغلوبة على أمرها في ضياع جهدها لتفكر باللجوء إلى المحكمة ولكن هل سيكون الأمر سهلاً أو ستكون الخسارة أضعاف ما اطالب فيه لتختار الاستسلام في مقابل أن المسئول لا يخاف العقاب.

“منيرة” بين القضاء وخوف الفضيحة أو الصمت أيهما تختار؟

قبل حوالي 15 عاماً وفي يوم دراسي ماطر كتب الله لمنيرة أن تخرج من مدرستها وهي بالصف الثالث المتوسط متجهة إلى منزلهم القريب ولكن صادفها ابن الجيران الذي كان وقتها يتجاوز عمره الثلاثين عاماً ليطلب منها الصعود في سيارته لإيصالها لباب بيتهم بدلاً أن تعرض نفسها للجو الماطر ولثقة منيرة في أن هذا هو ابن جار لهم يعرفونه لكبر سنه وصغرها وثقت فيه ليبادر في أخذها مباشرة إلى منزله الذي كان يخلو من زوجته ولا يوجد به أحد سوى طفلة صغيرة ليقوم هذا الجار الذئب باغتصابها وفض بكارتها لتعيش عشرين عاماً في رهبه اللجوء إلى القضاء أو الشرطة لاسترداد أثمن ما سلب منها خوفاً من أسرتها أن ترمي السبب عليها في أنها هي من أغواه لأخذها إلى منزله ومن ثم تتبرأ منها الأسرة لتبقى منيرة إلى هذه اليوم تعيش في صراع نفسي بين الفضيحة أو اللجوء للقانون فقررت بعد تعب أن يكون قانون السماء هو العدل في إنصافها من الذئب الطليق إلى يومها هذا.

أيتام الحق المسلوب بين عمٍ وخال
حليمة تروي للبلاد أنه قبل 17 عام توفيت والدتهم وكانت لها أراض مع خالها وهو الذي كان يقوم بالإشراف عليها وعند وفاة والدتهم طالب الأبناء بحقوقهم من الخال قبل وفاة والدهم رحمه الله ليطلب منهم الصمت حيث أن والدتهم في حياتها لم تطلب منه حقها فدعوه وشأنه, ولكن بعد وفاة والدهم تفاجأ الأبناء بالعم الآخر ليتطاول على منزلهم ويقوم بالبناء في حوش المنزل الخاص بهم فتكالب حينها العم والخال على الأيتام لينتزعوا منهم أثمن وأبسط ما يمتلكون وهو السكن والسبب في ذلك أنهم في قرية لا حول لهم ولا قوة وليس بين أيديهم صك تملك هذا البيت فاللجوء إلى المحاكم في عدم وجود ما يثبت تملكهم هذا البيت أضعفهم بين رهبة طغيان العم والخال. من جهتها علقت المحامية بيان زهران للبلاد عن أسباب عزوف البعض عن المطالبة بحقوقه بأن هناك أسباب مختلفة قد تجعل صاحب الحق في تردد،

حيث أوضحت أن الجهل بالحقوق وكيفية المطالبة بها وعدم الاستعانة بعد الله عز وجل بالمختصين في مجال القانون – فالمريض حين يشعر بالم من الصعب ان يشخص طبيعة المرض وكيفية علاجه فيستعين بعد الله بالأطباء، كذلك هو الحال لمن يواجهه مشاكل قانونية فالمحامي صاحب الخبرة يستطيع تكييف القضية وتعريف الشخص عن مركزه القانوني من خلال الوقائع و توجيهه بسبل حل ومعالجة القضية، ومن الأسباب الشخصية لعزوف البعض أيضاً الخوف من المواجهة والخسارة وعدم الثقة بحقيقة اثبات هذا الحق، أيضاً الصورة الذهنية أو التصور الذي يحمله الشخص عن المحاكم قد يؤثر عليه في اتخاذ هذا القرار فالبعض يتوقف ويتراجع عن المطالبة بحقه لمجرد سماعه قصة قبل سنوات لتجربة أحد معارفه مع العلم انه لم يعايش أحداثها و لا يعلم تفاصيلها واستمع من طرف واحد ولكن ظل حبيس لتلك القصة بالصورة الذهنية التي حملها بمخيلته، وهناك مخاوف اجتماعية كاللوم الذي قد يتعرض له الشخص المشتكي من القبيلة.

واختتمت زهران حديثها أن لكل هذه المخاوف حلول وعلاج متى ما قرر الشخص المطالبة بحقه بشجاعة وإقدام فأي شخص يضع العقبات نصب عينه لا يستطيع تجاوزها لان كل ما يقوم به هو النظر لتلك المخاوف فتسيطر عليه ويتوقف بنفس مكانه . فاللجوء الى القضاء للمطالبة بالحق هي وسيلة قانونية وحق لكل إنسان متى ما تعرض لظلم والجهات القضائية بالمملكة وفرت هذا الحق للمواطنين والمقيمين على أرضها وجعلت الأحكام التي تصدر تمر بعدة مراحل لتدقيق الحكم ومدى صحته من الناحية الشرعية والقانونية فبعد الحكم الابتدائي يتم انتقال الملف والحكم الصادر على محكمة الاستئناف ويعرض على ٣ أعضاء ومن ثم المحكمة العليا في حالات معينه نص عليها النظام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *