أرشيف صحيفة البلاد

صرخة غضب تزلزل عرش الملالي

طهران ــ وكالات

في تطور لافت للأحداث التي تشهدها إيران تعالت الأصوات المطالِبة برحيل المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي ونظام الملالي بعد أن حولوا البلاد إلى خراب، وأفقروا الشعب بإنفاق المليارات على الأجندات الخارجية والميليشيات الطائفية المؤدلجة في العراق وسوريا واليمن.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في مختلف المدن الإيرانية امس “الخميس”، حيث ينذر الغضب الشعبي الناجم عن تدهور الاقتصاد وانهيار الريال والفساد والقمع، بثورة شاملة على نظام خامنئي.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المقاطع المصورة لمظاهرات غاضبة في معظم مدن ومناطق البلاد، لاسيما في العاصمة طهران وشيراز وأصفهان ومشهد وكرج.

وأفاد ناشطون باستمرار “الانتفاضة لليوم الثاني” في شابور الجديد بأصفهان، حيث هتف المحتجون “خامنئي اخجل واترك البلاد؛ الموت للدكتاتور؛ لا تخافوا لا تخافوا كلنا متحدون معا”.

وهاجم الأمن المتظاهرين بقنابل الغاز في شابور الجديد، إلا أن المحتجين “تصدوا للقوات القمعية وأحرقوا إطارات السيارات”، وفق ما قال موقع “الحرية لإيران” المعارض.

وحيت زعيمة المعارضة، مريم رجوي، المتظاهرين في أصفهان، وخاصة “الشباب الغيارى في شابور الجديد الذين يتصدون لهجوم القوات القمعية..”.

وقالت “هؤلاء هم مبشرو تحرير الوطن الأسير من يد النظام السفاح الذي احتل إيران باسم الدين”، داعية “عموم المواطنين خاصة الشباب إلى دعم المنتفضين في أصفهان وكرج وشيراز”.

وفي شوارع مدينة كوهردشت غربي طهران، أضرم محتجون النار في سيارات الشرطة وهم يهتفون “الموت للدكتاتور”، وذلك ردا على إطلاق الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع.

أما في شيراز، فقد نزل المئات إلى الشوارع، ليحبطوا بذلك “محاولات عناصر قوى الأمن المنتشرة في الشوارع للحؤول دون تنظيم المظاهرات”، وفق ما قالت منظمة مجاهدي خلق.

وردد المحتجون “اخجل يا روحاني، اترك الحكم والبلاد” و”بالمدفع والدبابة والمفرقعات، فعلى الملالي أن يرحلوا”، فيما عمد آخرون إلى حرق إطارات السيارات وسط الشوارع.

وفي مدينة شاهين شهر التابعة لمحافظة أصفهان، خرج مئات من الإيرانيين بهتافات تطالب الآخرين بالانضمام إليهم في حركتهم الاحتجاجية، التي يبدو أنها ستتصاعد في الأيام المقبلة.

وقالت المعارضة إن المئات تجمعوا في ساحة “ونك” وسط العاصمة حيث رددوا هتافات ضد النظام، في حين هتف المحتجون في مشهد “الغلاء والنكبة .. الموت لروحاني”.

فيما استخدمت قوات الأمن الإيراني بدعم من الحرس الثوري في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، القوة لتفريق المحتجين.

وقالت وسائل إعلام معارضة، إن “قوات من الحرس الثوري والشرطة قامت بقمع متظاهرين رددوا شعارات ضد الحكومة وبعض المسؤولين في النظام من بينهم المرشد علي خامنئي، وحاولوا الوصول إلى مرقد الإمام علي بن موسى الرضا ثامن الأئمة المعصومين بحسب المعتقد الشيعي، لتنظيم اعتصام داخل المرقد”.

والانتفاضة الشعبية تأتي مع استعداد الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على إيران الأسبوع المقبل، والتي تم رفعها بموجب الاتفاق النووي الذي تخلى عنه الرئيس دونالد ترامب.

وأثار ذلك المخاوف من تعرض إيران لمعاناة اقتصادية طويلة ومزيد من الاضطرابات المدنية في البلاد، التي تعاني من جراء سياسة نظام الملالي القائمة على هدر الموارد الوطنية لتحقيق أجندته الخبيثة.

ويبدو أن التطورات الراهنة في الداخل الإيراني بعد تدهور قيمة العملة المحلية (الريال) أمام الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياتها، وازدياد التذمر الشعبي، جراء دعم المغامرات العسكرية بالخارج، أدت إلى تقلص قدرة نظام الملالي على مواصلة دعم مليشياته التخريبية بالأراضي السورية.

وأفادت وكالة أنباء “تاس” الروسية، نقلا عن ألكسندر لافرينتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، أن المليشيات التابعة لطهران تعتزم “الانسحاب” من مواقعها بمرتفعات الجولان إلى مسافة تقدر بنحو 85 كيلومترا، بهدف “تجنب إزعاج” إسرائيل، التي شنت عدة ضربات مؤخرا ضد أهداف عسكرية إيرانية بالأراضي السورية.

وأضاف “لافرينتييف”، في تصريحات على هامش مفاوضات سوتشي بشأن أزمة سوريا، أن قوات إيرانية في الجولان بدأت بالتراجع من هذه المنطقة، في الوقت الذي نوه فيه “راديو فردا” الناطق بالفارسية، بأن “الرضوخ الإيراني” يأتي بعد مرور أقل من شهر على لقاء جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث طالب فيه الأخير بضرورة مغادرة مليشيات إيران بالكامل.

ورجح المسؤول الروسي أن الخطوة المقبلة ستكون العمل على تمهيد منطقة منزوعة السلاح بين سوريا وإسرائيل، وإطلاق العمل الشامل لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، لافتا إلى أن موسكو نسقت هذه الخطة مع الطرف الإسرائيلي، فيما يرى مراقبون أن موسكو أبدت استجابة جزئية لمطالبات عدة من تل أبيب بضمان الانسحاب الكامل لطهران من دمشق.

وتعد المليشيات الإيرانية مثل الحرس الثوري، وحزب الله اللبناني، وغيرهما، أبرز داعمي نظام بشار الأسد إلى جانب روسيا، في القتال ضد قوات المعارضة السورية، حيث شنت إسرائيل غارات جوية متكررة بالأشهر الأخيرة ضد مواقع عسكرية إيرانية، كما استهدفت عمليات نقل أسلحة وعتاد داخل الأراضي السورية.

وباتت الأراضي السورية مستنقعا لطهران بعد مقتل عديد من جنرلات مليشيات إيران العسكرية مؤخرا، لا سيما الحرس الثوري المنخرط في القتال، إلى جانب قوات نظام بشار الأسد منذ نحو 6 سنوات في أعقاب اندلاع الأزمة السورية، في الوقت الذي باتت معه دمشق ساحة خلفية لأنشطة طهران التخريبية، وهدفا ضمن خطتها للهيمنة وبسط النفوذ بالمنطقة.

وفي أعقاب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في مايو الماضي، وفرض عقوبات اقتصادية جديدة، توقع موقع تحليلي مقرب من وزارة الخارجية الإيرانية أن يواجه نظام الملالي أزمة عصيبة في سوريا خلال الفترة المقبلة، معتبراً أن الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقع عسكرية هناك أدت إلى فوضى في العلاقات الدولية، على حد قوله.

وأشار موقع “إيران دبلوماسي” أو “الدبلوماسية الإيرانية”، الذي يرأس تحريره صادق خرازي أحد أبرز الدبلوماسيين الإيرانيين، في تقرير له، إلى أن إيران، التي تدعم مليشيات عسكرية تقاتل إلى جانب النظام السوري، تواجه عراقيل متنوعة مستقبلاً في الأراضي السورية، لافتا إلى أن البداية كانت مع اندلاع أزمة سوق النقد الأجنبي، وانهيار العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

واعتبر التقرير حينها أن استمرار انهيار الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي سيفاقم من صعوبة تدبير طهران النفقات الطائلة التي تنفق على المليشيات الطائفية المقاتلة بالأراضي السورية مثل “فاطميون” وغيرها.

وفى سياق منفصل تسلمت بلجيكا إرهابيا من أصل إيراني، اعتقل في فرنسا إثر تورطه في التخطيط لاعتداء على تجمع للمعارضة الإيرانية نهاية يونيو في شمال باريس.

وأكدت النيابة الفيدرالية البلجيكية، أن مرهاد أ، وهو بلجيكي من أصل إيراني يبلغ من العمر 54 عاما، تم تسليمه للقضاء البلجيكي المكلّف بالتحقيق بالتعاون مع فرنسا وألمانيا.

ويشتبه بأن مرهاد متورط في “محاولة اغتيال إرهابية” و”التخطيط لتنفيذ اعتداء”، بحسب مذكرة التوقيف الأوروبية التي أصدرها القضاء البلجيكي بحقه في الثالث من يوليو.

وأوقف الرجل في 30 يونيو الماضي، وفي اليوم ذاته تم في بروكسل توقيف زوجين بلجيكيين من أصل إيراني لتورطهما في التخطيط للاعتداء، وعثر في سيارتهما على 500 جرام من المتفجرات، وتم استجواب دبلوماسي إيراني لدى ألمانيا بسبب تواصله معهما.

وشارك نحو 25 ألف شخص في تجمع المعارضة الإيرانية بحضور اثنين من المقربين إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ الرئيس السابق لمجلس النواب نيوت جينجريتش ورئيس البلدية السابق لمدينة نيويورك رودي جولياني.