محليات

زيارة ولي العهد لمصر .. تعزيز التعاون وتأكيد وحدة المصير

جدة – البلاد
لم تكن زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود الأولى لمصر، بل سبقها أربع زيارات قبل توليه منصب ولى العهد وكان آخرها شهر إبريل 2016 لتوقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم أهمها إنشاء منطقة تجارة حرة في سيناء، وتأتي زيارة ولي العهد هذه امتداداً للعلاقات المتميزة بين البلدين على مختلف المستويات كما تتشارك الدولتان نفس النظرة نحو الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، وتحملان بصفتهما أكبر بلدين عربيين- هموم الأمتين العربية والإسلامية خاصة مع التحديات الراهنة على أكثر من صعيد، وتحظى الزيارة باهتمام مصري كبير، وتستمر الزيارة 3 أيام.

ويعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بولي العهد استمراراً للتنسيق والتعاون بين البلدين، ومن المقرر أن يتناول اللقاء أبرز القضايا الإقليمية الراهنة، وتستبق الزيارة زيارتا وليِ العهد للندن وواشنطن، وتأتي قبل أسابيع من القمة العربية في الرياض نهاية الشهر الجاري.
تميز العلاقات :
تعد العلاقات بين المملكة ومصر علاقات متميزة نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فعلى الصعيد العربي يؤّكد المنحى التاريخي أن الرياض والقاهرة هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي.
ولقد أدرك المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود بكل وضوح الأهمية الإستراتيجية للعلاقات السعودية المصرية وانتهى إلى مقولته الشهيرة ” لا غنى للعرب عن مصر – ولا غنى لمصر عن العرب ” فمنذ أن بدأ المغفور له بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر .
فالمملكة ومصر تمثلان جناحي الأمة العربية، وقد أثبتت الأحداث قوة ومتانة هذه العلاقات على المستويين الرسمي والشعبى، كما تعتبر العلاقات الثنائية بين القيادة السياسية لكلا البلدين قوة ضاربة يمكنها العمل لتحقيق مصالح الأمة العربية والدفاع عنها في المحافل الدولية ولقد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- منذ توليه مقاليد الحكم على استمرار تكامل العلاقات السعودية – المصرية.
وجاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر في الثلاثين من يوليو 2015 م ؛ تتويجاً لهذه العلاقة بين البلدين الشقيقين، وزيادة في توافق التوجهات في مجمل القضايا العربية وتكاملها تحقيقاً للآمال العربية والإسلامية بفضل هذا المستوى من التنسيق الدائم.
وشكلت الزيارة امتداداً لسياسة التقارب والإخاء بين البلدين منذ عقود، وامتداداً للمواقف التي تم الاتفاق عليها في إعلان القاهرة التاريخي. فالعلاقات بين البلدين الشقيقين تتميز بأسس وروابط قوية نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.
ترحيب مصري :
وتعكس زيارة سمو ولي العهد لمصر حرص القيادة على تعزيز علاقات التشاور والتنسيق المشترك بما يحقق مصالح الأمتين العربية والإسلامية وشعوبهما، وتؤكد الزيارة متانة ودفء العلاقات الثنائية المشتركة بين الرياض والقاهرة ، اللتين تربطهما علاقات استراتيجية وتاريخية جيدة لا يمكن أن يزعزها أي كيان أو تحالف ، حيث قنوات الاتصال المفتوحة والزيارات المتبادلة.
واعتبر برلمانيون وسياسيون مصريون أن زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومباحثاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمثابة “رسالة تحذيرية”، إلى العابثين بأمن المنطقة وعلى رأسهم قطر مؤكدين أن القمة المرتقبة ستتناول المزيد من التنسيق بين البلدين في جميع الملفات الثنائية والإقليمية.
وكان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، قد أعرب عن ترحيب بلاده بولي العهد، مشيرا إلى أن الأمير محمد بن سلمان “يحل ضيفا عزيزا على وطنه الثاني مصر”.
وقال اللواء يونس الجاحر، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر، تعد تأكيدا على قوة العلاقات بين البلدين، اللذين يعتبران أهم دولتين في الشرق الأوسط، مضيفا أن لقاء الجانبين السعودي المصري يأتي في سبيل التنسيق المشترك في مكافحة الإرهاب.
ونوه اللواء الجاحر بأهمية الزيارة كونها الأولى لمحمد بن سلمان منذ تعيينه وليا للعهد، مشيرا إلى أن المملكة ومصر تتمتعان بعلاقات قوية ووطيدة، بالإضافة إلى اشتراكهما في مجالات اقتصادية واستثمارية وأمنية تتعلق بمكافحة الإرهاب.
من جانبه، وصف وزير الخارجية المصري الأسبق والنائب البرلماني السفير محمد العرابي، زيارة ولي العهد لمصر بالمهمة، مؤكدا أن الرأي العام العربي والمحلي والدولي يترقب موقف القوتين الإقليميتين الأبرز عربيا ممثلتين في المملكة ومصر في ظل استمرار تدخلات أطراف إقليمية في الشأن العربي، معتبرا أن التنسيق المتبادل بينهما يعد رسالة تحذيرية لتلك الدول.
وقال العرابي إن أزمة نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، سيكون محور اهتمام مشتركا، خاصة أن الجهود الدبلوماسية في كلا البلدين كان لها دور مهم في تحفيز إصدار القرار الأممي القاضي، برفض نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
بدوره قال أحمد الجار الله، رئيس تحرير جريدة السياسية الكويتية، إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى مصر تؤكد على الفشل الذريع لقناة الجزيرة وكل قنوات الشر الإخوانية.
