جدة – ليلى باعطية
يتزامن مع بدء الدراسة، عودة موائد المعلمات الصباحية المتنوعة والشهية التي عُرفن بإقامتها لتناول وجبة الإفطار، بالتشارك فيما بينهن على مدار العام، وعند رؤية صور هذه الموائد التي يقمنا بتداولها يلاحظ أنها (إفطار 5نجوم) والفرق الكبير بينها، وبين موائد افطار المعلمين المتواضعة.
” البلاد ” توجهت إلى قرائها من المعلمات والمعلمين لرصد هذه الموائد والانطباع عنها، ومدى استنزافها للجيوب، وإحراجها للبعض ممن لا يرغبن المشاركة فيها. ورصدت أيضاً مشاعر الطالبات حينما يلمحن هذه الموائد الشهية نظير تواضع وجبات الأقطار التي يقومون بشرائها من المقصف المدرسي.• وتبين انتشار الظاهرة لدى المعلمات أكثر من المعلمين ، واشتمالها على مكونات متنوعة ودسمة بالنظر لإفطار المعلمين(المتواضع) ، مائدة المعلمات تضم (ورق العنب والملفوف والمكرونة ووجبات الأرز الصيني والمعجنات والسلطات)، بينما إفطار المعلمين (فول وتميس أو نواشف)، وجبات المعلمات تُكلف 500ريال شهرياً وأكثر، ووجبات المعلمين ريالات قليلة، مائدة المعلمات تكون مجالاً للثرثرة الطويلة ، وإفطار المعلمين الأقل حديثاً، الطالبات يمتنعن عن الاقتراب من غرفة المعلمات أثناء الإفطار حتى لا يتحسرن على حالهن، الخبير الاقتصادي الدكتور “سالم باعجاجة” أكد أن الإفطار ينعش سوق المأكولات ويرهق الجيوب، وهو ما أكدته أيضا تاجرة ومالكة متجر وصفت المعلمات بـ “الأكّيلة”، بينما أخصائية التغذية “وديعة الشريف” أشارت إلى أن وجبات الإفطار غير صحية ، وقدمت أمثلة لوجبة إفطار ووجبات خفيفة مفيدة وصحية؛ وإلى التفاصيل:
• نطلب المطاعم يومياً
تقول المعلمة “زهرة الشريف” إنها المسؤولة عن جمع مبالغ الإفطار الصباحي من صديقاتها المعلمات، في المدرسة التي تعمل بها، والتي تكون مبالغ معقولة في متناول الجميع وليست مرتفعة، وتطلب الإفطار يومياً من مطعم مختلف حتى لا يشعرن بالملل، وحيناً يكون الإفطار فول وتميس، أو من مطعم هندي، أو فطائر أو وجبات دجاج، وغيره.
• المعلمات لا يبالين برشاقتهن
وتشير المعلمة “فاطمة خالد” إلى أن “الأكل” أهم شيء بالنسبة للمعلمات وما يشغل تفكيرهن، وأهم الأطباق لديهن؛(ورق العنب) الذي يحتل الصدارة دائماً، ثم تأتي (الفطاير) و (سمبوسة الجبنة) و (الكيكات). وتضيف أنها تشعر بالحزن عندما تقع أعين الطالبات على موائدهن عند دخول إحداهن لمكاتبهن لأمرٍ ما، ومن خلال سنوات عملها في قطاع التعليم لفت نظرها عدم مبالاة المعلمات برشاقتهن، ولكونها تخاف على وزنها من الزيادة تحاول قد الإمكان تجنّب المشاركة في الفطور.
• ثرثرة على الإفطار
وعندما تصبح موائد الإفطار جاهزة تحلوا الأحاديث بين المعلمات، في هذا الشأن تقول المعلمة ” إيمان عبدالعزيز “: أغلب المعلمات “ثرثارات” إلا من رحم الله , وبكل صراحة توجد منهن” الثرثرات” فيما ينفع وما يضر أيضا ، ، ويظل “الرجل” يتصدر قائمة الأحاديث لديهن، بعد ذلك يأتي “انتقاد” الطالبات، ثم الحديث حول “مديرة المدرسة”.
أما عن اللقاء بعد الإجازة: هناك نوع المعلمة التي تتعمد رفع صوتها ليعلم الجميع بأنها سافرت إلى الخارج مثلاً إلى أوروبا أو أي بلدٍ آخر، أو امتلكت منزلاً أو أقامت حفلاً فخماً، فتبدأ في الإسهاب بالوصف دون توقف، لتبدأ بعدها مرحلة إجابتها على الأسئلة التي تطرح عليها: هل سافرتي بمفردك أو مع زوجك؟ هل اصطحبتِ ابنائك معكي؟ هل سمح لكي بكشف وجهك أو رفض؟، من مصمم الديكور بمنزلك، من أين اشتريتِ الأثاث، إلى آخره من الأسئلة التي لا تنتهي.
• قطيعة لعدم المشاركة
وفيما يخص المبالغ التي تتشارك المعلمات فيما بينهن بدفعها من أجل موائد الإفطار، أشارت المعلمة “شذى سعيد” إلى أنه بسبب امتناعها عن مشاركتهن في هذه الموائد؛ لعدم رغبتها أن يكون أكلها الصباحي دسماً والاكتفاء بإفطارٍ خفيف، لم يحترمن رغبتها وأصبحن يضايقنها بالكلام والنظرات ويمتنعن عن الحديث معها.
500 ريال شهرياً
وتتنفس المعلمة “زمزم حكمي” الصعداء حين تسترجع ذكريات مبلغ المشاركة بالإفطار، حيث أنها تدفع ما يقارب الـ 500 ريال شهرياً هي و14 معلمة في مدرستها، تشمل شراء ( النواشف) و (الخبز) و (الملاعق) و (الشاي) و (القهوة)، بالإضافة إلى شراء الإفطار الذي يصل سعره 160 ريال يومياً، وفي بعض الأحيان قبل نهاية الشهر تكون مبالغ المشاركة قد نفذت فيبدأن التجميع اليومي ؛ فتدفع كل معلمة 10 ريالات لإحضار الإفطار.
وتضيف أن هناك مبالغ أخرى يتم دفعها وتستنزف جيوبهن لأسباب متعددة ما بين ؛ معلمة تزوجت وأخرى أنجبت وثالثة أنشأت منزلا، ورابعة مريضة، وتطول القائمة.
• لا وجود للموائد
أما المعلمة “رانيا أحمد” فتؤكد أنه في مدرستها لا يتم اقامة مثل هذه الموائد للإفطار، إلا في حالة وجود مناسبة أو أمرٌ يستحق إقامتها، ( وكنها عند سؤالها عن الإفطار والمشاركة فيه ) أشارت بأنها ليست اجبارية، وإنما يتوقف الأمر على رغبة المعلمة.
• أثر إيجابي
وعلّقت المعلمة “عاتكة حسن” بأن مثل هذه الموائد كفيلة بتوطيد العلاقات بين المعلمات ومشاركتهن لبعضهن مناسباتهن السعيدة سواء ( تعيين أو ولادة أو زواج وغيره) لذلك أثرها ايجابي ومعناها أكبر من مجرد تناول طعام، خاصةً أن المعلمة تبذل جهداً كبير في وظيفتها التعليمية.
• الإفطار العالمي. للمعلمين
وعند التوجّه إلى المعلمين لمعرفة ما تحتويه موائد إفطارهم الصباحي وصف المعلم ” خالد تركستاني ” إفطار المعلمين بـ ” العالمي ” وهو (الفول والتميس) الذي لا يتغيّر، و أكمل حديثه قائلاً: في حال تطورنا قليلاً يكون إفطارنا ( فلافل وحمص أو بيض ونواشف وفول)، أما عن الموائد الصباحية للمعلمات في المدارس فهذه “لعبتهن وفنٌ يتميزن به ، وأضاف : صراحةً تستحق المعلمات أن يُسعدن أنفسهن حيث يبذلن جهداً أكثر منّا، ويتحملن ضغط الإداريات عليهن!.
• (معجنات) بالمناسبات السعيدة
المعلم ” نايف السالم” عندما رأى بعض الصور لإفطار المعلمات علّق قائلاً: نحن المعلمين لا نقوم بذلك، ويسترجع ذكريات العام الماضي قائلاً: أمضينا أسبوع واحد فقط خلال أيام الدوام الدراسي بالاتفاق بأن يقوم كل شخصين بإحضار إفطار عبارة عن (نواشف) ثم توقفنا، وأصبح كل معلم يُحضر إفطاره بنفسه، وكل شهر نُجهز مائدة متكاملة من (النواشف) وأطباق بسيطة أيضا، ويتم إحضار الـ (معجنات) في المناسبات السعيدة فقط.
• ممنوع اقتراب الطالبات
” سماح محمد ” طالبة في المرحلة الثانوية تقول: في فترة الفسحة أحاول قدر الإمكان ألا أقترب من غرف المعلمات حتى لا يصيبني الاحباط وأنا أرى موائدهن المحتوية ما لذّ وطاب من الأطعمة، وأنا لا أستطيع شراء سوى “ساندويتش” جبنه أو زعتر، ويزداد الإحباط عندما يكون (جافاً).
“مها طالب” طالبة جامعية تسترجع أيام المدرسة قائلة: لا أنسى تلك الايام عندما تصل ريحة الفطائر الى أنفي من غرفة المعلمات، فأنظر إلى “الكرواسو” الجاف الذي بيدي فأحزن على حالي.
• المعلمات “أكّيلة”
تعدّ (الأسر المنتجة) الطرف المستفيد منذ بداية العام الدراسي حيث تشهد انتعاشاً على الطلبات الصباحية، وفي هذا الشأن وصفت ” رفيف الزيلعي ” صاحبة متجر، المعلمات بـ “الأكّيلة” لكون قطاع التعليم بصفة عامة سواءً من معلمات أو إداريات من أنشط عملائها على مدار العام الدراسي سواءً كانت لديهن مناسبة أو لا؛ حيث تتنوع طلبياتهن للفطور الصباحي ما بين؛ (ورق العنب والملفوف والمكرونة ووجبات الأرز الصيني والمعجنات والسلطات)، خصوصاً و الحفلات عندهن مستمرة ما بين ( تقاعد وتعيين وخطوبة وزواج وغيره ).
• وأيضا.. أنشط العملاء
أما التاجرة “هدى رأفت” فتقول : فترة الإجازة المدرسية تعد بالنسبة لها إجازة أيضاً ؛ كونها على مدار العام الدراسي تكون منشغلة بتحضير الطلبيات للمعلمات اللواتي يمثلن الجزء الأكبر من عملائها، وبسبب أنها حازت على ثقتهن أصبحن يتفقن معها على مدار الترم الدراسي بطلبيات محددة ، لتصل لهن مرة كل اسبوع أو مرتين أو أكثر بحسب الاتفاق.
• إنعاش للسوق وإرهاقٌ للجيوب
الخبير الاقتصادي الدكتور “سالم باعجاجة” يقول إنه من الملاحظ ارتفاع الطلب خلال العام الدراسي على المطاعم ومتاجر سيدات الأسر المنتجة بشكل يومي، و تتراوح أسعار طلباتهن ما بين 400 الى 1200ريال، وأكثر الأصناف المطلوبة (ورق العنب) و(محشي الملفوف) و (الكشري) و (الجريش)، و ذلك كفيل بإنعاش سوق المأكولات عموماً والاسر المنتجة خصوصاً، لكن في المقابل يسبب إرهاقاً لميزانية المعلمات اللواتي قد يتحرجن من رفض الانضمام والمشاركة المالية، مما يؤثر على ميزانية الأسرة ويكلف مبلغاً كبيراً شهرياً كان من ممكن الاستفادة منه في أمور أخرى تكون الاسرة بحاجتها.
• يزيد الوزن طوال الدراس
وبعد نقل الصورة كاملة إلى أخصائية التغذية “وديعة الشريف” وضحت أن تناول الإفطار الجماعي واعتباره وقتاً لتبادل الأحاديث أو للراحة بين الحصص ؛ ظاهرة منتشرة بين المعلمات، وغالبا تكون الوجبات غير صحية وغير مفيدة ؛ البعض يُحضر مكونات الوجبة من المنزل مثل: الاجبان غير الصحية كـ”الصفراء أو الدسمة “، ويتبعها اختيار الخبز الأبيض والمخللات وغيرها من الإضافات غير الصحية، والبعض يلجأ إلى شراء المعجنات الجاهزة الدسمة كـ”الكرواسو” والفطائر و”السندوتشات” الجاهزة أو بعض المقبلات كورق العنب والملفوف والمحاشي ، التي غالبا تحتوي على كميات عالية من الدسم أو تكون مخبوزة بالزبد أو بالسمن، وبعد هذا وذاك يتناولن القهوة بجانب بعض أصناف الحلوى والنتيجة زيادة تدريجية بالوزن قد تمتد لطوال السنة الدراسية، وكثيرات من المعلمات يغيب عن ذهنهن الغرض الأساسي من تناول وجبة الإفطار ؛ وهو إعطاء الجسم الطاقة للقيام بأعمالهن الصباحية بكل حيوية ونشاط حتى فترة الظهيرة.
• وجبة الإفطار الصحي
وتضيف الشريف أن الإفطار الصحي إما قبل الخروج من المنزل أو في المدرسة ، يجب أن يشتمل على غذاء مشبع وصحي ومتوازن ، يوفر للجسم احتياجاته من الطاقة بفترة الصباح إلى الظهيرة ، يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية كالكربوهيدرات المعقدة الموجودة في رقائق الإفطار أو الشوفان أو الخبز الأسمر الغني بالألياف، بالإضافة للألبان مثل كوب حليب أو نوع من الاجبان الصحية البيضاء قليلة الدسم غير المطبوخة، إضافة إلى ذلك يجب احتواء الفطور على بعض الخضار الطازج كالسلطات لرفع القيمة الغذائية من الفيتامينات والمعادن، وزيادة الاحساس بالشبع طوال اليوم ؛ لاحتواء الخضار على كميات جيدة من الألياف، ويجب ألا نغفل الفاكهة لما تحتويه من سكريات طبيعية تزيد من إنتاج الطاقة بالجسم وتحتوي على الألياف .
وتنوه الشريف إلى أنه يجب تجديد الطاقة بتناول الوجبات الخفيفة بعد الإفطار بـ3 أو 4 ساعات ، أو بين الحصص لتجديد الطاقة خلال اليوم العملي الطويل، وأفضل أمثلة للوجبات الخفيفة ؛ الفاكهة الطازجة أو مقدار قبضة اليد من المكسرات النيئة أو أصابع بسكوت الشوفان الصحي حيث أنها ستجدد الطاقة والإحساس بالشبع إلى فترة الغداء.
• نظام غذائي
وقدمت “الشريف” مثال مبسط يوضح إفطار صحي متوازن وغني بالألياف ليمد الجسم بالطاقة طوال فترة الصباح:
– إما كوب من الحليب مع قبضة يد من رقائق الإفطار أو الشوفان بالإضافة لثمرة فاكهة كالتفاح أو الكمثرى، ويمكن تناول المكسرات أو أصابع بسكوت الشوفان كوجبة خفيفة تابعة لوجبة الفطور.
– أو يمكن تناول قطعة من الخبز الأسمر أو “التوست” الأسمر الصحي أو الرغيف الصحي الغني بالألياف مع قطعة من الجبن الأبيض أو اللبنة قليلي الدسم، بالإضافة لملعقة صغيرة من العسل مع طبق من سلطة الخضار الطازجة، وبهذه الحالة يمكن تناول الفاكهة كوجبة خفيفة بعد الإفطار بـ3 أو 4 ساعات.