طهران ــ وكالات
يتخوف البعض من أن انهيار نظام الملالي في إيران سيدخل البلاد في مشكلات أكبر مما تعيشها طهران حاليا، لكن البعض يشكك في ذلك، ويؤكد أن زوال النظام الإيراني سيعزز حرية الشعب الإيراني ويحل الكثير من المشكلات التي تواجهها البلاد منذ سنوات.
فمنذ ما يقرب من 40 عاما، ظل النظام الإيراني يقمع الحريات ويحرم الشعب من حقوقه الإنسانية، وهو ما يؤكد صعوبة التعويل عليه في إحداث أي إصلاح، وأن الدفع باتجاه تغييره بات خيارا لا يمكن تجاهله.
ويشكك عضو البرلمان الأوروبي السابق ستروان ستيفنسون في المزاعم التي تقول بأن انهيار النظام الإيراني سيسبب المزيد من المشكلات، بل يؤكد أن زوال النظام الحالي سيمنح الشعب الإيراني الكثير من الحرية.
وقال ستيفنسون في تصريحات لموقع “إيرانيان فويس نيوز” إنه “منذ وصول حسن روحاني إلى السلطة في أغسطس 2013، تم إعدام أكثر من 3500 شخص في إيران، التي تحتل الآن الرقم القياسي كجلاد في العالم”، مضيفا أن “الناس لا يدعون حاليا إلى أن يحل المعتدلين مكان المتشددين. إنهم يدعون إلى تغيير النظام”.
وبينما كان كثيرون يعولون على أن الرئيس الإيراني حسن روحاني يعد “أكثر اعتدالا” من آخرين في النظام الإيراني، إلا أن الواقع أثبت عدم صحة هذه الفرضية، لا سيما في ظل قمع الاحتجاجات في مدن إيرانية عدة مؤخرا.
ويذهب آخرون إلى استرجاع ما منحه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لإيران من تنازلات كثيرة، لا سيما في يتعلق ببرنامجها النووي والصاروخي، اعتقادا بأن البلاد ستصبح “أكثر اعتدالا”، إلا أن هذا لم يحدث.
وقال ستيفنسون إنه “في ظل وجود ملالي لا يهمهم سوى ملء جيوبهم، ليس من المفاجئ أن تواجه البلاد، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات للغاز في العالم ورابع أكبر احتياطي من النفط الخام، هذا الانهيار الاقتصادي الآن”.
وتابع: “لقد جعل نظام الملالي إيران ذات الثقافة الغنية والمتحضرة منبوذة دوليا، وتتذيل الدول في حقوق الإنسان وتصدر الإرهاب، في حين يكافح 80 مليون مواطن محاصر، أكثر من نصفهم دون سن الثلاثين، من أجل إطعام عائلاتهم”.
واعتقلت قوات الأمن الإيرانية الآلاف من المتظاهرين في موجة الاحتجاجات الأخيرة التي اجتاحت عددا كبيرا من المدن في البلاد، وكشفت تقارير حقوقية عن تعرض العديد منهم للتعذيب، وانتشرت تسجيلات مصورة توثق قتل بعضهم في الشوارع.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن كل هذا يجري تحت حكم حكومة روحاني “المعتدلة”، في وقت لا تزال المرأة لا تعامل على قدم المساواة، ويتم تنفيذ عمليات الإعدام الجماعية بشكل شبه يومي
في غضون ذلك حث مشرعون بمجلس الشيوخ الأميركي الرئيس دونالد ترمب على ممارسة “أقصى قدر من الضغط” على إيران لثنيها عن سلوكه المزعزع للاستقرار والداعم للإرهاب العالمي.
ووفقاً لأسبوعية “ذي ويكلي ستاندارد The Weekly Standard”، ينظر هؤلاء المشرعون في مشروع قانون من شأنه أن يدفع إدارة ترمب إلى التأكد من عزل إيران عن الخدمة المالية الرئيسية الدولية “سويفت SWIFT”.
ويخشى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أن تتساهل الإدارة مع إيران بشأن “سويفت”، وهي مؤسسة مقرها بلجيكا وتقوم بتسهيل عمليات تحويل الأموال عبر الحدود، ما سيؤدي إلى استمرار استغلالها للنظام المالي العالمي لتمويل ودعم الإرهاب.
ويريد الجمهوريون أن تفرض الإدارة عقوبات على “سويفت”، ربما عن طريق فرض عقوبات على أعضاء مجلس إدارتها، إذا لم تقم بإنهاء تعامل البنوك الإيرانية المعنية بحلول الموعد النهائي للعقوبات في 5 نوفمبر.
