الطائف- واس
برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- انطلقت امس الدورة الثانية عشرة من سوق عكاظ في موقع السوق بمحافظة الطائف.
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ ، أن سوق عكاظ يحظى برعاية واهتمام خاص من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله – نظرًا للأهمية التاريخية والحضارية للسوق.
يعد (سوق عكاظ) محطة رئيسة مهمة في تاريخ المملكة والجزيرة العربية لما يمثله من دور اقتصادي وحضاري وثقافي على مدى عصور. ويمثل(سوق عكاظ) قيمة وأهمية تتجاوز دوره الثقافي كنشاط موسمي والسياحي والتراثي كفعالية وطنية مهمة إلى أدوار أعمق تتمثل في مكانته التاريخية والحضارية، ما يجعل إحياءه والاهتمام به هو إبراز للبعد الحضاري للمملكة وهذا هو أحد الأهداف الرئيسة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
ويعد سوق عكاظ أكبر أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، وهو أشهر ملتقى للتجارة والفكر والأدب والثقافة المتنوعة للقبائل العربية، والوافدين إلى السوق من أنحاء الجزيرة العربية، يحضره فحول الشعراء، والخطباء، والأدباء، ويمارس فيه رواد السوق الألعاب الرياضية ومنها الفروسية والعدو والرمي, كان للعرب أسواق موسمية في أوقات محددة في مواقع مختلفة في أنحاء الجزيرة العربية.
وتجمع المصادر التاريخية والأدبية على أن تاريخ بداية سوق عكاظ كان في حدود عام 501 للميلاد، حيث كانت طرق التجارة قد انتظمت، وتقاطعت على جزيرة العرب مع تطور الممالك العربية في مختلف أنحاء جزيرة العرب، وكانت مكة المكرمة محجة للعرب من آلاف السنين، كما كانت مدن القوافل قد أخذت مكانتها التجارية والاقتصادية ومنها الطائف وما ولاها.
ومن الشواهد على قِدم سوق عكاظ الارتباط الوثيق بينه وبين إيلاف قريش، وبذلك استقرت تجارة قريش مع الممالك المجاورة.
وقد احتلت سوق عكاظ مكاناً جغرافياً يستوعب التجارات المحلية والإقليمية والقوافل التي ترد من خارج حدود جزيرة العرب، وشكل توقيت تنظيم السوق في فترة زمنية تسبق موسم الحج، في شهر ذي الحجة، مدتها 21 يوماً.
وارتبط سوق عكاظ بنشأة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ونشر الإسلام بين قبائل العرب، والدعوة لدين الله، وقد احتضنت ديار بني سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أتت به حليمة السعدية رضي الله عنها، ليقضي طفولته في مرابع قومها في أرض رعوية إلى الشمال من مكة المكرمة، وليست ببعيدة عن موقع سوق عكاظ. وقد جاءت به حليمة السعدية إلى سوق عكاظ عندما كان في حضانتها.
وكانت العرب قاطبة ترد مكة المكرمة أيام المواسم، وترد سوق عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، وتقيم هناك الأيام الطوال.
وشهد الرسول صلى الله عليه وسلم في سوق عكاظ حرب الفِجار، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: ” قد حضرت مع عمومتي ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت “، وحضر الرسول صلى الله عليه وسلم، سوق عكاظ صبياً، وحضرها شاباً، وحضرها بعد البعثة.
وقد ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس إلى عكاظ ليريه منازل أحياء العرب، فكان بعد هذا يتردد على من يتوسم فيهم مساعدته أو الاقتناع بدعوته لهم لدين الإسلام.
وقابل الرسول صلى الله عليه وسلم في عكاظ قبائل عدة كان يعرض عليهم الإسلام، ويبحث عن من يمنعه حتى يبلغ رسالات ربه، حتى بعث الله إليه الأنصار، من أهل المدينة.
وبقي سوق عكاظ مركزاً تجارياً خلال العصر الإسلامي المبكر، وكذلك محطة رئيسة على طريق الحج القادم من اليمن مروراً بنجران وعسير والحجاز.
أما موقع سوق عكاظ، المسرح الكبير، الذي شهد تجارات العرب، ووفد إليه قبائل العرب وزعمائهم، وقادتهم، وشعرائهم وخطبائهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وشهد على أحداثه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد بقي موضعه الجغرافي وآثاره شاهد على تاريخ وماضٍ يتجدد، في أرض الرسالات وأرض الحرمين الشريفين، وشرف لمن أراده الله لها المملكة العربية السعودية.
وكان ولايزال إحياء سوق عكاظ محل اهتمام الدولة بأعلى مستوياتها.
وحينما باشر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مسؤولياته أميراً لمنطقة مكة المكرمة، تبنت إمارة المنطقة فكرة إحياء “سوق عكاظ” بعد انقطاع 13 قرناً؛ ليكون السوق أحد أهم مخرجات الاستراتيجية التنموية للمنطقة.
وتنظم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية الرئيسة في الطائف, هذه الدورة التي تمتد خلال الفترة من 13 إلى 29 شوال 1439هـ الموافق 27 يونيو إلى 13 يوليو 2018م، وتحفل بالعديد من الفعاليات الجديدة والمتميزة التي عملت عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركاؤها في محافظة الطائف خلال أشهر من الاستعدادات لهذه المناسبة المهمة.
واكد سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية العليا ، أن سوق عكاظ يمثل معلمًا ورمزًا مهمًا للتراث الحضاري للمملكة بلاد التاريخ والحضارة، وسوق عكاظ يستحضر هذه الحضارة والتاريخ ويعرضها بطريقه جاذبة ،
مؤكدا أنها مناسبة وطنية مهمة لأننا نستعيد فيها المكانة التاريخية والحضارية لهذه البلاد، وسوق عكاظ الذي يحيا من جديد كان احد الحلقات المهمة في تاريخ هذا الوطن وتاريخ الإسلام والحلقات المتكاملة التي جذبت الازدهار الاقتصادي لهذه المنطقة ، مؤكدا أن مشروع خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري الذي يمثل سوق عكاظ أحد عناصره، يركز على إبراز العمق الحضاري للمملكة العربية السعودية، ولذلك الملك سلمان – حفظه الله – مهتم بأن يرى هذا المشروع النور،
ودعمت الدولة المشروع بملياري ريال تقريبا لإنشاء متاحف ومشاريع تراثية، ودعم البرنامج بأكثر من خمسة مليار في المرحلة الأولى، ووجود الهيئات الأخرى التي لديها مشاريع مدعومة تصب في صالح مشروع برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، نحن بلد الحضارة وبلد التاريخ، وفي فترة صدقنا ما يقال عنا بأنه ليس لدينا محتوى حضاري، ولذا عملت الهيئة وشركاؤها بقوة ونفذت العديد من المعارض والمشاريع لتبرز تراث المملكة الحضاري، وسعدنا بأن تصل مكانة المملكة وسمعتها الحضارية الآن من خلال هذه المعارض والمشروعات إلى معظم دول العالم.
ويشهد سوق عكاظ عددا من الفعاليات والأنشطة التي تعرف بتاريخ الجزيرة العربية وحضاراتها والإرث التاريخي للسوق ومحافظة الطائف، من خلال 17 منظما سعوديا من كافة مناطق المملكة.