متابعات

رغم سطوة التقنية والتكنولوجيا الحديثة وانتشار كافة الألعاب..ألعاب الماضي الشعبية لايزال لها عبقها وسحرها

جدة- حماد العبدلي

الألعاب الشعبية وصف يمثل حقبة زمنية خلت وتلاشت من خريطة الحياة على أرض الواقع ولكنها باقية بذاكرة الزمن يستحضرها من أفواه الكبار الذين عاشوا تلك المرحلة بكامل صفائها ونقائها وعفويتها.

تلك المرحلة البسيطة لم تكن ذات نفس شاق في كيفية ممارستها بقدر ما كانت مجرد تجمع وابتكارات بأدوات بسيطة جدًا في متناول الجميع ولم يكن بالبال أن هذه الألعاب ستكون تعبيرًا يجسد موروث بلد بأكمله بل تسجل كتاريخ مر به أبناؤه في تلك المرحلة. وكأي بلد في العالم يحتفظ فخرًا بموروثه ويحاول أن يستحضره ما بين الفينة والأخرى فإننا هنا نستعرض بعض ما يحضرنا من تلك الألعاب القديمة التي كانت تعد متنفسًا يهرب إليه أبناء ذلك الجيل من نصب العيش ومشقة الحياة دون أن تحملهم ما لايطيقون وقد كانوا في ذلك الوقت لهم ألعابهم الخاصة وقد كان للمدن والحاضرة ألعابها وللقرى والبادية ألعابها وفي شهر رمضان يتسامر الجميع انذاك ويلعبون مثل هذه الالعاب.

لعبة الزقطة:
تجمع عدة حصوات «خمس حصوات» صغيرة عادةً من الصوان المدور صغير الحجم، وتمارس هذه اللعبة من خلال لاعبين اثنين أو ثلاثة، ويقوم كل واحد بقذف إحدى الحصوات عاليًا ليلتقط في المرة الأولى حصوة من الحصوات الأربع الباقية على الأرض أمامه وبين اللاعبين، وفي المرة الثانية يقذف حصوة عاليًا بالهواء ثم يلتقط حصوتين… حصوتين… وفي المرة الثالثة يلتقط ثلاث حصوات معًا، ثم يجمع الخمس حصوات على ظهر كفه ثم يقذفهن فيحاول جمعها بيده بنفس القذفة فما يستطيع التقاطه من الحصوات يكون هو عدد العلامات التي تكون رصيدًا له، وهكذا يكون الدور بين زملائه المشاركين في هذه اللعبة.

ومن شروط اللعبة عدم سقوط الحصوة المقذوفة عاليًا على الأرض، وعدم استطاعته الإمساك بها مع الحصوات الأخريات، حينها تعتبر لعبته ملغاة ويحق لزميله الشروع بدخول اللعبة، وهكذا.

وتعتبر هذه اللعبة للكبار والصغار من بنين وبنات في الليل أو النهار فتجدهم يتفننون بمهارات مختلفة في لعبتهم.

لعبة عظيم ساري:
أداة اللعبة (عظم)، وطريقتها: يتم في بدايتها تحديد مكان للتوجه إليه حال وجود العظم ويسمى المكان الذي يتم التوجه إليه (المَحَبّ). ويقوم أحد أفراد الفريق، بعد ذلك، برمي العظم محاولًا إبعاده وإخفاءه في مكان يصعب الوصول إليه، وعلى بقية أفراد الفريق البحث عنه، ومن يجد العظم منهم عليه أن يلتزم الصمت وأن يحاول التوجه إلى المكان المخصص قبل (المَحَبّ) بشكل سري بدون أن يخبر أحدًا لأنه قد يؤخذ منه العظم، أما إذا وصل إلى المكان المخصص قبل أن يؤخذ منه العظم فيعتبر فائزًا.وتمارس هذه اللعبة من مجموعة اشخاص وفي القرى تلعب على ضوء القمر ويقوم الحكم برمي العظم بقوه الى الفضاء ثم يسقط على الارض ويهرب الفريقان للبحث عنه والذي يجده وهو بين الفريقين يحاول ان لايظهر انه معه حتى يخرج ويهرب وتتم مطاردته لاخذ العظم منه قبل الوصول الى الحكم وهي لعبة جميلة وحماسية .

