حنان العوفي
دخول عام جديد ليس أمرا جديدا لذلك لا أعرف ما الذي جعلني أتوقف عنده كثيرا هذه المرة ، ربما يكون الرقم صادمًا بالنسبة لي ، وكأن الأربعين تخبرني بشيءٍ ما ، في اللحظات الأولى من اليوم الأول في السنة الهجرية الأربعين من القرن الخامس عشر ، شعرت أن كل الذكريات القديمة تتداعى أمامي بتفاصيل صغيرة يصعب تذكرها في أغلب الأوقات ، تذكرت الشارع الصغير الضيق الذي كنا نراه كبيرا آنذاك ، مدرستنا التي تقع في منحدر الجبل ، آذان عبدالدايم الذي غادر الدنيا منذ وقت طويل ، وعم جبريل الذي كنا نناديه جبرين ، وصوت فرّقنا الذي يرتفع كلما اقترب من البيوت وهو يقول فرّقنا فرّقنا ،
كنا نشتري منه وكأنه يحملها لنا هدايا من شدة فرحتنا ببضاعته ، لماذا نحب الماضي ولمَ يسمونه الزمن الجميل حتى لو كان مليئا بالألم والمعاناة ؟! أي زمنٍ يمضي هو جميل في أحاسيسنا ، لأنه في الغالب لا يبقى في ذاكرتنا منه إلا الحسن وعقولنا دون أن ندري تحذف المؤلم ولا يبقى منه سوى صورة غير واضحة الرؤية كثيرا منا يعزي نفسه بسماع كلمات أهل أول حتى من الجيل الجديد.
” وحشني كل ما فيكم
يا ناس حتى أساميكم
ياريت ترجع لنا الأيام
وأسلم على أياديكم “
لن تعود تلك الأيام ولن تبقى هذه الأيام ؛ لذلك لابد أن نستمتع بها قبل أن تمضي.