ملامح صبح

عايض الظفيري..انتصار حقيقي للشعر في أبهى صوره (1/2)

رؤية : مشعل الفوازي

(يا ثقل نَفسي)

شعر:عايض الظفيري

يآ ثقل نَفسي عَلَى نَفسي و يآ صبره
ثنيتهآ لين صآرَت – غَصب – تثنيني
أَعيش / مآنيب لآرآضي ولآ مكره
آحلآم و آوهآم . . تغريني و تغويني

هَـ الليل درب سهرته وآخره بكره
بكره خذآ الأمس مني وش بـ يعطيني ؟
يَـقدر يرجع ظلآمي مثل مآ يخبره ؟
قبل صلآة العشآء وأمِّي تنآديني:

يآ وليدي الليل ليّل غآبت الصفره
تعآل واِمرح أوخيّك بينك و بيني
أيَّآم كنت أسأل أمي : ليلنا شـ كبره ؟
آنآم و آسمَع : وليدي . . يآ بَعَد عيني

هَـ الكون مآ هزّ في رآسي و لآ شعره
مآ هزّني – غير – صوت أمِّي تصحيني
كنت آحسب الوَقت لآيظلم ولآ يكره
كنت آحسبني آبَكبر بَس بـ سنيني

طفل كبير يتشيطن حزّة السهره
و الصبح مآ كآن ذآك الوقت يعنيني
مآكآن هَـ الصبح يغريني و آبنتظره
إلآ علشآن لعبي مع حبيبيني

مآكنت آحسب الزمَن قآسي على كثره
كنت آحسب إنه إلى آحلآمي / يوديني
هَـ اللحين | يآخيبتي عشره على عشره
هَـ اللحين يآ نَفس . . لوميني و لوميني

عـشته و شفته ويآ صعبه و يآ قشره
مآفيه شَيّ قدَر حتى يسلّيني
وش آخر الصبر يآنفس نفذ صبره
ثنيتهآ . . , و الزمن لآبد . . يثنيني

رؤية: مشعل الفوازي
في بداية النص كانت هناك إشارة تململ ، وضيق من الحالة السائدة ، التي انعكست سلبا على الشاعر حتى ضاق بنفسه ، ودخل في صراع غير متكافئ معها ، عبر : ثنيتها لين صارت غصب تثنيني ، والثني هنا ، لا يعني الهزيمة فقط ، لكنه يأخذ كل دلالات الانكسار ، والإحباط 0كل ذلك لأن الشاعر:
يعيش لا هو بلا راضي ولا مكره

أحلام وأوهام تغريني وتغويني
والجميل هنا ، ليس فقط المحسن البديعي المتمثل في السجع،في: أحلام / أوهام ، أو الجناس في : تغريني / تغويني ، لكنه يكمن أيضا في هذه التراتبية الجميلة فالأحلام تحولت إلى أوهام ، والإغراء تبعه الإغواء، ليظل الشاعر معلقا في دائرة ضيقة من الإحباط ، ويراهن على الزمن الذي أخذ شكل المكان ويردد:هالليل درب سهرته وآخره بكرة00وقبل أن نسترسل في قراءة النص سنتوقف قليلا عند صراع الشاعر مع الزمن في هذه القصيدة ، التي كتبت أصلا عن زمن جميل للشاعر ، ولأن الزمان لم يعد كذلك فإن الشاعر حاول أن يحيده وأن يلجأ للمكان الذي لا تتغير دلالاته مهما تغير شكله 00من أوجه صراع الشاعر مع الزمن ، تحويل الليل كما قلنا من مدلوله الزمن إلى(درب)بمفهومه المكاني،لكن هذا الدرب سيصل في النهاية إلى (بكرة) و المشكلة أن(بكره)هو أساس المشكلة لأنه سيبعده عن الامس 0000 وهذا بُعد فلسفي جميل الى ابعد الحدود0هذا الـ(بكره) الذي سينتهي اليه درب الليل ، هل يستطيع أن يقوم بعملية انقلابية معاكسة لإتجاه الزمن،و:

يَـقدر يرجع ظلآمي مثل مآ يخبره ؟
قبل صلآة العشآء و أمِّي تنآديني

هنا أيضا يحضر الزمن ، لكنه زمن الامس 00 زمن الحلم 0يآ وليدي الليل ليّل غآبت الصفره وبما أنها غابت الصفرة ، فالمؤكد أن الليل ليّل ، وبلغ سقفه الزمني الاعلى المسموح0

طفل كبير يتشيطن حزّة السهره
والصبح مآ كآن ذآك الوقت يعنيني

هنا أيضا ملمح من صراع الشاعر مع الزمن ، فالصبح لا يعني له سوى العودة لما كان عليه قبل أن( يليل الليل):

مآكآن هَـ الصبح يغريني و آبنتظره
إلآ علشآن لعبي مع حبيبيني

ثم يبلغ الصراع بين الشاعر والزمن مداه:

مآكنت آحسب الزمَن قآسي على كثره
كنت آحسب إنه إلى آحلآمي / يوديني

هَـ اللحين | يآخيبتي عشره على عشره
هَـ اللحين يآ نَفس . . لوميني و لوميني

سنخرج من منعطف الزمن الذي دخلناه اضطرارا ، ونعود للقصيدة في بنائها الاساسي ومن حيث توقفنا:

هالليل درب سهرته وآخره بكره
بكره خذآ الأمس مني وش بـ يعطيني ؟

قلنا أنها مراهنة على الزمن ، لكن حتى هذه المراهنة،لا تختلف في نتيجتها،عن الأحلام المتحولة إلى أوهام ، والإغواء الناتج عن الإغراء ، فالمأزق لا يزال أكبر من أن يتم تجاوزه ، لأن هذا الــ بكره يبعد الشاعر عن الأمس الذي هو مصدر طمأنينته ومحضن عشه الدافئ :

هَـ الليل درب سهرته وآخره بكره
بكره خذآ الأمس مني وش بـ يعطيني ؟
يَـقدر يرجع ظلآمي مثل مآ يخبره ؟

قبل صلآة العشآء و أمِّي تنآديني :

يآ وليدي الليل ليّل غآبت الصفره
تعآل واِمرح اوخيّك بينك و بيني

أيَّآم كنت أسأل أمي : ليلنا شـ كبره ؟
آنآم و آسمَع : وليدي . . يآ بَعَد عيني

هَـ الكون مآ هزّ في رآسي و لآ شعره
مآ هزّني – غير – صوت أمِّي تصحيني

هذا الحشد العاطفي / الشفيف ، نستطيع أن نقول أنه لا يحمل أي جديد على مستوى الفكرة ، فالحنين للماضي ، وتذكر تفاصيله الصغيرة ، ثقافة شائعة لدى الشاعر العربي العاطفي بتكوينه النفسي ، والوفي للماضي دائما ، هذا الحنين الذي عرفناه من خلال الأطلال التي كان الشاعر الجاهلي لابد أن يقف عليها في بداية كل قصيدة ، واستمرارية ذلك بأشكال وتوظيفات مختلفة ،عبر الأزمنة الشعرية المتتالية ،حتى بزوغ عصر الشعر الشعبي المليء بمثل هذه التوجدات منذ بواكيره وحتى الان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *