اختلفت الشعوب في بيان مفردة هذه الكلمة .. ولكنها اتفقت على أنّ الفساد هو الضلال والباطل واستخدام السلطة أو عدمها في أخذ حقوق الناس ظلما وبدون وجه حق … ويخطئ من يظن أنّ الفساد يعني السلطة المطلقة والقدرة على التصرّف لأنّ الفساد يدخل في صغائر الأمور في حياتنا ولا يشترط فيه القدرة .. فهو كالمرض يسري في القلوب ويفسدها وينزع منها الإنسانية ويقتلع من النفوس الاحساس وينتزع منه الشعور بالانتماء للفضيلة .
الفساد آفة بكل أسبابهـا وأشكالها … تلتهم جسد النزاهة … وتـمـزق أوصـال الأمـانـة إربـا
فـالظلم والتعدي على الحـقـوق ضد العدل والأمانة , وتعتبره الدول احدى الجرائم التي تحارب الإنسانية وتستهدف حقوق المواطنة وتشجع على الظلم وانتهاك حقوق الإنسان
بينما نحن في عصرٍ أشد ما نكون فيه بحاجة للمصداقية والشفافية التي تحمي الحقوق وتحافظ على الممتلكات المادية والمعنوية وتحمي الحقوق الفكرية
نحن بحاجة لشعبٍ واعٍ عالم بحقوقه وملم بواجباته نحو ذاته وممتلكاته ولديه خبرة في التعامل مع المتغيرات المجتمعيّة والحوادث الطارئة التي تحدث في الشعوب وتتناقلها المجتمعات تأثيرا وتأثرا
وتسعى الدول جاهدة لمحاربة الفساد وبتر جذوره وقطع أوصاله وتمزيق شمله
وتوعية المواطنين بحقوقهم وتحريضهم على رفضه ودعم كل محاولة لهم للخلاص من الفساد وعدم الـوقـوع في شـبـاكـ المفسدين .
وفي حديثي اليوم سوف أخص الأمهات وأوجه لهن نداء من القلب للقلب وأقول:
سيدتي .. أنت في أسرتك ربة البيت وسيدته
أنت مربية الأجيال
فـ كيف يمكنك محاربة الظلم وما هي وسائلك المتاحة لمقاومة الفساد قبل انتشاره بين أفراد أسرتك ..؟
قال الرسول ـ ? ـ : ” أدّبني ربّي فــ أحسن تأديبي ”
وقال عليه الصلاة والسلام : ” إنّما بُعـثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ”
إذن أساس الحياة الدين
وقوامها الأدب والأخلاق
وسقفها الفضائل والشيم
الحياة أسلوب تعامل قائم على الدين والمعاملة والدين هو المعاملة
نحن مطالبون بـ الإخلاص في علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى , وبـ الصدق مع أنفسنا وبــ الالتزام في جميع مجالات حياتنا … وبـ الشفافية في جميع تعاملاتنا
وبـ الأمانة في تربيتنا ورعايتنا لأبنائنا هذا الجيل الواعد الذي عليه تقوم الشعوب وترتكز المجتمعات
… من سلك طريق الأمانة والنزاهة غنم الخير وبلغ الأمان ووصل بسلام وتأصّلت في نفسه معاني الفضيلة
***
***
سيدتي
ما أجمل أن تربي أبنائك على فضل الأمانة وثواب العامل بها وأجر القائم عليها
وما أروع أن تغرسي في نفوسهم حب الخير والعدل .. وأهمية مقاومة الظلم والوقوف في وجه الباطل وتحدي الفساد بشتى صوره .. وبكل ما منحهم الله سبحانه وتعالى من قوّة .. وما أجمل أن تجعلي من أبنائك عنوانا للنزاهة وتحققي لـهـم الصلاح والهدايـة وتضمني لهم بإذن الله السـيـر على طريق الأمن والسلامة
سيدتي
علمي أبنائك أن النزاهة حقّ .. وأنّ الفساد حرْق
علميهم أنّ الأمانة رزْْق … وأنّ الباطل وبْق
علميهم أنّ عاقبة الخيانة والفساد الجدب والقحط
وعاقبة الأمانة الخير والسعد
علميهم أنّ الأمانة رضا وقناعة … وأنّ الفسادَ طمعُ ومجاعـة
علميهم أنّ فـي العدل مهابـة … والودائـع ردّهـا كالشمـس واضح
علميهـم أنّ في التقـوى نجابـة … والنزاهة منها صوت الحـق صادح
علميهـم أنّ في الحكمة صلابة … علميهم أنّ سيف العـقـل نادح
وامنحيهم من حنانك مُستطابه … واجعلي عمق الأنا بالحب ناضح
نمّي في نفوسهم حب العطاء وخدمة الآخرين بلا مقابل ودون انتظار جزاء منهم
وأنّ قمّة السعادة أن يشعر الآخرون أنهم ينتمون إليهم ولأخلاقياتهم ومعتقداتهم السمحة
***
سيدتي
لا تحرضي أبناءك على استخدام القوّة واستغلال السلطة لتحقيق مآربهم داخل أفراد الأسرة
أسـكـبْ على درب الفضيلة قطـرةٌ
مـن راشـفـات الـورد فــي خـدّ الـصــبــاح
إنّ الـخـيانـة والضلالـة وصفـة ٌ
تقصي ضعيف النفس عن صفّ النجاح
وأنّى لك ذلك سيدتي ..؟
تعالي معي ولنحاول معا أن نضع ملامحا تتجلى أمام ناظريك ولا تغيب.
كوني قدوة لأبنائك في الأمانة والنزاهة وحب الفضيلة
كوني أمينة مع أبنائك في تربيتهم وتنشئتهم على الدين القويم والخلق الحسن
احرصي على أن ينشأ أبناؤك في بيئة يسودها حفظ الحقوق والتساوي في الواجبات والعدل في المعاملة
قفي في وجه طموح ابنك الأكبر وامنعيه من التعدي على حقوق الأصغر
اجعلي الأمانة والنزاهة تزخرف زوايا مملكتك … وتزين أطباق مأدبتك
لا تأخذي حقا من أحد أبنائك وتعطيه للآخر بحجة أنه الأصغر ومن حقه الأبيض والأخضر
كوني عادلة في التعامل مع أبنائك وساوي بينهم في توزيع المهام عليهم في داخل المنزل وخارجه
ادعمي وشجعي كل موقف إيجابي يصدر من أبنائك تتضح فيه ملامح الأمانة والنزاهة
قفي بوجه كل تصرف يصدر من أحد أفراد أسرتك يشجع على الظلم والباطل وسلب الحقوق .
اغرسي في أبنائك حب الوطن والإخلاص لقائده والانتماء لأفراده
اغرسي في نفوس أبنائك حب الخير والإحسان ونبذ الأنانية
***
وأخيرا سيدتي كوني ” كاملة إنسانيّا ”
كفى شـرفـا يا سيدتـي … تكونين الأمان لهـم
وإن كـان الأمـان مـهـم … فـ أنت للحياة أهـم
وعلى الود نلتقي : فـوز
بقلم / الشاعرة : عروق الظمأ