وكتب أحمد الجار الله، عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة تويتر “زيارة ولى العهد لمصر دليل فشل كل قنوات الشر الإخوانية ومنها قناة الجزيرة وقنوات الجحور وجيش المغردين فى وسائل التواصل الاجتماعي كل هذا لم يستطع”.
تبادل تجاري :
احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولي بين الدول العربية المستثمرة في مصر، والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية، بقيمة تجاوزت أكثر من 71 مليار جنيه.
وصل حجم التبادل التجاري عام 2015م، إلى ما قيمته “6.3” مليار دولار مقابل “5.3” مليار دولار عام 2013م.. تقدر الصادرات المصرية بنحو 3.1 مليار دولار تتمثل في الحديد والصلب، الأثاث، المنتجات الغذائية، وغيرها.
بلغ إجمالي عدد الشركات الاستثمارية التي تم تأسيسها بمساهمات سعودية في مصر 2355 شركة.
ويتوقع مستثمرون سعوديون ومصريون أن تدفع زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى القاهرة، العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى مزيد من التعاون، مشيرين إلى أن الملف الاقتصادي يحظى بأهمية كبيرة خلال الزيارة.
وقال رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري المكلف الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ، إن زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر تكتسب أهمية بالغة التأثير على الصعيد الاقتصادي وتجسد عمق الروابط الأخوية بين السعودية ومصر وسعيهما لتعزيز صرح العلاقات التاريخية بينهما بما يعود بالخير على البلدين وخدمة مصالحهما وتطلعات الشعبين الشقيقين.
وأضاف الدكتور ابن محفوظ “ولي العهد جعل من مجلس التنسيق الحكومي المشترك بين البلدين يسير في طريق موازٍ مع القطاع الخاص لتعزيز التعاون بين البلدين، خاصة أن صندوق الاستثمارات السعودية سيكون الجواد الرابح للقطاع الخاص السعودي في الاستثمارات السعودية في مجالات “الطاقة – التعدين – الصحة – الخدمات اللوجيستية”.
وتابع: “السعودية مهتمة كثيرا في الوقت الحالي بتطوير حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر والقارة الإفريقية، ودول إفريقيا تُعَد في الوقت الراهن من أغنى الدول في العالم في الثروة التعدينية، لكن جزءا كبيرا منها يحتاج إلى استثمار وأعتقد أنها فرصة للشركات السعودية والمصرية الدخول في تلك الاستثمارات التعدينية”.
وتتركز أهم الاستثمارات السعودية في القطاعات الخدمية التي تضم خدمات النقل واللوجيستيات والصحة والتعليم والاستشارات وغيرها. وقال عبد الحميد أبو موسى رئيس الجانب المصري لمجلس الأعمال المشترك، إن زيارة ولى العهد للقاهرة تعد دليلا دامغا على قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين وتوافر الرغبة الجادة لدى قيادة كلا البلدين على مواصلة تدعيم تلك العلاقات التاريخية وتحقيق التحالف الاستراتيجي الذي يعود بالنفع ويحقق آمال وتطلعات كلا الشعبين.
وأضاف أن المجلس يسعى خلال الفترة الراهنة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات السعودية للسوق المحلية خاصة في ظل التغيرات الإيجابية التي لحقت بمناخ الأعمال والاستثمار في مصر عقب السياسات الإصلاحية التي اتبعتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية.
ونوه بأن استراتيجية المجلس للفترة المقبلة تتضمن أيضا بحث خطوات تفعيل المشروعات الأخرى التي تم إبرام اتفاقاتها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة عام 2016 والمتضمنة تأسيس 10 شركات باستثمارات إجمالية تصل إلى 36 مليار جنيه.
وفيما يلي رصد لأبرز المشاريع الكبيرة المشركة بين البلدين.
1- مشروع الجسر البري
وهو مشروع جسر بري عملاق للربط بين البلدين عبر البحر الأحمر، أُعلن عنه رسمياً إبان الزيارة التاريخية الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى القاهرة في عام 2016م، وسيكون الجسر منفذاً دولياً للمشاريع الاقتصادية الواعدة بين مصر والسعودية، كما سيسهم في تيسير حركة السفر والتنقلات بين البلدين، وسيحمل اسم الملك سلمان.
2- مشروع الربط الكهربائي
وهو المشروع الطموح الذي تم توقيعه في عام 2012 لتبادل الكهرباء بين البلدين؛ بحيث يكون محوراً أساسياً في الربط الكهربائي العربي، الذي يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية؛ تمهيداً لإنشاء سوق مشتركة للكهرباء، وتبلغ تكلفة المشروع ملياراً و600 مليون دولار، وسيتم من خلاله تبادل 3 آلاف ميجا وات في أوقات الذروة بين البلدين.
3- مشاريع متنوعة
يجري العمل على مشاريع عدة تجمع البلدين، وجرى توقيع اتفاقياتها خلال الزيارة الأخيرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين إلى القاهرة؛ ومنها صندوق الاستثمار المصري السعودي برأس مال 60 مليار ريال، واتفاق بشأن إنشاء محطة كهرباء ديروط بنظام الدورة المركبة 2250 ميجاوات، قيمته 2.2 مليار دولار، ومشروع محطة المعالجة الثلاثية لمياه الصرف، واتفاقية مشروع التجمعات السكنية في سيناء، وكذلك اتفاقية مشروع طريق محور التنمية بطول (90كم)، ومشروع أربع وصلات بطول إجمالي (61كم) تربط محور التنمية بالطريق الساحلي، واتفاقية مشروع طريق النفق- طابا، إضافة إلى مشروع جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمدينة الطور، ومشروع طريق الجدي، ومشروع إنشاء 13 تجمعاً زراعياً، وأيضاً مشروع إنشاء قناة لنقل المياه، وتدخل تلك المشاريع ضمن خطة الملك سلمان الطموحة لتنمية سيناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *