أرشيف صحيفة البلاد

رواية مجنون ليلى اليهودية للرشيدي..بين الأدب والسينما

بقلم- نجيب الأسد – كاتب وسيناريست ومخرج سينمائي من المغرب

قرأت رواية (مجنون ليلى اليهودية) لمؤلفها الأستاذ الأديب الروائي والناقد والشاعر السعودي حمد حميد الرشيدي؛ كي أعمل على مادتها بقصد تحويلها لعمل سينمائي أو درامي، هذه الرواية الصادرة سنة 2016م عن مؤسسة الانتشار العربي ببيروت، والتي جاءت في حوالي 502 صفحة من الحجم المتوسط . ساورني انطباع – للوهلة الأولى – حين رأيت كبر حجمها بأنني سريعاً ما سأتركها أو أنصرف عن قراءتها أو الاطلاع عليها ، هذا فضلاً عن ندرة الإصدارات الأدبية الخليجية، التي تصلنا في بلاد المغرب الأقصى، كآخر نقطة في غرب الوطن العربي الكبير، الأمر الذي جعل فهمي لمسار الكتابة في هذه الرقعة من الخليج العربي مشوشا ومبهما، بل جاهلا لما يحدث على الساحة الأدبية هناك.
لكن…ما إن بدأت في تصفح الرواية حتى وجدتني أسير في هذه الرحلة الجميلة. وأنا أتنقل بين صفحاتها دون كلل أو ملل. شدتني الرواية، وسحرتني بأسلوبها السلس، وإيقاعها المتواصل، ولغتها البسيطة.
فعندما تغوص في ثنايا هذه الرواية تدرك أنك لست أمام قاص أو روائي عادي. وإنما تقتنع تماماً، وتعي أنك تواجه شخصا متمكنا من أدواته التعبيرية ،ورجلا مثقفا غير عادي.
حمد حميد الرشيدي، رجل واسع الأفق ،غزير الثقافة، يمتلك أدوات الصنعة في الكتابة والتأليف وسرد الأحداث. وأنت تقرأ روايته، حيث تدفعك مرغما إلى مراجعة مخزونك المعرفي ،وثقافتك ،لما يقدمه لك من غزارة في المعلومات في الأدب والشعر والفكر والأمثال الشعبية والتاريخ والعلوم.
وفي مقابل ذلك، نجد الكاتب يسوق لنا بطريقة تقابلية وفي خط متوازٍ مع التاريخ العربي، تاريخ اليهود وكيف أنهم ومنذ زمن بعيد تغلغلوا في نسيج بعض بلداننا العربية؛ كأقليات واقتسموا معنا عروبتنا وتاريخنا وثقافتنا. ونبه إلى الفكر الصهيوني الذي هو مخالف للديانة اليهودية , وكيف تحركت أجهزة الصهاينة الاستخباراتية لتسخير عناصر من هذه الأقليات اليهودية المتغلغلة في بعض بلداننا العربية؛ لخدمة سياساتهم التوسعية والعنصرية، الهادفة إلى تدمير كياننا العربي كما هو مسطر في كتابهم المشؤوم “بروتوكولات حكماء صهيون” والتي أثارتني جملة من هذا الكتاب, مضمونها (بالمال والنساء الجميلات نسيطر على العالم)، وفراستهم هنا صدقت، وتحققت في بعض جوانبها.
وعند هذه النقطة تتقاطع رواية مجنون ليلى اليهودية مع هذا الموضوع, الذي نبه لمثل هذا الفكر المتطرف الخبيث؛ حين جعل من بطلة الرواية “ليلى شالوم اليهودية” ،محور هذا العمل, وشكل خط الصراع في الرواية ككل..