المدينة المنورة – محمد قاسم
أكد عدد من المختصين، أن الضغط على الشاب عند عقد زواجه واختياره لشريكة حياته، يؤدي حتما بالإضرار بالحياة الزوجية، فيما رأى آخرون أنه لا مانع من مشاركة الوالدين أو أحدهما في الاختيار؛ بشرط الأخذ بالاعتبار المواصفات التي يريدها الابن في شريكة حياته.
“البلاد” ناقشت هذا الموضوع المهم مع عدد من المختصين.. بداية، يقول القاضي السابق والمحامي، علي ربيع الوريثي: إن عقد الزوجية أمر عظيم في الشريعة الاسلامية.
وقد اهتمت الشريعة به، وجعلت من أهم شروطه الرضا، والقبول، وقد أباحت الشريعة النظر إلى المخطوبة، فيما يحث النفس على القبول والارتياح النفسي لكل الطرفين .
وأضاف الرويثي: إنه عند الضغط على الشاب في عقد زواجه بعدم رضاه التام، فقد تكون هناك مجاملة ممن لا يحسن اتخاذ القرار فيؤدي ذلك للإضرار بالحياة الزوجية للابن، وتؤدي في النهاية حتما إلى الخصومة في المحاكم.
العقد الصحيح
وأشار الوريثي إلى أن العقد الصحيح يلزم الزوج بتأدية واجباته الزوجية، على عكس الفتاة فإن دفعها بالإجبار قبل الدخول غير مقبول، ويحكم لها بفسخ النكاح لعدم رضاها.
وأوضح أن هذه المسالة غير ظاهرة في المجتمع، بفضل وعي الناس، ولكن هناك مسألة مهمة، وهي وجوب تعظيم عقد الزوجية في جميع جوانبه، والسعي لتطبيق السنة النبوية في حرية اختيار الزوجين؛ وفق ما يرغبان. وأكد الرويثي أنه يجب منح الحرية الكاملة لكلا الطرفين في الاختيار، بعيدا عن المجاملات.
الإجبار يختلف
في نفس السياق، قالت المستشارة القانونية شوق البلوي: إن بعض الآباء وربما معظم الأمهات يجبرون أبناءهم على الزواج من الفتاة، التي قد لا يرغب بها ولدهم، مُستندين على مقولة: “زوجوه عشان يعقل”، أو “دوروا لولدي بنت تعقّله”!، منتظرين من الفتيات ضبط سلوك أبنائهم.
وأضافت البلوي: إن الإجبار يختلف من حالة إلى أخرى، فأحياناً يكون الابن غير مقتنع بالزوجة المختارة، وبالتالي تكون المخاوف من فشل هذا الزواج كبيرة للغاية، كذلك عدم معرفة الزوج بمقومات الحياة الزوجية والحقوق والواجبات وقلة معرفته بما له وما عليه، وهذا مؤشر لوقوع الفرقة.
وأشارت إلى أن قضية إلزام الشخص أن يتزوج امرأة لا يريدها من قبل والده لا يجوز، لأن الزواج يبنى على الرغبة وعلى المحبة والألفة بين الزوجين، فما دام أن الابن لا يرغب في الزواج من هذه الفتاة فليس لوالده أن يُكرهه على ذلك، أو أن يشدد عليه بل يترك له الاختيار، هذا الذي ينبغي أن يوجه إليه الآباء، وأقصد بذلك هو الرضا من الطرفين .
الفتاة ضحية
وتطرقت البلوي إلى فكرة «زوجوه يعقل» ، فقالت: إن تلك الجملة تحولت من حل أخير لحالات طيش شباب مراهقين إلى «أزمة حل» استعصت على أسرهم، وأصبحت الفتاة التي سيتزوجها ضحية علاج خاطئ؛ لفكرة زواج خاطئة من الأساس.. توقيتاً واختياراً.
