الأرشيف الثقافيـة

عقـدة الخـواجة

رندا الشيخ
لا أعتقد بأن أحداً لم يلاحظ الأسلوب أو الطريقة التي يتحدث بها بعض الشباب أوالفتيات ممن قضوا فترة من حياتهم في الخارج – اي في بلاد الفرنجة – للزيارة أو إنهاء الدراسات العليا، ففي حديثهم تظهر اللغة العربية على استحياء في بعض الكلمات فيما تنسكب أنهار من الكلمات والتعبيرات الإنجليزية أو الفرنسية أو بأي لغة كانت لتغرق مسامعنا!
ولا أعتقد بأن أحداً لم يلاحظ بأن غطاء الرأس أو \"الطرحة\" التي ترتديها الفتيات قد انزلقت قليلاً حتى وصلت إلى منتصف الرأس وأصبحت تُظهر أكثر مما تخفي!
في الحقيقة أن الدراسة في الخارج لازالت حلم الكثيرين فهي فرصة جميلة للتعرف على ثقافة جديدة ونمط حياة يختلف عما اعتدناه منذ الصغر، ومن ثم تأتي فرحة العودة بمؤهل قوي يفتح أبواب عمل كثيرة وفرصاً أكبر لحياة كريمة ، لكن هناك نقطة مهمة يغفل عنها الكثير منا ..!
وهي أن هذه التجربة من المفروض أن تثرينا ونلمس أثرها الإيجابي على حياتنا وليس العكس، خاصةً فيما يتعلق بسلوكياتنا.. وكم هي مهمة تلك السلوكيات التي تعكس شخصياتنا وتعبر عنا وعن فكرنا وقيمنا ومبادئنا، وكم هو جميل أن تنبع من الداخل وعن اقتناع وألا نتحول إلى مجرد نسخ كربونية عن الآخر لمجرد أننا قضينا معه بضع سنوات ولأن من بيننا من هو مصاب بعقدة الخواجة! فما الفائدة ان كنت أحمل شهادة الدكتوراة من جامعة أكسفورد وأنا لا أقدر قيمة الوقت أو الإحترام ؟! وكم هو مستفز أن أجد من تتباهى بأنها قضت حياتها في بريطانيا أو ألمانيا وهي تقهقه بصوت عالٍ في مقهى عام أو تتحدث بلا اكتراث بمن حولها، وأنا على يقين بأنها لن تجرؤ على القيام بفعلٍ كهذا في بلاد \"الخواجات\" لأنها ستجد من يؤنبها بنظرة غضب أو كلمة عتب وربما يتطور الأمر الى الطرد من المكان! لأن الهدوء حق للجميع!
عقدة الخواجه ستظل موجودة بيننا طالما أننا سلّمنا بأن الآخر هو الأفضل وتخلينا عن واجبنا في إعادة إحياء النهضة الفكرية والسلوكية في مجتمعاتنا العربية.

كـاتبة ومذيعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *