أرشيف صحيفة البلاد

عن العشاق سألوني (6)

شيرين الزين

 

الحب كله
لم  يكن جمال يشبه أترابه في شيء. فقد كان يتميز بحدة الذكاء, والاعتداد بالنفس, والترفع عما ينبري له من هم في مثل سنه من الشباب.
لقد كان (المغرور) كما يحلو لفتيات الحي, وزميلات الجامعة تلقيبه . لم يخفق قلبه ولو مرة واحدة  معلنا وقوعه في شراك الحب,لأنه ببساطة لا يعترف بمدلولات تلك الكلمة.
كثيرا ما كان يضحك ساخرا من أي صديق يعلن وقوعه في الحب.فمع وسامته ومعالم رجولته الواضحة, لم يفكريوما في الزواج رغم محاولات والدته المضنية, لتفرح بابنائه  كما كان يحلو لها ان تقول.
أخذه عمله الخاص الذي برع فيه, الي أن دارت به الأرض حول الشمس أربعين دورة . كان سعيدا و راضيا على حياة العزوبية الطليقة, فلا مسئوليات ولا منغصات ، فقد جعل من سهرات آخر الأسبوع مع الاصدقاء وقت الراحة .والبهجة الوحيد في حياته .
وكان عيد زواج صديقه عادل الذي أصطحب زوجته, وعائلتها للاحتفال .
لم يخبر جمال بالمناسبة, حتي لا يعتذر كعادته في مثل هذه المواقف التي يحب تجنبها.
فوجئ جمال  بالجمع وهو يخطو داخل القاعة الفسيحة, وكاد ان يولي الأدبار.
غير بعيد.كان عادل يترصد حركاته, فأسرع ليمسك بذراعه وهو يكاد يجرره جرا حتى يعرفه بالمدعويين.
صافحهم الواحد تلو الاخر, وهو لا يكاد ينظر الى وجوههم من شدة الغيظ , الي أن سمع عادل يهمس: وهذه لبني شقيقة زوجتي التي كانت تعيش في الخارج, وعادت مؤخرا الى أرض الوطن.مد جمال يده ليصافحها, وهو مشدود الي عينيها وكأنه أصابته الصاعقة.  احس كأنما تيار كهربائي بقوة ألف فولت, سري  في بدنه لحظة لمس يدها مسلما . شعر بدقات قلبه تدوي كالرعد حتى لتكاد تغطي علي صوت الموسيقي الهادئة التي غطت المكان .

( انا كنت ايه قبل ما اشوفك انا كنت ايه
وكنت عايش يا حبيبي ايامي ليه
طريق حياتي مشيته قبلك في ليل طويل
لا قلب جنبي يحس بيا ولا طيف جميل
ولما شفتك اول ما شفتك بكل شوق الدنيا لقيتني
مشدود اليك وبكل حب الدنيا ناديتك وجريت عليك )

انتبه الجميع لتشتت جمال, وتعرقه, وتلعثمه,وتلك النظرات التي كان يختلسها للبني المطلقة حديثا, والقادمة من بلاد العم سام, وقد أقنعتها أختها بحضور السهرة حتي تخرجها من حالة الكآبة التي سيطرت عليها مما ذاقته من زواج قصير المدة, تعيس.لم ينتبه جمال وهو في حالته تلك, الي همزات, ولمزات أصدقاء الصبا. كان يحاول السيطرة علي نفسه, حتي انه استاذن ليذهب إلي الحمام ، ووقف أمام المرآة ليتأكد أنه نفس الشخص الذي كان قبل الدخول الي الحفل. لكن هيهات,
فوجهه صار شديد الاحمرار, وعيناه  تلمعان ببريق لم يعهده من قبل!!

( حبيبي قول للدنيا معايا ولكل قلب بدقته حس
يا دنيا حبي وحبي وحبي ،ده العمر هوه الحب وبس
واسقيني واملي واسقيني ، تاني من الحب منك
من نور زماني ، اسقيني ياللي من يوم ما شفتك
حسيت كأني اتخلقت تاني )
ولحديث القلوب شجون
نواصل الجمعة القادمة باذن الله