رؤية: مهدي الكناني
يقول : محمد مفتاح في مجهول البيان إن منهج التأويل النفسي ، والذي يعتمد على بيوغرافيا المؤلف ، حياته الفكرية والعامة والدوافع ، والحوافز التي دفعته للتعبير والكتابة ، فهو يموقع الأثر أي النص في سياق حياة المؤلف ، وفي السياق التاريخي الذي ينتمي إليه ومن هذا المنطلق في محاولة نحو التأويل التقني في قصيدة الشاعر عبدالواحد بن سعود الزهراني والتي كانت تعبر عن حالة من التلبس اللحظي للفقد/ الوجع مع تعاطي وجدانيات الابوة الماثلة أمامه كفعل / والمفقود / العدم الذي يتعايش معه. عبدالواحد بن سعود ربما يكون حالة متفردة في تشكل سياقات تتسمى بالواقعية وتكون حالة نامية متلازمة في محيطه الخاص ما دفعني للكتابة وللمرة الأولى عن الشاعر هو النص الذي تحول الى أنسنة اللغة والمفردات ففي تصوري لن يمر هذا النص / القصيدة العرضوية التي تنفس من خلالها الشاعر عبدالواحد الزهراني دون الوقوف أمامها فهي لم تكن قصيدة بل حالة من الوجع الذي يتعايش معه وصورة من صور البر التي تسكنه. القصيدة عندما بدأت بفعل الطلب الذي يحمل بدايات الانكسارات اسمحني / مع صورة لفظية طلب السماح فهو امام قامة والده وهو أولى أن يصدّر قصيدته بهذا الطلب الراقي والانكسار / دخيلك وهذه لفظة أخرى تأتي ثاني مفردة ف النص تحمل التوسل على جناح الذل ويقدم الشاعر في تنازل كبير عن كرامته في إشارة إلى دونيته امام والده وهذا ربما يكون أقل تعبير يتمسك به الشاعر منحازا الى صغر شأنه في حضرة الأب معترفا – رغم ما يقدمه لوالده من بر- بتقصيره المزعوم في خارطته الذهنية التي تشكلت لديه بمحاولة بلوغ أعلى مراتب البر والود والمحبة للأب فيما يحمل البيت الثاني رغبة ملحة وتوجس من الشاعر نحو النهاية الحتمية للإنسان ومصيره الأخير عندما يمارس طلبه بحمل والده على كتفه في حياته حتى يشعر بحميمية أن يكون والده على كتفه ووالده قبل أن يأتي اليوم الذي يحمل نعشه على كتفه وإن كانت الإشارة كناية عن منحه فرصة البقاء بالقرب من والده ومسايرته في تنقلاته إذا ما علمنا بالعلاقة الوطيدة بين عبدالواحد / ووالده سعود بن سحبان.عبدالواحد الذي يتعايش ويعيش مع وجع غياب الابن في حياته وعندما يتحول ذلك الغياب إلى وجع وألم يشرق في حياته مع شروق كل شمس ومع صباحات المدارس والأعياد ومع ضحكات الأطفال وغواياتهم يعبر عن الحاجة الكبيرة والعاطفة التي تسكنه نحو هذه الغيبيات التي تظل في رحم الغيب يفصح عن وجعه وحجم الحرمان وشدة اليأس موضحا غايته التي خلص إليها في حياته من خلال هذه المقطوعة التي جاءت تئن تحت وطأة الألم مشبعة بالانكسارات وكثير من الآهات التي لا يشعر بها الا من فقد نعمة الذرية يهرب من ذلك إلى البحث في قواميس البر بوالده عن طُهر وصدق التوجُّه ذلك ما جعله ينكب امام الناس على تقبيل قدم والده في صورة لم تذهل من يعرف عبدالواحد بن سعود وما يخفيه من البر لوالده ووالدته التي رحلت من قبل ف الجميع يتفق على عظم بره بها ومدى الحزن والوجع الذي خلفه رحيلها من حياته مع إيمانه بقضاء الله وقدره الا أنه كان يتمنى أن تبقى في حياته بابا من أبواب الجنة يتلمسه صباح مساء تأتي هذه الخاتمة ف النص لتصور مدى ملازمة الوجع لصباحات ومساءات عبدالواحد الزهراني:
انت ما تحتاجني لكني انا لك شديد الحاجه
وانت عندك غيري اما انا فلا غيرك بدا بدا
انا مالي غاية ألا الله يبلغني رضاك وبرك
فيما يأتي الشطر الأخير يحمل المصير الذي ينتظر الشاعر نحو الضياع المدمر لحياته في ربط الحياة / السعادة بقبول كل هذه الصور التي تسكنه بتجاه الاب وتحمل دلالات النزعة المنحازة لكل جماليات الحياة بالبر وهذا اكبر هدف يسعى له عبدالواحد في حياته.عبدالواحد بن سعود … نام قرير العين فقد منحك الله رزقا قل من يجده في حياته هذا الرضى من والديك وهذا الحب من مجتمعك.