جدة ــ وكالات
منذ نهاية الخمسينيات، لم يعد يقتصر الفضاء على مجالات الاكتشاف العلمي، بل تحول إلى ساحة تنافس عسكري، من خلال استخدام الأقمار الصناعية في التجسس، وتوفير المعلومات للحكومات والجيوش.
وفي السنوات والأشهر القليلة الماضية، اعاد اطلاق الصين اقمار صناعية سباقا مع الزمن لمزاحمة الولايات المتحدة وروسيا في هذا المجال، التذكير باهميته الاستراتيجية الكبيرة.
فقد بدا التوجه نحو عسكرة الفضاء عام 1957، عندما اطلق الاتحاد السوفييتي قمر “سبوتنيك 1″، كأول قمر صناعي للأغراض العسكرية، وذلك في إطار الحرب الباردة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالرغم من احتراق القمر السوفييتي بعد شهرين من إطلاقه، الا انه اشعل شرارة سباق محموم بين القوى الدولية، حافظت فيه واشنطن، تتلوها موسكو، على تفوق كبير عالميا.
وبرزت بكين اخيرا في هذا المجال، وتوجت مساعيها بنجاح ارسال القمر “جاوفن 4” إلى الفضاء، في ديسمبر 2015 الماضي، الذي يعد الأكثر تطورا ودقة في نقل الصور الملونة عالية الجودة.
وبالرغم من حديث الصين أن الهدف الرئيسي من القمر هو التنبؤ بالكوارث الطبيعية، إلا أن إمكانياته المتقدمة تسمح له بان يرصد بشكل دائم مساحة تبلغ مساحتها نحو 7 آلاف كيلومتر مربع، وتتخذ من الصين مركزا لها، الأمر الذي يتيح للقمر مراقبة التحركات في جميع الدول المحيطة بالصين، والمحيطين، الهادئ والهندي، وصولا الى الشرق الاوسط، وشرق اوروبا.
ووفق تقرير لمجلة “بوبيلر ساينس” العلمية الأمريكية، نشر في يناير الماضي، سيسمح هذا القمر الجديد للصين مراقبة المواقع الاستراتيجية لعدد من الدول، مثل مرافق اسلحة الدمار الشامل والقواعد البحرية، كونها تقع داخل نطاق رصد القمر.
ومن المنتظر، وفق التقرير، ألا تقتصر المعلومات الواردة من اقمار التجسس الصناعية المستقبلية، بمختلف جنسياتها، على تحديد اماكن حاملات الطائرات او قاذفات الصواريخ، فقريبا ستتمكن من إرسال لقطات مصورة على هيئة “فيديو حي” لاستعدادات القوات العسكرية.
واظهر إحصاء حديث لـ”اتحاد العلماء المهتمين” (اتحاد أمريكي يعرف اختصارا بـUCS)، ان اجمالي عدد الأقمار الصناعية الموجودة حاليا في مداراتها بالفضاء، على اختلاف مهامها، يبلغ ألفا و419 قمرا، منها 146 قمر يمارس مهاما عسكرية.
ووفق هذه الاحصائية، التي صدرت في يونيو ، تأتي الولايات المتحدة الأميركية في صدارة الدول التي تمتلك أقمار صناعية بإجمالي 576 قمراً، وتأتي الصين في المرتبة الثانية، بواقع 181 قمراً، في حين تمتلك روسيا 140 قمر، الأمر الذي يظهر سيطرة أمريكية مستمرة على مجال الفضاء.