أرشيف صحيفة البلاد

زهور «ريدة» وصخورها النارية ترسم لوحة جمالية فريدة بالمملكة

كتبت – هدى عبد الفتاح
تقع محميّة جرف ريدة جنوبي غرب المملكة ضمن جبال السّروات، وتبعد حوالي 20 كيلو متراً شمال غرب مدينة أبها؛ وتبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة تقريباً، تم إعلانها منطقة محمية عام 1409هـ، وهي عبارة عن جرف يطل على قرية ريدة .
تشبه محمية ريدة حدوة الفرس في شكلها العام حيث تسير حدودها الشمالية والشرقية والجنوبية تقريباً مع حدود تقسيم المياه، وتنفتح من جهة الغرب نحو \"شعيب جو\" الذي يرفده «شعيب ريدة».
ويعتبر جرف ريدة جزءاً من الدّرع العربي الّذي يتكوّن بدرجة رئيسية من صخـور ناريّة متحرّكة، والمنطقة عبارة عن منحدرات شديدة تغطيها نباتات كثيفة تسودها أشجار العرعر، وهناك العديد من الروافد المائية التّي تنحدر من أعلى الجرف وتصب في شعيب ريدة.
والمنطقة عبارة عن تكوينات جبلية شديدة الانحدار مواجهة للشمال والجنوب والغرب تغطيها نباتات كثيفة، وفي بعض هذه المنحدرات الشديدة تنعدم التربة تماماً وتصبح صخوراً جرداء خاصة في الجزء العلوي من المنحدر الجنوبي المواجه للشمال، وأثناء هطول الأمطار الغزيرة تجرف السيول معها بعض الصخور الكبيرة التي تنحدر بشدة فتحطم صخوراً أخرى نتيجة اصطدامها بها وقد تقتلعها من مكانها، ولهذا ينتشر على سطوح هذه المنحدرات كثير من الصخور الصغيرة المتكسرة من كتل صخرية كبيرة تتسبب أحياناً في تدمير بعض النباتات الصغيرة وتكسير بعض النباتات والأشجار الكبيرة.
الغطاء النباتي
تمتاز هذه المحميّة بكثافة غطائها النباتي وتنوّعه حيث توجد في أعلى الجرف غابات العرعر يليها إلى الأسفل أشجار العتم (الزيتون البري) والطلح وعدة أنواع من الصبار، أما الشّعاب فتحتوي على نسبة عالية من التّنوع والكثافة في الغطاء النباتي.
وتعد بيئة غابات العرعر بيئة مناسبة لحياة كثير من أنواع الطيور الفطرية التي تتخذ من هذه المواقع ملاجئ لتكاثرها، كما أنها توفر في نفس الوقت بيئة ملائمة لنمو كثير من النباتات الهامة التي تستوطن أرضية الغابات مثل السراخس والأعشاب الزهرية الفطرية.
كما تضم المحمية (332) نوعاً من النباتات الفطرية تتوزع في ثلاثة نطاقات، حيث تحتل غابات أشجار العرعر والأشنات التي تميز المنطقة، في النطاق العلوي منها قرب قمة الجبل، وهي بذلك تقوم بعملها كمصائد للمياه التي تكثفها من السحب التي تمر بها، وترسلها ماءً عذباً فراتاً نقياً للإنسان والحيوان والنبات في مجاري مائية مستديمة طوال العام، كما ترتفع الرطوبة النسبية إلى ما يزيد على 50% في الصيف و80% في الشتاء، ويأتي في النطاق الأوسط على سفوح الجبال أشجار الطلح والزيتون البري، وأنواع من الصبارات والشجيرات الأخرى.
التنوع الأحيائي
تتميز المحمية بتعدد أنواع الحيوانات فيها مثل قرد السعدان (البابون) والذئب العربي والثعالب والضبع المخطط والنمس أبيض الذنب والوشق والوبر، وتعتبر هذه المحميّة موطناً لتسعة أنواع من الطّيور المتوطّنة في الجزيرة العربية أهمها الدّراج العربي أحمر السّاق ونقار الخشب العربي والعقعق العسيري بالإضافة إلى عدة أنواع ذات أصول شرق أفريقيّة مثل أبو معول الرّمادي والسّبد الأفريقي وأبو مطرقة والشقراق الأثيوبي وآكل النّحل الأخضر الصّغير.
وقد كشفت الدراسات عن وجود ثروة حيوانية متنوعة بتنوع الحياة النباتية، فنجد في ريدة زهور النباتات البرية المختلفة بألوانها ورائحتها تجذب أنواع الحشرات المختلفة، كالفراشات وطيور الشمس، التي تتخذ من رحيق الزهور غذاء لها، وتنقل إلى الزهور الأخرى لقاحها، وتعد من أكثر المشاهد في محمية ريدة الحرباء، وهي من السحالي التي تسمح لها عيونها المتحركة، وليونة تكوينها بالتخفي بين فروع الأشجار أما عن الطيور داخل محمية ريدة فقد تم تسجيل وجود أكثر من 98 نوعاً من الطيور البرية داخل نطاق المحمية، بالإضافة إلى 25 نوعاً أخرى في محيطها، وهذه الأرقام تعني أن محمية ريدة وحدها تضم 25% من تنوع الطيور في المملكة.