قالت الوردة للغصن :
لولاي لأشاحت العيون النظر إليك
فما أنتَ إلا غصنا بائسا يحمل الأشواك
يصيب الأنامل بالأذى والعين بالقذى
قال الغصن :
أيتها العاقة ..
أنا حملتك على رأسي واحتضنتك بين أذرعي
وتركتك تتوجين هامتي .. ولولاي لكنتِ
مسحوقة بين الأقدام .. أوراقك ذابلة ومتناثرة
ولا أحد ينظر إليك .
قالت الوردة :
حين يشتم الناس رائحتي الزكية..يصابون بخدر لذيذ
إذ تتفتح مسامات الحب .. وتزدهر باقات العشق
ويصطبغ المكان بجماليات اللحظة .. أما أنتَ
فعديم الطعم والرائحة .
قال الغصن بتأوه :
أنا الذي مررت ماء الحياة إليك وتركته يمر
عبر أوردتي وشراييني حتى امتقع خدك بحمرة شهية
وتضوعت برائحة ندية .. وحين تصرّين على عقوقك
فسوف أقرر بمنع الماء الوصول إليك
لتظلين شاحبة .. ذابلة .. باهتة .
قالت الوردة :أنظر إلى أرفف العطارين .. تجده ملأى بقنينات ملونة
تنبض بروح الحياة.
قال الغصن :
أيتها المغفلة .. وجودك مرتبط بوجودي .. لا يمكن تتنفسين الهواء ..
وتناظرين أشعة الشمس .. إلا بوجودي .. أنا أحملك .. وأسقيك
لتتمكني من المفاخرة .. والمباهاة والوصول إلى الواجهات الزجاجية
وغرف النوم وصالونات الطبقة الارستقراطية وغير الارستقراطية.
قالت الوردة :
أنا الذي أعطي العاشق فاتورة الحب .. أزيد من العلاقة بين عاشقين
وأذيب المشكلات وأمنح الدفء والحب والحياة ..
قال الغصن :
أنت متطاولة .. لذا قررت أن أعلن الجفاء معك .. وضدك .. وسأمنحك
ماءً فاسداً كي يخدع العاشقين .. والمتلهفين والباحثين عن الحب ..
ينخدعون برائحتك ومن ثم يقذفوك بالحجارة .. كنبات العشار والشوك
والأشياء عديمة الفائدة .. إنهم سيعلنون معي مجافاتك ..
ابتسمت الوردة في ثقة .. ومع ابتسامتها تضوع المكان برائحة عطرة .. وقالت بهدوء
اعترف بأنني جزء منك واعترف بفضلك وأدين لك بكل شيء جميل وأنيق .. أنت
الأصل و ….
تمايس الغصن منتشياً .. وضحك بصوت مسموع وقال اعترافك بالفضل يجعلني افتخر بك وافتخر أنني أحمل على هامة رأسي وردة ندية نضرة تزين حدائق العشق وغرف الوجدان .. ويطرب لها العشاق .. فأنت حقاً جميلة .. بل رائعة .. تشدين أهداب
العيون .. وتعطرين الحياة .. وتزيدين من مساحة التفاؤل .. في حياة الناس .. كل الناس
ابتسمت الوردة وكان يقطر الجمال حسناً من وجنتيها.. وحنت رأسها في هدوء .. وقبّلت الغصن الذي راح يرقص ويميس بغنج .. لقد منَحَته الحياة
جمعان الكرت
السعودية