جدة- البلاد
ما بين تعهدات أنطونيو غوتيريس قبل توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة وممارسته لعمله بون شاسع واختلاف كبير مما أعطى مؤشراً قوياً على قدرة الرجل على التلون والانحياز والتخبط والتهرب من المسؤولية.
لقد سوق الرجل لنفسه جيداً قبل توليه المنصب من خلال حوارات ولقاءات متعددة وبدا حاسماً في مسألة منع نشوب الأزمات منتقداً سياسة سلفه بان كي مون الذي فشل حسب وجهة نظره في تعبئة الدعم لتقديم حلول حاسمة للمشكلات ومؤكداً في الوقت عينه أن المجتمع الدولي ينفق الكثير من الوقت والموارد في إدارة الأزمات أكثر من منعهاوأن الأمر يتطلب من الأمين العام تقليل عدد الصراعات وبالتالي عدد الضحايا.
كما تعهد بتطبيق إصلاحات لتحسين وضع المنظمة العالمية وذلك في كلمته بعد أداء اليمين لتولي منصبه وحدد ثلاثة مجالات للإصلاح هي حفظ السلام ودعم التنمية المستدامة والإدارة ولكن كل هذه الوعود ذهبت ادراج الرياح عندما اصطدمت بواقع الأحداث وحقيقة نوايا غوتيريس الذي تنكر لاطروحاته وفلسفته في الإدارة فجافت أفعاله أقواله وسقط في وحل أكاذيبه وتضليله للرأي العام من أجل أن يتسلم قيادة المنظمة الدولية.
تجربة فاشلة:
عشر سنوات أمضاها غوتيريس في منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين وتحديداً في الفترة من يونيو 2005م إلى ديسمبر 2015م حيث شهد وما زال العالم يشهد أسوأ كوارث اللجوء والنزوح والتشرد ومات الآلاف في البحار والمحيطات والصحارى والمخيمات وتعرض آخرون للقتل الممنهج والإبادة الجماعية فيما كان غوتيريس على حاله من اللامبالاة وضعف الانفعال وافتقاد القدرة على حشد الطاقات والإمكانيات واستنفار الجهود لمواجهة هذه المآسي فكيف به وقد ارتقى سلم قيادة المنظمة وتبجح أن من أولوياته منع نشوب الصراعات فهل يستقيم عقلاً أن يفشل في احتواء إفرازاتها وينجح في منع وقوعها وهو يفتقد التخطيط السليم والتحرك النشط والحياد وقبل ذلك الإرادة في الحالتين.
وإذا كان الفشل قد لازم أداء غوتيريس في مهمته الأممية الأولى وهي المهدد الأول للأمن والسلم الدوليين الهدف الأسمى للمنظمة الدولية الذي تسعى لتحقيقه فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك على ممارسته لمسؤولياته الجديدة التي تتطلب قدراً أكبر من الموضوعية والتقييم المنطقي والدبلوماسية النافذة النشطة والحياد والتوجيه السليم لأجهزة المنظمة للتعامل بشفافية مع كافة الملفات.
ولم يكن غريباً مع كل هذا الفشل والتخبط والتقوقع أن تنحدر المنظمة الدولية إلى مستويات غير مسبوقة من العجز والعزلة واهتزاز الثقة فيها.
عالم مضطرب يموج بدول تغذي وتدعم الإرهاب والتطرف وتثير الفتن في الدول الأخرى وتهديدات نووية وصراعات دامية واستخدام أسلحة محرمة دولياً فعن أي نزاعات مستقبلية يفكر غوتيريس في منع نشوبها؟ وهذا الواقع المرير من يحسن قراءته ليستنفر كل قيم البشرية السامية لتتصدى الإرادة الدولية له بعد أن سُلمت المنظمة لأمين غير أمين؟.
حينما تتكشف المؤامرة:
كان سقوط غوتيريس بيناً في تعاطيه مع الحوثيين وجماعة المخلوع صالح وانقلابهم على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً كما لم يحرك ساكناً تجاه إيران وتدخلها السافر في البلد الشقيق ومد العصابة الانقلابية بالسلاح ودعمها للإرهاب.