ولا تزال -بعض- العائلات السعودية «البسيطة» تعتقد أن الحل لأي مشكلة تربوية للأبناء هو تزويجه بالإجبار ! مُغْفلين أو متغافلين ما يعنيه (الزواج) وما يترتب عليه من ارتباط ومسؤوليات، وهو عقد شبه مؤبد في أفضل حالاته، عقد يترتب عليه واجبات وحقوق، عقد يترتب عليه تكوين أسرة تكون لبنة في بناء المجتمع، أبناء يعمرون الديار ويُثْرون المستقبل.
مشاركة الوالدين
من جانبه، قال مدرب العلاقات الاسرية عبد الله القرني: إنه لا يمانع مشاركة الوالدين، أو أحدهما في الاختيار؛ بشرط الأخذ بالاعتبار المواصفات التي يريدها الابن ( الزوج ) في شريكة حياته.
وأضاف القرني: عندما تختار الأم وفق نمطها، فقد لا يتناسب ذلك مع نمط الابن، مع أنه ليس بالضرورة توافق الأنماط في المعايشة، ولكن نحتاج للاحترام والتقدير والتفاهم في احتياجات كل طرف.
ويرى القرني أن مِمَّا يدعو لإعادة الفهم، فيما يكون من عقوق الوالدين عند رفض اختيار الزوجة التي تختارها الأم ، ليس عقوقاً إذا كانت الزوجة المختارة لا تناسبه لانه سيقع في ظلمها لاحقاً إذا عايشها؛ لأنه لا يرغب بها أو حدوث مشكلات بينهما تنغص عليهما العشرة.
القبول بالزوجة لا يؤثر
وأشار إلى إن كان برفض الوالدين أو أحدهما اذا لم يكن فيها ما يعيب من الدين أو الخلق أو العادات أو التقاليد المتوافقة مع الزوج .. إلخ.
ويرى القرني أنه إذا كان القبول بالزوجة، لا يؤثر عليه داخلياً من الناحية النفسية أو خارجياً من الناحية الشخصية والاجتماعية، فلا بأس بموافقة الأهل، ففي ذلك زيادة في البر والإحسان للوالدين .
وقالت هديل الطليحي، عضوا فريق بصمة للتوعية بالأمراض الوراثية: إنه في العصر الحالي يعتبر فحص ما قبل الزواج من ضرورات اختيار الزوجة، خصوصا إذا كان المتزوجان من الأقارب ، ففي حالة الزواج الأقارب ترتفع نسبة ظهور الأمراض الوراثية.
مساحة الحرية مطلوبة
فيما قال الشيخ علي حميد السناني: إنه يغلب على كثير من الأوساط، وخاصة المحيط المحلي السعودي، أن اختيار الزوجة أو الزوج، يكون من قبل الآباء، ولو بدون قناعة ورضى من الابن أو البنت، وذلك بدافع شفقة وحرص من الوالدين على مصلحة الأبناء.
وأضاف السناني: إن هذا الأمر كان في الماضي، ومازالت له بقايا إلى اليوم، ولكن بشكل أقل بكثير من ذي قبل.
وأوضح قائلا: “بحكم عملي كمأذون، فإنني أرى أنه يجب إعطاء مساحة كبيرة من الحرية للأبناء، ولو تمت مناقشة هذه المسألة من الناحية الشرعية، فإنه ليس من حق الأبوين الإجبار، بل عليهما استعمال الأسلوب الأمثل للإقناع بدون إجبار الأبناء على الزواج.
وأوضح أن إجبار الابن على شيء، لا يرغب به يعرض الزواج للفشل وهدم الأسرة بعد بنائها، فيجب أن يختار الأبناء أزواجهم وزوجاتهم عن قناعة مع مراعاة الاشتراطات الشرعية في الاختيار وعدم إغفالها.
«زوجوه على شان يعقل» … «أزمة حل» استعصت على بعض الأسر