الكبوش: قديمة مشهورة
كذلك من الألعاب الشعبية القديمة المشهورة في هذه المنطقة لعبة «اللُّب»، التي عرّفتها الفنّانة التشكيلية صفيّة بن زقر بأنها من ألعاب الصبيان التي تُلعب داخل البيوت أو خارجها، وتُستخدم لها بلورات الزجاج، ولها مسميات أخرى مثل «البرجوه» و«البلي»، و«البرجوه» وهي قطعة حجر في حجم الليمونة الصغيرة أو أكبر قليلًا،. وكذلك لعبة «الكبوش»، أو «الكعّابة» – وهي كعب الخروف – وهي من الألعاب القديمة التي ربما ترجع للعصر الجاهلي، كما جاء في شعر أبي نواس: «خلفت اليوم بالطنبور والكعبين والنرد»،

ومن الأمثال الشعبية التي وردت فيها: (القلب في القلب ولو في الكعّابة). وهي عبارة عن عظمة صغيرة حجمها حوالي (2) سم، تكون في عرقوب الأغنام كالمفصل، فعند ذبحها يأخذ الأطفال من أرجلها «الكبوش» ويقومون بتنظيفها مما لصق بها من اللحم أو الدهن، ثم يحكون سطحيها على الحجر حتى يصبحا ناعمين، ويجتمعون على اللعب بها في أرض ترابية، ويضعون كل كبش بجانب كبش آخر حتى يكون عدد الكبوش نحو عشرين أو ثلاثين، وكلها في صف واحد مســــــتقيم، ثم يحيطون هذا الصف بدائرة من التراب،

ويكون اللاعـبون اثنين أو ثلاثة أو أكثر، فيلعبون، وذلك بأن يبتعدوا عن الدائرة بنحـــــو ثلاثة أمتار أو أربعة، ويكون كل واحد منهم ممسكًا في يده بكبش آخر ثقــــيل ونظيف، ثم يصوب الذي فاز بالأولوية «البرس» نحو صف الكبـــــوش المرصوصة داخل الدائرة، فإن أخرجت الضربة كبشًا منها عن الدائـــــرة، أخذها، وعُدّ كســــبًا له، ويقول عنـــــدئذ: (شيت كبت)، ثم يُعاد رص البــــاقي، وكلما خـــــرج كبش عن الدائرة أخذها، وإن لم يُخرج كبشًا عن الدائرة تنحى عن اللعب وأتى آخر يلعب مـثـله، وهكذا.. وهذا اللعب بالكبـــــوش قد اندثر الآن، وهـــذه اللعبة تشــــــبه «البراجـــــون» في الوقـــــت الحالي.

البربر: عدة أسماء
تعدُّ لعبة البربر، لعبة شعبيّة قديمة، ولها عدة أسماء، مثل «أم الخطوط»، أو «عظيم»، أو «الخطة»، أو «العتبة» أو «الأولى»، وفي المنطقة الغربيّة تُسمى «البربر». وتمارس هذه اللعبة بالرجل اليمنى، وفيها أن يتم وضع قطعة صغيرة مستديرة من الفخار في الأرض، كما يتم حفر عدة حفر صغيرة في أماكن متفرقة من الملعب، ثم يقوم اللاعب بدفع القطعة إلى إحدى حفر الملعب بقدمه اليمنى، بعد أن يرفع قدمه اليسرى إلى الركبة. كما تمارس بأن يتم تخطيط الأرض التي فيها تراب إلى مستطيلات متساوية، ثلاثة مستطيلات خلف بعض، ثم مستطيلين بجوار بعض خلف الثلاثة، ثم مستطيل خلف الاثنين، ثم مستطيلين في الأخير، وتستعمل فيها قطعة حجر، ويكون عدد اللاعبين اثنين أو أكثر.

لعبة الحجارة:
«السقيطة»، أو «الزُّقَّيطة»، أو «اللقفة»، أسماء متعددة للعبة الحجارة التي يُستخدم فيها خمس قطع من الحجر الأملس (الحصى)، وتُسمى في بعض المدن (الكمش واللقصة أو الصقلة)، وهي لعبة يلعبها شخصان، وكل واحد منهما يكون معه خمسة حجارة صغيرة، فيبدأ الشخص الأول اللعب بأن يعمل بأصابع يده اليسرى (السبابة والإبهام) على الأرض، وتكون الحجارة الخاصة به أمامه، فيمسك بيده اليمنى حجرًا فيرميه في الهواء ويلقُطه بسرعة باليد نفسها ويدخله في الكوبري الذي قام بعمله بيده اليسرى، ويكمل بالطريقة نفسها بقية الحجارة الأربعة، ويحاول جاهدًا عدم وقوع أي منها في الأرض، خلال اللعبة، وإلاّ يعتبر خاسرًا. ويقوم اللاعب الذي يليه بالخطوات نفسها، وبالطريقة نفسها، والشخص الذي يسقط حجره أثناء اللعبة أو يرتبك في إدخال الحجارة من خلال الكوبري الذي كونه بيده، يعتبر هو الخاسر.