لم يتعامل غوتيريس مع الوضع في اليمن من واقع تقارير معاونيه على الأرض ومبعوثه الخاص وإنما فاجأ العالم بتقارير ملفقة ومسيسة من عناصر مشبوهة لتعلن الحكومة اليمنية الشرعية بصورة قاطعة رفضها للمعلومات التي أوردها تقرير الأمم المتحدة والتي تجاهلت الدور الذي يقوم به التحالف العربي إلى جانب اعتماد التقرير على مصادر أحادية وأخرى تابعة للحوثيين الذين عاثوا في اليمن فساداً وارتكبوا أبشع الجرائم مع حليفهم المخلوع بحق المدنيين وجندوا الأطفال للقتال وانتهكوا الأعراض واستخدموا المباني المدنية لأغراضهم العسكرية في تحد لكل القرارات والأعراف والمبادئ الإنسانية وأطالوا أمد الصراع ولم يستجيبوا لنداءات ومقترحات ومبادرات السلام.
لقد أتاح غوتيريس للإنقلابيين المجال للعبث بمقدرات وموارد اليمن وأمنه واستقراره ليسقط في براثن الفوضى والعنف بدعم من ملالي طهران وفي المقابل
وجه سهامه المسمومة نحو التحالف الملتزم بالقرارات الدولية وحقوق الإنسان والذي تدخل بناء على طلب الحكومة الشرعية لإعادة بناء العملية السياسية وفقا لمقررات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن 2216،
ومنذ بدء الأزمة اليمنية، ظلت الأمم المتحدة غائبة عن الواقع الميداني وتمارس سياسة الاعتماد على مصادر معلومات غير موثوقة وغير حيادية من خلال قنوات مرتبطة بالمسلحين الحوثيين فيما يتواجد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في العاصمة صنعاء تحت رحمة المليشيات وجماعة المخلوع ليستقي معلوماته من جمعيات مرتبطة بشكل أو بآخر بالميليشيات وهي دون أدنى شك ملفقة ومسيسة نابعة من طرف واحد لأنه في حقيقة الأمر لا يتواصل مع الحكومة الشرعية في عدن.
ومن المؤسف أن يتغاضى غيريتس عن كثير من الحقائق ومنها تورط بعض موظفيه في استخدام طائرات المنظمة الأممية لتسهيل عملية إدخال أشخاص لا يحملون أي صفة دبلوماسية أو إغاثية مما يعد انتهاكاً صارخاً للامتياز الذي منحه التحالف العربي بعدم التفتيش وتسهيل المرور للطائرات الإغاثية ليستغل الإنقلابيون هذه الخدمة في استقدام إرهابيين من إيران وغيرها إلى مناطق سيطرتهم لتدريب مسلحيهم وتقديم الدعم العسكري.
وحتى المساعدات الإنسانية التي توزعها المنظمات وأبرزها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لم تسلم من استغلال الحوثيين وتواطؤ الأمم المتحدة التي تغض الطرف عن مصادرة الانقلابيين للقوافل المحملة بالمواد الغذائية والطبية، وذلك بعد أن أوكلت مهمة مراقبة هذه القوافل إلى شركات نقل في صنعاء بدلاً عن تسليمها لمراقبين محايدين كما ظل ميناء الحديدة من قبل المليشيات.
لقد استنكر عدد من مشايخ اليمن، إدراج التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة المضللة، مؤكدين أن هذا الإجراء دليل واضح على كذب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشكل خاص والأمم المتحدة بشكل عام، لافتين إلى أن الأمم المتحدة أثبتت إفلاسها في حل القضية اليمنية بإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية، فلجأت إلى تلفيق التهم ضد التحالف، الذي أثبت أنه يحرص على اليمنيين أكثر من غوتيريس ومنظمته والهيئات التي تعتمد على تقارير مغلوطة وغير حقيقية، متجاهلة حقيقة المعاناة التي سببها الانقلابيون للشعب اليمني في المحافظات التي يسيطرون عليها.