ويطالب مشروع القانون، الذي يقوده السيناتور عن تكساس تيد كروز، وفقاً لوكالة “أسوشيتد برس”، الرئيس الأميركي بمعاقبة “سويفت” إذا لم تقطع تعاملاتها مع البنوك المعنية. كما يوسع التشريع نطاق البنوك التي يجب معاقبتها لتشمل جميع البنوك الإيرانية وغيرها التي تم رفع الحظر عنها وإزالتها من العقوبات عقب الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال كروز إن “المشرعين مارسوا ضغوطاً على الإدارة لطرد إيران من سويفت”، مضيفا أن “حملة الإدارة القصوى للضغط لن تنجح إذا بقيت الجمهورية الإسلامية على اتصال بسويفت”.
كما جاء في رسالة إلى وزارة الخزانة الأميركية، وقعها كروز و15 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، أنه “يجب مساءلة جميع البنوك الممثلة في مجلس SWIFT إذا تحايلت على العقوبات الأميركية ومكنت النظام الإيراني”.
من جهته، قال السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو لـ”ذي ويكلي ستاندارد The Weekly Standard” أنه “من أجل إنهاء طموحات النظام الإرهابي الإيراني للحصول على الأسلحة النووية مرة واحدة وإلى الأبد، يجب على إدارة ترمب ليس فقط إعادة جميع العقوبات المعلقة بموجب الاتفاق النووي المعيب للرئيس أوباما، ولكن أيضاً فرض المزيد منها، بل أبعد من ذلك، حيث تُفرض عقوبات تزيد من الضغط الواقع على الحكومة الإيرانية”.
وكان الكونغرس قد تحرك من قبل لقطع إيران عن شبكة “سويفت” في عام 2012، عندما منح مشروع قانون إذناً للرئيس الأميركي بفرض عقوبات على أعضاء مجلس “سويفت”، ما أدى إلى قطع التعاملات مع بعض البنوك الإيرانية.
وبحسب “ذي ويكلي ستاندارد The Weekly Standard”، يتم النظر إلى هذا الإجراء على أنه أمر حاسم لعزل إيران كلياً وإحضار طهران إلى طاولة المفاوضات بعد سنوات من أجل إجراء مفاوضات نووية من جديد.
كما أن القانون الذي ينظر فيه المشرعون حالياً يأذن للرئيس بمعاقبة أي بنك إيراني يشارك في تمويل الإرهاب، ما من شأنه أن يسمح بإعادة فرض جميع العقوبات الأميركية التي تم رفعها على هذه البنوك بعد الاتفاق النووي لعام 2015.
بدوره قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إن واشنطن لا ترغب بالإضرار بالدول الصديقة والحليفة التي تعتمد على النفط الإيراني، خاصة بعد فرض عقوبات مشددة على صادرات إيران النفطية.
وأشار بولتون إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تدرك أن عدداً من الدول، بعضها قريب جغرافياً من إيران، لن تتمكن من التوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني على الفور، مضيفاً أن الإدارة الأميركية تدرس ما إذا كانت ستعطي بعض الدول التي خفضت مشترياتها من النفط الإيراني إعفاء من العقوبات التي ستسري على الصادرات الإيرانية في 5 من نوفمبر.
في السياق ذاته، اتهم نائب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إيران بأنها الداعم الأقوى للإرهاب العالمي وعنصر فعال في الأنشطة الإرهابية المختلفة.
وفي تصريحات صحافية أدلى بها بخصوص العقوبات الأميركية المرتقب فرضها على إيران، أشار روبرت بالادينو أن العقوبات التي ستستهدف قطاعات التأمين والإنشاءات والنقل والمعاملات التجارية التي تشمل البنك المركزي بإيران، ستؤثر سلباً على الاقتصاد الايراني.
كما أكد بالادينو أن الإدارة الأميركية ستعيد فرض العقوبات السابقة التي تم رفعها عن إيران عند التوصل لاتفاق النووي.
الى ذلك سلطت وسائل الإعلام الدنماركية، الضوء على الأزمة الدبلوماسية بين الدنمارك وإيران بعد تخطيط الأخيرة لشن هجمات ضد معارضين إيرانيين على أراضي كوبنهاجن.
وكانت الدنمارك أعلنت في وقت سابق استدعاء سفيرها لدى إيران، عقب الكشف عن ضلوع طهران في التخطيط لهجمات إرهابية في كوبنهاجن.
وقالت وسائل الإعلام الدنماركية، في تقارير متنوعة، إن بلادنا تدفع ثمن إغلاق عينها عن الإرهاب الإيراني في أوروبا، كما دعت الاتحاد الأوروبي لمعاقبة النظام الإيراني بفرض عقوبات على طهران لوقف إرهابها في أوروبا.
وأشارت إذاعة “راديو دنماركز” الدنماركية، إلى أن “يد الإرهاب الإيراني طالت الأراضي الدنماركية، موضحة أن “النظام الإيراني استهدف عبر أحد عناصر جهاز المخابرات الإيرانية في الدنمارك، مجموعة المعارضين بزعم الاشتباه بأنهم شاركوا في هجوم على موكب عسكري أسفر عن مصرع 24 إيرانياً في 22 الماضي في إقليم الأحواز عاصمة إقليم خوزستان، ذات الأغلبية العربية.
وأعادت الإذاعة تصريحات فين بورش أندرسون، رئيس المخابرات الدنماركية، والتي قال فيها إن “الهجوم كان يستهدف زعيم الفرع الدنماركي لـ”حركة النضال العربي لتحرير الأحواز (ASMLA).
وأشار أندرسون إلى أن قوات الأمن اعتقلت نرويجياً من أصل إيراني في 21 أكتوبر لتورطه بالضلوع في المخطط الإرهابي الذي كان من المقرر شنه 28 سبتمبر الماضي، وكان سيتسبب في شلل جزئي بالبلاد.
كما أوردت الإذاعة الدنماركية الرسمية إدانة رئيس الوزراء الدنمارك لارس لوك راسموسن، الهجوم بشدة، معتبراً إياه “غير مقبول” إطلاقاً.
ومن جانبها، اعتبرت صحيفة “جايلاندز بوسطن” الدنماركية، أن “انتهاك طهران السيادة الدنماركية، وضلوعها في التدبير لشن هجوم على الأراضي الدنماركية قضية تستحق أن تصبح رواية جاسوسية استثنائية مرعبة”.
وحول تفاصيل عملية اعتقال المشتبه به في المخطط الإرهابي، أوضحت الصحيفة الدنماركية أنه “يوم 2 أكتوبر، أغلقت السطات الدنماركية الجسور بين مخلتف الجزر في البلاد أيضاً الجسور التي تربطها بالسويد وذلك على نطاق غير مسبوق لبضع ساعات، وذلك لمطاردة رجل”.
وكما احتشد المئات من رجال الشرطة والجيش، ما دفع وسائل الإعلام إلى إثارة التساؤل عن سبب الاستنفار الأمني في تلك المنطقة تحديداً، لكن تصريحات رئيس المخابرات الدنماركية كشفت النقاب عن إحباط مخطط إرهابي للنظام الإيراني على إحدى فصائل المعارضة الإيرانية.
إلى ذلك، أشارت صحيفة “بوليتيكن” الدنماركية، إلى أن إجراء كوبنهاجن باستدعاء سفيرها في طهران، غير كافِ، مشيرة إلى أن الاستدعاء على الصعيد الدبلوماسي إجراء مؤقت، داعياً إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية.
وتعددت مشاهد الإرهاب الإيراني في أوروبا، والتي كان بينها تآمر أجهزة المخابرات الإيرانية لتنفيذ هجوم على مؤتمر للمعارضة الإيرانية بمدينة فيلبينت الفرنسية في يونيو الماضي.
من جهته، اعتبر الصحفي الدنماركي كريستيان موريتزين، في تحليل بصحيفة “برلينجسكي” أن “ذلك الحادث آلم جميع البلاد الإسكندنافية وليست الدنمارك وحدها”، مشيراً إلى أن “هذا النوع من الحوادث يجب ألا يثير الصدمة بالنسبة لبلاده”.
وتابع قائلا: إذا ما تعرضتم لذلك (الدنمارك) فهذا يعود إلى أنكم اخترتم إغلاق أعينكم عن الإرهاب الإيراني فيما فعل من قبل في فرنسا، وبلجيكا، وألمانيا، ومؤخراً في بلادنا في محاولات قتل معارضيهم الإيرانيين.
ولفت الكاتب الدنماركي إلى ما قاله وزير الخارجية الدنماركي، أندرس سامويلسين، بأن “الدنمارك تنوي المطالبة بإجراء محادثات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الحاجة إلى اتخاذ عقوبات إضافية ضد إيران”.
وانتقد موريتزين موقف الاتحاد الأوروبي الذي امتنع عن الرد على الحادث الباريسي أو الاتهامات ضد إيران التي تكثف هجماتها في أوروبا”.
عزلة دولية تلاحق إيران .. وخطوات أميركية لخنق نظام الملالي
