عبد المنعم إبراهيم خضر
السودان البلد الواسع المترامي الأطراف , بطبيعته الفطرية به مساحات كبيرة من السهول والأراضي الصحراوية البور القادرة على امتصاص أكبر كمية من الأمطار التي تهطل عليها .. وبه من الأودية الطبيعية ومجاري الأنهار لتصريف الفائض من المياه التي تأتي بها السيول .. فكانت الأمطار والفيضانات في الماضي مهما كانت نسبتها كبرا وعتيا لا تخلف أضراراً تذكر .
قدر الله أن يكون فصل الخريف هذا العام أن تكون سحبه حبلى بالمياه الغزيرة , هطلت على أنحاء السودان جميعها بمستوى واحد تقريبا , أما أضرارها الناتجة عنها فحال الخرطوم العاصمة وحدها يغني عن السؤال .. حيث أن الأمطار الغزيرة التي هطلت فيها حولتها إلى خرطوم أخرى وطمست ملامحها بالمياه المتراكمة في كل الشوارع والأحياء ولم تسلم الشوارع الرئيسة والفرعية من المياه وصعبت مهمة المرور والحركة سواء للسيارات العامة أو الخاصة بسبب عدم توفر المصارف والمجاري الجاهزة والنظيفة لتصريف مياه الخريف والتي جعلت من الخرطوم وضواحيها مستقرا دائما لها وانعكس الأمر بصورة سالبة على مجريات الحياة اليومية للسكان.
وتواجه الآلاف من العائلات السودانية خطر التشرد وانعدام المأوى بسبب فقدان منازلهم , والبعض الآخر منهم مهددون بفقد أرواحهم لتعرضهم لخطر السيول والأمطار وأصبحوا في أمس الحاجة لمعونات عاجلة .
المشكلة الأساسية وراء هذه الكارثة الإنسانية في السودان ليست في الأمطار والسيول في حد ذاتها ولكن في عدم التخطيط السليم لتصريفها والشروع المبكر للاستعداد لفصل الخريف بفتح المجاري والمصارف وتنظيفها وإزالة العوائق الخرسانية والترابية من المجاري الرئيسة والشوارع وتوفير المعينات اللازمة للعمل.
وهذا واجب المسئولين الرسميين في الدولة . والمؤسف حقا أن ما هو مطلوب من استعداد لتفادي هذه المخاطر قليل التكلفة يعني في متناول اليد , ولكنه الإهمال والتفريط .. فعجز المسئولون عجز القادرين على التمام .. فصبر جميل والله المستعان.