د. هاشم بن عبدالله النمر
المشرف العام على مركز الإبداع وريادة الأعمال .. جامعة جدة
من المستحيل عند الحديث عن العلاقة السعودية الأمريكية عدم التطرق إلى الناحية الاقتصادية التجارية؛ حيث كانت البداية عند لقاء الملك المؤسس عبدالعزيز- رحمه الله- بالرئيس الأمريكي روزفلت عام 1931 م ، وتم على إثره الموافقة لشركة Standard Oil الأمريكية للتنقيب عن النفط في الأراضي السعودية، والذي تلاها تأسيس شركة سعودية أمريكية للتنقيب عن النفط. وبعد عام واحد لوحظ تعزيز العلاقات، بين البلدين؛ ما أدى إلى توقيع الاتفاقية التجارية المؤقتة بين البلدين لتسهيل عملية تبادل سلع الصادرات والواردات بين البلدين. وباتت المملكة أكبر مصدر للنفط وأصبحت أميركا اكبر مستورد للنفط السعودي.
وأسست الشركات الأمريكية البنية التحتية للدولة السعودية الحديثة بعد اكتشاف النفط. وضخت المملكة وعلى عقود عائداتها من النفط للاقتصاد الأمريكي لشراء سلع وخدمات وسندات مالية. وارتبط الريال بالدولار عند سعر ثابت. ولأن مستوى التبادل التجاري في تزايد فقد تم تأسيس اللجنة الاقتصادية المشتركة في عام 1974 م لعقد الجلسات المشتركة الدائمة لتبادل مستقبل العلاقات بين البلدين. وقد ارتفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى 300 % خلال السنوات العشر الماضية. وفي عام 1993 م , تم تأسيس المجلس السعودي الأمريكي ممثلا بالغرف التجارية على مستوى البلدين؛ لتسهيل عملية التبادل التجاري، والذي أدى إلى إطلاق منتدى الأعمال السعودي الأمريكي في عام 2010 م لتسهيل عملية عقد الصفقات بين البلدين. ويعتبر التبادل التجاري بين البلدين الأكبر عالميا لما شهده التاريخ من عقد صفقات وتبادل تجاري يقدر بالمليارات، فقد وصل سقف التبادل التجاري بين البلدين 3.2 تريليون ريال بين عام 1991 وعام 2015 م. وقد تركزت واردات المملكة من السوق الأمريكي في مجال مواد البناء ونظم المعلومات والمعدات الثقيلة والسيارات، وقد تجاوزت سقف 84 مليار ريال في عام 2014 م وحاجز 90 مليارا في 2015م. بينما لوحظ تركيز مجمل الصادرات السعودية إلى أمريكا في مجال الأسمدة , المنتجات المعدنية وزيوت النفط والتي شهدت نموا ملحوظا في عام 2014م تجاوز سقف 162 مليار ريال، وقد تراجع بعد ذلك بسبب تدني أسعار النفط عالميا، واكتشاف النفط الصخري ليصل إلى 80 مليارا في 2015 م. ومما يثير الدهشة أن واردات السعودية لأمريكا أعلى من الصادرات الأمريكية للسعودية, مما يؤكد قوة الاقتصاد السعودي وتعدد خيارات السلع السعودية لتصديرها للعالم أجمع. وهذا يعزز التوافق مع رؤية المملكة 2030 الهادف إلى ارتفاع حجم اقتصاد المملكة وانتقاله إلى 15 على مستوى العالم، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى تريليون ريال سنويا، والوصول إلى المركز20 في مؤشر فاعلية الحكومة، والوصول إلى المراكز الخمسة الأولى عالميا في مؤشر الحكومات الإلكترونية. وبالرغم من الظروف التي يمر بها العالم أجمع، والعالم العربي خاصة، إلى أن العلاقة السعودية الأمريكية مازالت متينة – ولله الحمد. وقد عزز ملك الحزم والعزم الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- العلاقات المتينة بين البلدين، والتي كان من أبرزها الموافقة على مشاركة المملكة في قمة كامب ديفيد برفقة أصحاب السمو قادة دول مجلس التعاون العربي، وذلك لدفع عجلة التعاون ولترسيخ الشراكة الإستراتيجية بين البلدين. وقد شهدت الاتفاقات السعودية الأمريكية مؤخرا عقد العديد من الصفقات الإستراتيجية، كان أبرزها منح شركة داو كيميكال أول ترخيص استثماري بملكية أجنبية كاملة. وكانت زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للمملكة في شهر مايو السابق أكبر دليل على قوة الاقتصاد السعودي، وقد تم توقيع صفقات تجارية بمقدار 400 مليار دولار، والترخيص لحوالي 23 شركة أمريكية كبرى للعمل في المملكة, من ضمنها شركة 3M , Pfizer , Apple , ومن ضمن المشاريع التي من المتوقع إقامتها في المملكة مشروع الرحلات الفضائية الترفيهية في قلب السعودية، إيمانا بدور المملكة بدعم علوم الفضاء والطيران والتكنولوجيا , والسماح لشركة Six Flags الترفيهية الاستثمار في المملكة. ومن المتوقع عند دخول هذه الشركات إلى السوق السعودي رفع مستوى التنافسية والكفاءة والنوعية، والأهم هو ضخ أموال جديدة لانتعاش الاقتصاد السعودي. وما زيارة سمو ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، إلا لترسيخ هذه العلاقة، حيث يتوقع عقد صفقات تخص تصنيع الأسلحة والشراكة في تصنيع بعض المعدات وذلك من خلال تحفيز الشركات العالمية المصنعة للأسلحة بتوطين هذه الصناعة داخل المملكة. وقد تكون من ضمن أجندة الزيارة تعزيز الصفقة الكبرى التي انتظرها المستثمرون العالميون وبشغف وهي الاكتتاب الدولي على حصص “أرامكو”؛ حيث من المتوقع مع المضاربة و الطلب العالي على الأسهم المطروحة، أن تصل القيمة السوقية للأسهم إلى 2 تريليون دولار, ومن المحتمل تعزيز التبادل التجاري في أنظمة التقنية ونظم المعلومات.