رؤية- ناصر العمري
الشاعر البحريني الرقيق علي الشرقاوي غرق في هوى البحرين حتى ثمالته فناجاها قائلا :(أحضنيني .. فأنا لست سوى العشق في شكل رجل) .حين تراجعت صحته مؤخرا جراء جلطة ألمت به .
تحول تويتر وابل من الأمنيات .أمام شلال الحب غردت ابنته فيض على حسابها في تويتر قائلة :(يبه أرفع رأسك انتخى لك وطن كامل) في إشارة لتفاعل ملك البحرين مع مرضه وعلاجه على حساب الدولة في لندن كما بدت ممتنة لتلك الحالة ومبتهجة بالحملة الإعلامية التي أطلقها المغردون لأجل والدها .ولم تخف فخرها بتفاعل الجمهور والملك على حد سواء مع مرض والدها ,وحين عاد للبحرين بعد رحلة العلاج عاد نهر الحب للجريان فرحا بتحسن صحته .والواقع أن الخليج برمته وليس البحرين فقط هو من أعتل وأصابه الوجع بسبب (جروح قلب) علي الشرقاوي الملهم الذي دوزن مشاعرنا بـ:
”جروح قلبي وتر …
وينك ياعازف عود “
و”أبكي على البمبرة وابكي على التينة …
وأدعي على من ذبح قلبي بسكينة” .
وقائمة طويلة من القصائد التي سكنت وجدان جيل ورافقت طفولتنا ولونتها بها. الشرقاوي معنى يلامس الذاكرة ولحنا شجيا سكن الروح وإيقاعا لاتنقصه الدقة وناي يسكن ثناياه الجمال لأنه نثر إبداعه وانسانيته ومشاعره فكانت على امتداد الخليج نوارس حب .
الشرقاوي ليس فقط شاعرا مسكونا بالهم الوطني والثقافي بل هو منارة ثقافية وتجربة إبداعية وزعت إبداعها بين حقول الإبداع شعرا ومسرحا ودراما وأغنية دون أن يفقد حرفه متعته وألقه ومتانته .شاهدت عملا مسرحيا خلاقا له بعنوان (البرهامة) من تأليفه مليء بإنسانية الشرقاوي المفرطة ويعكس انشغاله بقيم الحب والتعايش وقبول الآخر، ويشي بماتختزله روحه من نقاء ووطنية وصدق وشفافية مفرطة.
الشرقاوي الذي يعلي في كل نتاجه المعرفي من قيمة البحرين التي يكتب لأجلها بذات القدر الذي كتب لذاته ولوجعه وللحب والحرية والمشاعر ووجع الإنسان .وهو يثبت أن المبدع أثر وبصمة ومن دون شك فبصمة وأثر الشرقاوي لجيلنا طبعتنا به حتى سكن في محاني الذاكرة وأقاصي الروح حتى ونحن في طفولتنا نقع في نقطة نائية عن البحرين قبل ثورة الميديا .
وظل حرفه من خلال الفاره قادرا على أخذنا إلى نورانية الشعر فيما كان نتاجه ووعيه أكثر رحابة وإنسانية من اي أثنية ضيقة وكان جسرا يوصلنا إلى ضفة الجمال وحدائق المتعة. من الجميل أن تحتفي به الأوساط الثقافية والشعرية ضمن احتفالات البحرين بعيدها الوطني وعلى هامش ملتقى ليالي المنامة الشعري الأول حين تم اختياره شخصية الملتقى ليتم تكريمه بالتزامن مع تجمع شعري خليجي ومن خلال مهرجان يحظى بحضور ثقافي وشعري من مختلف دول الخليج والعرب .هذا الاحتفاء الذي يأتي اعترافا بما قدمه الشرقاوي من عطاء جعل منه قيمة وقامة فهو أحد أهم الأسماء التي حملت لواء الكلمة البحرينية ومفردتها المحلية وحلق بها بعيدا حتى بات بمثابة سفير ثقافي للبحرين.
كل الأماني بأن يعود طائر البحرين المغرد للشدو بأعذب لحن.
————————
بمناسبة تكريم علي الشرقاوي على هامش ليالي المنامة الشعري