الأخيرة

عن العشاق سألوني (8)

أنت الحب 4 – 4

 

غادرت المدرج وهي لا تعي ما يدور حولها.لقد كانت شاردة الذهن ، تتلمس طريقها بصعوبة وهي تتجه إلي كافيتيريا الجامعة.كل أفكارها كانت مشوشة.انتبهت على رذاذ مطر منعش مصحوب برياح خفيفة يرجعها إلي الحياة،لتفاجأ به غير بعيد منها يتبادل الضحكات مع طالبة في إحدى الزوايا.
أحست ببرودة تسري في جسمها،يداها ترتعشان،ورجلاها لا تقويان علي حملها.
أسندت ظهرها إلى الجدار وراحت تراقب المشهد وهي تضع يدها على قلبها الذي تزايدت سرعة دقاته.
صافحها وهو يحادثها لبرهة ثم غادر مسرعا كعادته في المشي.
دون أن تدري كيف فعلت،وجدت نفسها أمام الفتاة ،لتلقي في وجهها وابلا من الأسئلة السريعة ،والمتتالية كأنما هو استجواب:هل تعرفينه؟منذ متي تعرفينه؟أين يسكن ؟ما لون سيارته؟هل هو متزوج؟ما..من ..هل..ماذا؟ استنجدت بكل أدوات وأسماء الاستفهام،بينما كانت الأخري تنظر لها في اندهاش .
كانت تبتلع ريقها وتحاول ترطيب شفتيها بحركة من لسانها.
هو جارنا من مدة طويلة ،وعادة ما نتبادل الزيارات.قاطعتها سائلة:هل دخلت بيته ،هل…
ابتسمت الفتاة وهي تربت علي كتفها ثم استأذنت في أدب.
اسمحيلي اختي الجميلة عندي محاضرة الآن.فرصة أخري -إن شاء الله-

( ولما اشوف حد يحبك…. يحلالي اجيب سيرتك وياه
واعرف جراله إيه في حبك…. وقد إيه صانه ورعاه
أسأله إن غبت عنه يا حبيبي يشتاق إليك قدي أنا
وان جافيته يا حبيبي يسهر الليل ويناجيك زيي أنا)
تغيرت حالها ولم تعد هي . بل لم تعد حتى تتعرف علي نفسها.أصبحت كثيرة الشرود لا تدخل المدرج إلا لتمتطي سحابة تطير بها بعيدا…بعيدا . حتي محاضرات الدكتور صبري لم تستوعب منها شيئا. فما أن يبدأ في الحديث حتي تأخذها نبرات صوته إلي عالم كانت قد ابتنته لنفسها معه.كل ما فيه كان يشدها،بدلته الأنيقة،ربطة عنقه،حذاؤه الجلدي الناعم.ابتسامته ،تسريحة شعره الحريري.فلا هي انتبهت للمحاضرات،ولا هي راجعت المطبوعات في البيت.فقد سكنها من الوريد إلي الوريد ،واحتل كل دقائق عمرها.
وكان يوما سيبقي محفورا في الذاكرة.رأته قادما نحوها وعلي محياه ابتسامة عذبة . يا الله…هل أحس بي أخيرا؟هل عرف أنني أحبه بصدق؟هل فعلا سأحادثه،وأنعم به ؟هل وهل وهل؟
أغمضت عينيها في حركة طفولية لتحبس صوته الحنون في عالمها الخاص،بعيدا عن العالم المحيط.مرت الدقائق سريعا،ولا شيء حدث.فتحت عينيها ببطء، سمعته يتكلم،التفتت …كان خلفها يحضن امرأة جميلة وقفت جنب سيارتها السبورت الحمراء,بينما راحت شابة في العشرين تجذبه من ذراعه وهي تقول:بابا عليك أن ترضي ماما.اليوم عيد ميلادها وانتظرناك علي الغداء ولم تأت.لن يرضيها إلا أن تدعونا إلي عشاء فخم تحت ضوء الشموع .

(إنت الأمل اللي احيا بنوره…. عمره ما يبعد يوم عن عيني
وانت الشوق اللي اسمع صوته…. لما تغيب عني يناديني
وانت الحب اللي مفيش غيره…. لو يسعدني أو يشقيني
وعمري ما اشكي من حبك…. مهما غرامك لوعني
لكن أغير م اللي يحبك…. ويصون هواك أكتر مني )
ولحديث القلوب شجون لا تنتهي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *