الأرشيف متابعات

عصر الرفاهية يفرغ القرى من سكانها .. الهجرة من الريف إلى المدينة نزيف مستمر

المدينة المنورة – جازي الشريف
من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي يعاني منها مجتمعنا في السنوات الأخيرة هي ظاهرة الهجرة من القرية الى المدينة ورغم ان هذه الظاهرة اصبحت شبه عالمية الا ان نسبة المهاجرين للمدن في المملكة العربية السعودية شكلت نسبة كبيرة حتى ان بعض القرى هُجرت تماماً وانتقل سكانها الى المدينة، ويعود ذلك لعدة اسباب اهمها طلب الخدمات الضرورية لعدم توفرها في القرى ومنها المياه الصالحة للشرب والكهرباء والخدمات الصحية والكليات ليواصل الابناء والبنات الدراسة وصعوبة التنقل لوعورة الطرق وغير ذلك. وفي محاولة لاستقصاء اسباب هذه الظاهرة كان لنا هذا الاستطلاع.
المهندس عبدالله الصاعدي يؤكد ان ظاهرة الهجرة من الريف او القرية الى المدينة هي ظاهرة اجتماعية خطيرة جداً لعدة اسباب وذلك لان للقرية وسكانها دوراً هاماً في الحياة وحين ينتهي هذا الدور ويتحول سكان القرى الى المدن فإن العديد من الموازين الاجتماعية سوف تتغير وتتآثر بهذه الهجرة غير الطبيعية واغلب سكان القرى مزارعون او من مربي الماشية ولهم دور فعال في تنمية المجتمع اقتصادياً واذا هجرت المزارع وبيعت الاغنام انقطع عن المجتمع رافد هام كان يمد المدينة بما يلزمها وبالتالي يتحول المواطن المهاجر من منتج الى مستهلك لذلك لا بد من وضع محفزات لسكان القرى والهجر للبقاء في قراهم ومزارعهم من خلال دعم مادي جيد يساعدهم في استمرارية حياتهم وعملهم في حقولهم واغنامهم بالاضافة الى ايصال ما يلزمهم من خدمات ضرورية من كهرباء وماء. ومراكز صحية وكل ما تحتاجه القرى يجب ان يكون في متناول اليد حتى لا تهجر قرية.
الاستاذ سلطان البقمي يقول ان انتقال اهالي القرى للمدن يشكل ضغطاً كبيراً على الخدمات في المدن وذلك للزيادة السكانية والتي بدأت تشهدها مدننا في مختلف مناطق المملكة نتيجة لهذه الهجرة نحن لا نلوم سكان القرى بقدر ما نلوم انفسنا اذا ركزنا الخدمات ووسائل الراحة في المدن دون القرى وحرمناها من ابسط الخدمات اولها: الكهرباء والماء والطرق المعبدة التي تسهل تنقل سكان هذه القرى من والى المدينة اما لمراجعة طبيب او لشراء لوازم او لزيارة بعض الاقارب وغير ذلك وكذلك التعليم ما بعد الثانوية فيجب إيجاد مراكز وفروع للكليات حتى لا يضطر رب العائلة لمرافقة ابنته او ابنه الى المدينة وحين يجد الطالب والطالبة انه بامكانه مواصلة الدراسة في قريته او القرى القريبة منه فلن يذهب للمدينة القضية هي الخدمات التي تجبر اهالي القرى للهجرة للمدن.
الدكتور ابراهيم سالم تخصص امراض باطنية يقول:
ليس منطقياً ان نطالب سكان القرى بعدم الانتقال للمدينة فنحن لا نوفر لهم متطلبات الحياة الاساسية والتي في مقدمتها الكهرباء والماء. والمراكز الصحية والطرق المعبدة. نحن الآن في عصر غير السابق كل انسان يتطلع الى الرفاهية حين يأتي سكان القرى لبعض الامور في المدينة ويشاهدون ما ينعم به سكانها من رفاهية من تكييف في الحر وانارة وماء صحي عذب وخدمات في كل شيء كل هذا يجعله يفكر في الانتقال وهجر مزرعته ومسكنه الذي توارثه من الاجداد.. نحن نعلم ان الزراعة اصبحت مكلفة واذا لم يدعم المزارع للبقاء في مزرعته فإنه سوف يهجرها ويبحث عن عمل مريح ومنتج ولو دعم وشجع هؤلاء المزارعون في القرى ما حدثت الهجرة التي بدأت ظاهرة مع الاسف في اغلب المناطق.
قرى ينقصها الكثير.. والهجرة خيار صعب
رجل الاعمال حامد علي يقول: يهاجر سكان القرى للمدن للبحث عن الرفاهية وتحسين وضعهم المعيشي ولو سألنا اي شخص من هؤلاء لوجدنا انه حزين لتركه مسكنه ومزرعته وقريته واقاربه ولكنه يقول انا مضطر.. الحياة في القرية اصبحت مكلفة حيث نشتري وايت الماء في حدود 200 ريال واحيانا اكثر كذلك استعمال المولدات الكهربائية والديزل مكلف وصعوبة نقل المحاصيل الزراعية والخضار للمدينة لوعوره الطرق وانتقال الابناء للمدن للدراسة في الجامعة.. وعدم وجود مراكز صحية متكاملة لتقديم العلاج للمرضى وحتى المراكز الصحية الموجودة في القرى محدودة جداً في الامكانيات والاجهزة والادوية والقضية ليست واحدة حتى نصبر عليها ونتمسك بالقرى.. القرية ينقصها الكثير من وسائل المعيشة المريحة لذلك بدأت الهجرة رغم عدم سعادتهم بذلك.. ولكن الافتقار للخدمات كان خلف هذه الهجرة للمدن.
حمود بن احمد الشريف رئيس قبيلة الاشراف بني حسين في قرية السويرقية محافظة المهد يقول: عدد كبير هاجروا من القرية البعض توجه الى المدينة المنورة والآخر الى مدينة جدة وذلك لعدة اسباب منها انحسار الزراعة بشكل كبير والتي كانت تدر عليهم دخلاً في السابق وذلك بعد شح مياه الري كذلك بعض أفراد البادية ممن يشتغلون في رعاية وتربية الاغنام تركوا هذه المهنة نظرا لقلة الامطار وانعدام المراعي وتوجه هؤلاء للمدن للبحث عن سبل افضل للحياة وعن عمل لندرة الاعمال في القرى وكذلك لارتفاع تكلفة المعيشة في القرية اما الماء فنشتري الوايت بمبلغ 300 ريال والكهرباء بالمولدات وعدد من الابناء والبنات يرغبون في مواصلة التعليم بعد الثانوية لذلك فلم يكن هناك بد من الهجرة من القرية لعدم تكامل متطلبات الحياة فيها ونحن يحز في نفوسنا ان نرى ابناء القرية يهاجرون للمدن عائلة بعد اخرى ولكن ليس لدينا ما نقنعهم به من اجل البقاء من اجله.
ظاهرة شبه عالمية.. والأسباب متشابهة
عواض بن سالم العتيبي موظف متقاعد ظاهرة الهجرة من الريف او القرية الى المدينة هي ظاهرة شبه عالمية وليست مقصورة على المملكة.. ولعل الاسباب تتشابه.. الجميع يبحث عن وظيفة ووسائل الراحة والرفاهية والخدمات الممتازة التي يجدها في المدن ولا يجدها في القرية.. نعم كلنا نعشق قرانا التي ترعرعنا فيها وهي من موطن الاباء والاجداد ولكن اسلوب الحياة تغير كثيرا وحتى لو رغبت في البقاء في قريتي واستمتعت بالهدوء بعيدا عن ضجيج المدن فان الابناء لا يرغبون في ذلك ويطالبوننا بالانتقال للمدينة لان القرية فقدت الكثير من مميزاتها السابقة مع الاسف فقدت المزارع وفقدت الحياة البسيطة الان حتى سكان القرى يطالبون بنفس الرفاهية التي يعيشها سكان المدن واذا لم تتوفر فانهم ينتقلون ويتركون القرية وكل شيء فيها فالقرية تحتاج للطرق المعبدة والانارة والمياه والاسواق التجارية وتوفر جميع المتطلبات لذلك اتجه الغالبية للمدينة للبحث عن ما يريدون من هذه المتطلبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *