أرشيف صحيفة البلاد

عودة السينما – الجزء الثالث والأخير

أ/ أحمد مصطفى زغبي

في الخمسينات الميلادية كانت مشاهدة السينما بمدينة جدة نادرة وقليلة فكان البعض من ذوي القدرة المالية والمكانة الاجتماعية يجتمعون في مناسباتهم ببيوتهم ومقاعدهم لمشاهدة فلم واحد لإسماعيل ياسين أوعماد حمدي فيما كان بعض الشباب يبادرون بالذهاب إلى السفارة الهندية في حارة البحر التي خصصت الدور الثاني مكانا لعرض الأفلام الهندية وما أن جاءت فترة الستينات الميلادية حتي انتشرت في حارات جدة ماعرف اصطلاحا ب(سينما الأحواش ) علي النحو الذي ذكرناه في الاسبوع الماضي .صاحب هذه الفترة تحديدا تواجد عدد من الصالات المزودة بمكونات العروض السينمائية من ديكورات وإضاءات ومقاعد جلوس مريحة وتقديم وجبات عشاء بنظام البوفيه المفتوح إضافة الي انها متاحة لدخول العائلات في ايام العطل والإجازات مقابل رسم دخول من عشرين وحتي مائة ريال للفرد الواحد ففي برحة الجماجمة بالبغدادية انشأ فؤاد جمجوم صالة سينما تقدم عروضا يومية علي فترتين صباحية عند الساعة التاسعة (الثالثة غروبي ) والعرض الثاني عقب صلاة العشاء في الساعة الثامنة مساء (الثانية غروبي ) ويشار هنا الي أن فؤاد جمجوم خاض مجال الانتاج السينمائي فأنتج عددا منها مثل فيلم (المهم الحب ) و ظهر احد مشاهده بدور القبطان كما كان له محل بالبغدادية لتأجير وبيع الافلام العربية.
ومن الصالات التي كانت تقدم عروض سينمائية في العطلات والإجازات والأعياد صالة فندق العطاس وفندق الشاطيء الازرق بأبحر و نادي السفارة الإيطالية بالبغدادية والسفارة المصرية والاردنية بالشرفية والسفارة الامريكية في شارع فلسطين ونادي ارامكو بكيلو اثنين فيما كان هناك العديد من المحلات التي ازدانت جدرانها بكتلوجات الأفلام وتقوم بتأجير الافلام للصالات والاحواش والعوايل لمدة يوم وليلة بقيمة مائة وخمسين ريالا للفيلم وخمسين ريال للمكينة أما الفلم الجديد فيصل إيجاره الي ستمائة ريال وكان يعمد اصحاب تلك المحلات الي لف بكرات الفيلم وتلحيمه بواسطة اجهزة خاصة والتأشير علي مقاطع الاستعراضات ومن ثم وضعه في قطعة قماش (صليطي )وربطها بشكل بقشة ففي مدخل شارع الملك عبد العزيز ناحية عمارة بن زقر (فندق البيعة انتر ناشونال سابقا )وأمام فندق قصر البحر الاحمر أسفل بيت النشار توجد المحلات التالية :
– محل عمرغالي ابو صفيةً ومحل عبد الله الحطامي وكانو من المهتمين بشراء الافلام الجديدة وتأجيرها
-محلات حسن بلجون – سعد عطية وشريكه عَبَد الله شيخ – عبد الرحيم حساوي -عبد الوهاب سنيور وشريكه احمد بادغيش ويتمثل نشاطهم في بيع الأفلام العربية والهندية وتأجيرها
– محلات احمد بلجون – سعيد باوزير -رجب عبد العال -تلاب – محمد حسن كتمورة – محمد باشراحيل و كانو مختصين بتأجير الافلام. للعوائل فقط
كما توجد!محلات اخري لتأجير الافلام للعوايل ببرحةًالحصان أسفل رباط البهرة وماحوله باتجاه سوق الندي منها:
– محلات أبو شوشة والوجيه عبدالرحمن بفلح -بادويلان -عباس كظك وشريكه السيد العطاس -الجوفي -الإيدو- عبيد عايش -الصوفي – نجيب ابو زنادة- علي زيدان .
و كان يقوم كل من احمد سلطان وحسين عدني بصيانة مكائن التشغيل الألمانية من نوع (بلهاور وآرسي و أكاي )فيما كان صالح بفلح ومحمد المشجري واحمد بادغيش يقومون ببيع الافلام الأجنبية والهندية لأصحاب محلات التأجير اما سليمان ابو النجا فكان يبيع لأفلام العربية
ومن الطريف أن اصحاب محلات التأجير لهم من الخبرة والدراية في معرفة أفلامهم فمثلا الصوفي بمجرد استلامه لبقشة الفلم عند ارجاعه يزنه بيده فإذا ما قَص منه منظر أو استعراض أونقص لأحد البكرات يخبر المستأجر بأن الفيلم ليس بفلمه اما الوجيه فكان يميز النسخ والمقاطع ويحدد صاحبها بمجرد مشاهدة جزء منه وجدير بالذكر فإن سوق الافلام آنذاك شهد رواجا كبيرا حتي انه في كل شهر يُستقبل مالا يقل عن ثلاثة افلام جديدة يكون منها احيانا مايعرض لأول مرة مثل فيلم ومضي قطار العمر و في مطلع الثمانينات توقف سوق السينما وتحولت بعض المحلات الي بيع وتأجير اشرطة الفيديو إلا انها لم تستمر كما ظهر ت مؤخرا السينما المنزلية ولكن لم تحظي بذلك الإقبال
وأخيرا اصحبكم معي الي بعض الذكريات التي حكاها لي الاخوةً الأعزاءالاساتذة عصام ابوزنادة وعبد العزيز ابو الحمايل ومنصور هداية عن سينما البارودي بسوق العلوي اذ هيأ احد الأحواش وجعل شاشة العرض في منتصفه لتكون فاصلا بين الدرجة الأولي بقيمة ريال واحد والدرجة الثانية بنصف ريال والفرق بينهما ان الدرجة الاولي يشاهد فيها الفلم بوضوح تام فيما الدرجة الثانية تكون الكتابة مقلوبة .