الطيري:
وهذه تلعب في أرض واسعة وهي أن يجلس أحد الصبيان في الوسط ويحيط اللاعبون به ويقوم أحدهم بحمايته منهم واضعًا يده فوق رأس الجالس والصبيان يحاولون ضربه فإذا تمكن من يحميه من ضرب أحدهم فيحل محله ويقوم الجالس بحمايته وهكذا
«المدوان» نموذج مطور:

من الألعاب الشعبية المشهورة في مدن المنطقة الغربية من المملكة- خاصة مكة المكرمة وجدة والطائف – لعبة «المِدوان»، أو «المزويقة»، وهي لعبة قديمة من ألعاب الصبيان، عبارة عن قطعة خشبية مخروطية الشكل تصنع من شجر الزيتون أو من ثمرة «الدوم» الإفريقية، وبعد تلوينها وصبغها بأشكال مختلفة، يغرس في طرفها مسمار قصير، يدور عليه المدوان فيلامس الأرض خلال دورانه السريع،

ويقذف بحركة خطافية ليفلت من الحبل ويستمر بالدوران بحسب قوة الرمية. ويتذكّر أحد المسنين بجدة قوانين اللعبة التي كان يلعبها في صغره مع أبناء الحارة بقوله: «كنا نرسم دائرة على الأرض بمثابة الحلبة، وكل طفلين متنافسين يرميان مدوانيهما بحيث يدوران ويصطدمان ببعضهما، والفائز هو الذي يدفع بمدوان الآخر إلى خارج حدود الدائرة». كما ذكرت الفنّانة التشكيليّة صفيّة بن زقر أن لعبة «المدوان» بدأت في الظهور الآن، بعد أن أُدخل عليها بعض التحديث، مثل وجود الإضاءة في النموذج المطوّر منها.

لعبة الكبت:
لعبة يشترك فيها بضعة اشخاص وينقسمون الى فريقين ويكونان متقبلين بينهما نحو عشرة امتار ويخطون في وسط الفضاء خطا في التراب فيخرج واحد من احدى الفريقين الى الاخر ويمد يده باحتراس فاذا لمس احدهم وهرب ولم يمسكوه فيعتبر فريقه هو الغالب وان امسكوه فتعتبر طائفته هي المغلوبة.

طاق طاق طاقية:
وهي لعبة مسلّية ومحبّبة للأولاد ويمارسونها في كل مناسبة، بل كانت من الألعاب التي تُمارس في المدارس الابتدائية في حصص التربية البدنية، وهي أن يجتمع مجموعة من الطلاب ويجلسون على الأرض على شكل حلقة دائرية ويقوم أحدهم بالدوران ومعه (طاقية) ويقول (طاق طاق طاقية) يرددون (رن رن يا جرس)

لعبة الضمنة:
انتشرت واشتهرت في وقت مضى لعبة (الضومنة او الدومنة) وكان المكيون من شباب وشيوخ يقضون اوقاتا قليلة في فترات الراحة على هذه اللعبة الممتعة والتي يحلو بها السمر وتصحب في الرحلات والمناسبات والافراح في ترويح وقضاء وقت يصحبه شيء من المرح واللهو المباح.

ولعبة ( الضومنة أو الدومنة) تتكون من قطع بيضاء كل واحدة مقسومة إلى قسمين فيها نقاط سوداء تبدأ من الصفر وتنتهي إلى ستة وفيها بعض الذكاء للوصول إلى الفوز، كما أن فيها مع الذكاء التعاون للوصول إلى الفوز في حالة لعب أربعة أشخاص كل اثنين منهم فريق ويستخدم اللاعب حواسه ويركز ويتابع

والعجيب في الامر رغم قدم هذه اللعبة الا انها لا تزال تستخدم مسميات الاعداد الهندية

( ايك ، ودو ، وسليم ،وشار ،وبنج، وشيش، ودو شيش، وبياضا ) مما يوحي ان اصل هذه اللعبة هندية او غيرها انتقلت الينا وتلقيناها كما هي.

وقد كنا نشاهد ونحن صغار كبار السن يلعبون الضومنة بعد العصر واحيانا بعد المغرب واحيانا كثيرة بعد العشاء ويضعون اللعبة على لوح خشبي مستوي وتتعالى الانفعالات اثناء اللعب وربما يضرب القطعة على اللوح امعانا في انه مسك اللعب او قفل اللباب او اشارة غير معلنة لزميله المقابل ان امسك اللعب بهذه القطعة او انه ارغم على انزال قطعة محتفظ بها كانت مفتاح اللعب لديه وكان الناس في الزمن السابق يتسلون بهذه اللعبة وغيرها دون ان تتعالى اصواتهم بما يسيء لغيرهم وينتهي وقت اللعب المقرر والذي لا يزيد باي حال من الاحوال عن ساعة او اكثر قليلا وقد اخرجوا شيئاً من اعباء العمل ونفسوا عن انفسهم بما اهمها ورجعوا الى بيوتهم وهم في احسن حال.

وقد تلاشت هذه اللعبة ولم نعد نراها إلا نادرا لوجود بدائل كثيرة معروفة ومعلومة ولا يكترث جيل اليوم بهذه اللعبة واصبحت تمارس على اجهزة الحاسب الآلي وليس لها طعم ولا حماس ولا متعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *