[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]غازي الدليمي[/COLOR][/ALIGN]
٭٭أبناؤنا وبناتنا فلذات اكبادنا تمشي على الارض، ونتمنى لهم ان يحظوا بالسلامة الفكرية والنفسية لينعموا نتيجة لذلك بمستقبل آمن من كل المزالق والاخطار، غير ان هناك تحفظات على بعض مكتسباتهم المدرسية لابد من طرحها ومناقشتها .احاول جهدي، مثل غيري من الآباء ان احدث التوازن في ذهن ابني وابنتي لكيلا يقعوا في مزالق الازدواجية بين فكر البيت وفكر المدرسة التي يقضون فيها ثمان ساعات يومياً، بينما نحن لا نقضي معهم سوى سويعات ما قبل النوم .لا استطيع ان اقول ان ذلك المدرس الذي صب في ذهنكم هذه الفكرة على خطأ ولا استطيع ان اتركه نهباً لافكار التهييج ضد الآخر، الذي يشاركه الارض والسماء والرزق والمستقبل .
الصغار اواع جاهزة، غير محصنة يمكن ان تدلق فيها الافكار : ان كانت حسنة وان كانت سيئة، ولذلك نادى الحكماء بأن تحصن من مرحلة الحضانة بالافكار الحسنة البناءة لكي تقوى على الصمود امام الافكار الهدامة التي لن تسلم من التعرض لها، والمشكلة
هي فيمن يقرر نوعية التحصين لاذهان صغارنا .فاذا لم تكن الامة على كلمة سواء تجاه الآخر على سبيل المثال، فانه سيكون لك طريقتك وافكارك في التحصين وسيكون ليطريقتي وافكاري .وبينمايظن كل منا انه يمارس التحصين السليم للاذهان الغضة يصل الطفل الى سن الشباب محملاً بالتناقضات التي تؤزَّمه نفسياً واجتماعياً، فيصبح اكثر استعدادا للانقضاض على افكار الآخر ومكتسباته .ومن ذلك تنشأ هذه الصفوف الطويلة من الشباب الذين يحكمون على الناس والاشياء من حولهم حكماً قاطعاً لا يقبل النقاش ولا يتقبل حوار الآخر وافكاره .وحين تنشأ الرغبة في تغيير السلوك تكون قد فاتت فرصة التأثير في هذا السلوك بعد ان فاتت السن المناسبة لاحداث هذا التأثير في ابسط مثال ما في مدننا العربية من المحيط الى الخليج من الاعتداء على حق الطريق، الشاب الذي لم تعلمه المدرسة المبكرة هذا الحق يعتدي على الناس جهاراً نهارا، بل ويقتلهم ويجرحهم ويشكل حيواتهم، وهو في الوقت نفسه، يعتدي على نفسه حين لا يعير سلامته الشخصية انتباهه، ويتمادى في سوء التصرف وارتكاب الاخطاء المميتة له ولغيره .هذا الشاب لو علمته الحضانة والابتدائية السلوك الامثل على الطريق لما اوقع نفسه وغيره في المهالك ولما تجرأت على حق الآخرين .وقس على هذا المثال البسيط بقية الامثلة التي تلقي بشبابنا كل يوم في حفر الافكار الهدامة وتدفعهم لارتكاب الاخطاء والخطايا بدم بارد جراء تفويتنا لفرصة تحصينهم، بناءً على معطيات الحياة وليس بناءً على عواطفنا وانطباعاتنا .الشباب العربي الآن تائه في دروب الحياة، ليس له قدرة يتأساها ولا يملك القدرة على اتخاذ اقرار الصحيح ..كل مايملكه حالة من الاضطراب الذهني بين فكر هذا ورأي ذاك، تكون النتيجة في هذه الحالة خسران مبين لشباب نقول انهم سيبنون المستقبل، لكن هذا المستقبل لا يوجد سوى في خطبنا الرنانة وامانينا البائسة التي نوزعها عبر المنابر ووسائل الاعلام .
المستقبل العربي مظلم جراء الضباب الذي يغشى اذهان صغارنا الذين يتقلبون بين اجتهادات فردية وواقع حياتي لابد ان يفهموه ويتعاملوا معه .والخطورة تنشأ وتكبر كل ما اوغلنا في التمايز عن الآخر الذي يفترض ان نشاركه صناعة الحياة .والحياة لا يصنعها
من في قلبه ذرة من موقف تجاه الاخر .صنَّاع الحياة هم الذين يقدرون الحياة ويتجاوزون اخطاء الماضي ويعيدون قراءة حاضرهم من اجل مستقبلهم .
ما هذه القراءة، اي قراءة الحاضر فان من اهم شروطها ان نضع على طاولة الحوار كل ما تعارفنا ونشأنا عليه، لننظر بتجرد الى ما يضمن مستقبلاً معافى لاطفالنا، وإلا فاننا سنظل نجتر افكارنا ومآسينا وامانينا بينما ابناؤنا يضرسون ويعلنون .
[ALIGN=LEFT]ghazi .Duimi@gmail .com[/ALIGN]