خليل أحمد الحبشي
لم تكن رحلات زمان للحارة وأبنائها كما هى فى هذه الايام ، تلك الايام الجميلة التى عشتها انا ومن هم فى أعمارنا تكاد تكون جميع رحلاتها فى داخل البلد كما كان يسمى ، أبناء الحارة كانت يطلق عليهم اسم ” ولد بلد ” اى مايعرف الان بالمواطن .
عندما تقرر الاسرة -وطبعا بتوجيه رب الاسرة – السفر الى المدينة المنورة لزيارة مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تبدأ الاسرة بالاستعداد حيث تقوم الام بإعداد لوازم السفر من ملابس ومؤن أكل وشرب وخلافه ويقوم رب الاسرة بتجهيز السيارة اذا كان يملك سيارة او الاستئجار وكان يقال عنها فى ذلك الوقت ( يستكرى سيارة) ولن تقتصر الرحلة او السفر عَلى الأب والزوجة والأبناء ولكن يقوم كل واحد من جهة بان يعزم الاخ والأخت والجد والجدة .
وعندما يجهز الجميع تاتى السيارة الى المنزل ويبدا الجميع فى تحميل العفش وتربيطه . كانت العادة فى تلك الايام عند السفر وبالتحديد اذا كانت الوجهه الى المدينة يأتى رب الاسرة ويحضر المِزَهّد الذى يقوم بإطلاق بعض الادعيه بطريقة المَجَسّات وبهذه الطريقة يعرف اهلُ الحارة ان اسرة فلان مسافرة ويأتون عند البيت لتوديعهم والسلام عليهم وجرت العادة ان يطلب الجيران الاسرة المسافرة بالدعاء ويقولو لهم ( الدعاء وصيتكم والسلام على الحبيب ).
وعند انطلاق السيارة كانو أبناء الحارة يتفائلون برش الماء خلف السيارة داعين للمسافرين بالسلامة فى سفرهم وعودتهم .
عند وصول الاسرة الى المدينة يذهبون الى البيوت التى يستأجرونها سنويا وتجد ان أهل المدينة يرحبون بالزائرين ويسكنوهم فى البيوت التى يسكنون فيها كالعادة.
تقضى الاسرة مدة الزيارة وهى فى العادة تكون أسبوع تقريبا يقومون بزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام للسلام عليه وعلى خليفته ابو بكر وعمر المدفونين بالقرب من الرسول عليه الصلاة والسلام، بعدها تتم زيارة مقابر البقيع مايسمى ( بقيع الغرقد) والسلام على اهلُ بيت رسول الله وبقية الموتى وكذلك قبر الخليفة عثمان بن عفان.
هنالك مواقع اخرى يقوم أبناء الحارة مع رب الاسرة بزيارتها مثل مسجد قباء ومسجد القبلتين وزيارة شهداء أحد -وبالتحديد سيدنا حمزة بن عبد المطلب – وكذلك المساجد السبعة .
عندما يقرر رب الاسرة ومن معه العودة يقومون أفراد الاسرة بشراء الهدايا للاهل والجيران وكانت تقتصر على التمور والحنأء وبعض الأشياء التى تشتهر بها المدينة المنورة .
تعود الاسرة ويجدون الجيران والاهل فى استقبالهم فرحين بعودتهم .
هذه الرحلة كانت الى المدينة المنورة مع ولد الحارة واسرته والى اللقاء فى رحلة اخرى والى موقع آخر ان شاء الله.