أرشيف صحيفة البلاد

صباحات لاتُنسى

اليوم هو الثلاثاء…

لسنوات طِوال كان هذا اليوم هو اليوم الذي أصاب فيه بأزمة تنفّس، أو بعرض طارئ، مثل أن يحدث فيه أمر سيّء أو لا يحدث على الإطلاق لكنه يستمر ببثّ هذا الشعور الخانق، مثل أن أقابل في يومي أحد سيّء الخلق، أو أفتقد أحد ما افتقادًا مُرًّا ومروّعاً، هذا ما أريد قوله. كان يوماً دائم الكراهية، وبغير قصد أيضًا، أحيانا كنت أقوم لأصلي المغرب مثلاً أو أخرج من المنزل في نزهة صغيرة أو أتحرك عن الأريكة لأصنع لي طعاماً فأجد في قلبي ما يجرّني إلى الهاوية، والحضيض، ، والمزاج المعتلّ، ثم أسرح في أحداث يومي لأبرر هذا الشعور. ولا أجد، لقد كان للثلاثاء طريقته المفاجئة والصادمة أحيانا في إزعاجي، وأعرف بداخلي أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا لكنه كان شعوري المستمرّ إلا نادرًا.

اليوم هو يوم ثلاثاء نادر. ذلك الذي يحنو عليك من صباحه. الذي يتنكّر بهيئة أربعاء، الذي يشرع أبواب الفجر كلها لوجهك، ثم يقول لك صباح الخير، اليوم هو اليوم الأول الذي استطعتُ فيه صنع كوب الموكا الخاصّ بي وحمله إلى الدوام، لم أستطع فعل ذلك من قبل لضيق الوقت، اليوم خرجتُ أيضاً وشعري مصفف بالطريقة المثالية التي أحبّها، ارتديت قميصي الأسود ذو النقاط الصغيرة الزرقاء البارزة، وكان هو أيضاً غاية في اللطف والأناقة، كيف ليوم يُسايرك أوّله ويسير معك ألا يكون جميلاً؟ أيضاً حملتُ معي على عجلة، كتاب بحر ساركاسو الواسع المترجم إلى العربية ل جين ريس، لم أقرأه بالطبع لازدحام يومي لكن حقيقة أني حملته معي ووجدت الوقت لذلك كانت خلّابة.
يفترض أن تطرق هذا الرسالة بريدك في الثامنة أو التاسعة أو حتى العاشرة صباحًا، لكنها لأسباب واضحة تأتي من قبيل رسائل الظهيرة.
الظهيرة الحنونة دائماً، لماذا يكره الناس هذا الجزء من اليوم؟
إنه جزئي المُسالم، الخاصّ الذي يبسط لقدميّ الألحفة الوثيرة ويرفع درجة التكييف، ويحتويك بكل دعة الكون، المهم أنا أتأسف إن كان شعورك تجاه الظهيرة يختلف عن شعوري وطرقت هذه الرسالة بابك وأنت غاية في التعب والإنهاك..
ماذا أيضاً؟ أجلس الآن بانتظار السائق.
قدرتي على الإيثار تدهشني كل يوم، لا تهم القصّة الآن، لكن يهم جداً كيف أنني أقدم الآخرين أحيانا. الذين لا أعرفهم أو لا يعنيني شأنهم، على نفسي برغبة ورضا كاملين.
أعتقد أنني نادرة، هل تظن ذلك أيضاً؟
فيما يخص يوم الثلاثاء، بعد سنوات من هذا الإحساس الذي يجلس على قلبي، هممتُ بالبحث، بعد أن صادفتُ في حياتي الكثيرين الذين يمر بهم الثلاثاء ويحييهم بنفس الطريقة التي يفعلها معي.
لقد أصبح كل شيء منطقياً، كنت أشعر أنه من الجهل أن أصف يوماً ما بالبرودة، أو اللامبالاة، في الأخير الأيام لا تتكلم. لكنني عثرتُ على ما يدعم إحساسي. لقد عرفتُ أيها الثلاثاء البئيس لماذا أنت هكذا؟
**
بقلم/ أماني…