حيدر ادريس
خبر مؤلم تعرض لأبشع أنواع الاستغلال ممن ينتمي بعضهم إلى المعارضة الذين أصبحوا لا يفرقون بين أمن واستقرار وسمعة ومصلحة وطنهم السودان وبين صراعهم مع الحكومة.
الخبر أفاد أن شخصاً وضع حداً لحياته في أحد أحياء مدينة الخرطوم وصادف أن كان موقع الحادث بجوار فرع لديوان الزكاة , وللعلم تجربة ديوان الزكاة في بلدي من أنجح التجارب في العالم الإسلامي وباعتراف مشهود ومؤكد في العديد من المحافل, ولكنهم أرادوا حشر الديوان في الموضوع لغرض في أنفسهم فزعموا أن الرجل بعد أن فشل في الحصول على مساعدة من الديوان لمواجهة متطلبات أسرية نحر نفسه خارج مبانيه.
انتشر الخبر كما تنتشر النار في الهشيم وأدت (الفبركة) غرضها وأصبح من الصعب تعقبها في كل المواقع لمحوها أو على الأقل تفنيدها خاصة من أهل الرجل الذين انبروا لتوضيح الحقيقة وهي أن فقيدهم ميسور الحال وكان مغترباً في دولة خليجية لعدة سنوات وقد ابتُلي بمرض نفسي وهددوا بإقامة دعاوى قضائية ضد من نشروا غير الحقيقة..ولكن ذهبت الركبان بما حملت.
لقد درج البعض خاصة أولئك الذين حصروا كل آمالهم في إسقاط النظام ولا شيء غير ذلك على أن يصنعوا من (الحبة قبة) ليمتد هذا التفكير المعوج إلى قضايا أمنية خطيرة تمس سيادة الدولة وتجر على المواطن المسكين تبعات هو في غنى عنها.وهذه المواجهة الخفية لن تضر الحكومة بقدر ما تسبب المزيد من المعاناة للسكان وتفتح الباب واسعاً للتدخلات الخارجية وعبث المنظمات المشبوهة.
فالسودان يواجه منذ فترة ليست بالقصيرة حرباً إعلامية تنطلق من عدة دول توجه وسائلها بل وتخصصها لإثارة النعرات القبلية وتمزيق النسيج الاجتماعي وبث الشائعات وكل ما يؤدي إلى الفرقة والشتات ضمن حرب نفسية شاملة لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها المفضوحة التي تتجاوز إسقاط نظام الحكم القائم إلى تفتيت الوطن الكبير لأن تجربة السودانيين طوال عقود من الحروب والنزاعات والثورات ترفض الاستعانة بالآخرين لإسقاط الأنظمة كما أن هذه الحملات الممنهجة أساءت إلى الشعب السوداني وشوهت صورته في الخارج بما عرف عنه من وداعة وطيبة وتسامح واعتدال وغيرها من صفات الشهامة ومكارم الأخلاق.
لا سبيل إلى حل نزاعاتنا وصراعاتنا الداخلية إلا بالاصغاء والاحتكام إلى صوت العقل والتواضع على الحوار ومن يظن أن رفع السلاح وتدمير كل ما هو قائم هو الحل الوحيد للوصول إلى السلطة فسوف يواجه ما زرعه وغرسه في النفوس من تخذيل وشحناء وبغضاء وكراهية وفتن إن تمكن من الحكم.. وكما تدين تدان ولات ساعة مندم.