جدة – وليد الفهمي
رغم أن إيداع راتب الشهر الجاري قبل موعده بـ 10 أيام تقريباً ، جاء لتوفير احتياجات عدد كبير من الأسر ، استعداداً لعيد الفطر المبارك بعد أيام قليلة ، إلا أن الإيداع المبكر للشهر الحالي سيتسبب في مرور 41 يوماً قبل إيداع راتب الشهر المقبل الذي سيتأخر 11 يوماً ، مما سيُخلف آثاراً مالية سلبية على الأسر التي لم تتحسب للأمر ، ولم تطبق خططاً للطوارئ والادخار ، مما سيدفعهم للاستدانة أو التقشف الشديد .
على مواقع التواصل الاجتماعي تباينت التعليقات ما بين الجادة والساخرة ، تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم ، أو انتهاج سياسة الحياة ” يوك بيوم ” و” اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ” ، ” البلاد ” رصدت ردود الأفعال حول الصرف المبكر للراتب إيجابياته وسلبياته.
مؤسسة النقد .. وبرامج الادخار
قال المهندس هادي بن أحمد جعفري ، انه ولله الحمد لديه خطة للطوارئ ، ويمارس ادخاراً فردياً ، وهنالك استعداد لمواجهة التأخير المتوقع في إيداع الرواتب ، مضيفاً أن بعض البنوك تقدم عروضاً للادخار ولكن ليس فيها أي وضوح ، ولا تقم بالتوعية بها بالشكل المناسب ، ولا يعرف بها إلا القليل من الناس ، وتساءل جعفري : لماذا لا تنفذ مؤسسة النقد برامج ادخار تحت إدارتها لكافة المواطنين حكوميين وقطاع خاص ، وإبعاد المواطنين عن سطوة البنوك وجبروتها ! وتكون البرامج مدعومة من الدولة.
نعيش يوم .. بيوم
وقال عبدالعزيز الشهري ، إنه لا مجال للادخار من المرتب إلا في حالات نادرة جداً ، فلا يكاد ينتهي الشهر إلا ونحن ننتظر راتب الشهر الذي يليه بعدما نفذت ميزانية الشهر ، وأصبحنا نطرق أبواب الدَين ، مؤكداً أن خطط الطوارئ غير مفعلة تماماً وأصبح الأغلب يعيش يوماً بيوم ، ، وأرجع الشهري سبب ذلك إلى ؛ ثقافة المجتمع والارتباطات الاسرية المبالغ فيها والجهل الكبير بثقافة الادخار مع التقصير الفاضح وتنصل البنوك من مسؤولياتها المجتمعية التثقيفية ، وجعل شغلها الشاغل كيفية “استدرار” جيب العميل .
الحل .. العروض والتقسيط
من جهته كان لعبدالرحمن الزهراني رأي مختلف ؛ حيث أكد استعداده للعيد منذ وقت مبكر ، باقتناص الفرص والعروض التي تقدمها بعض الشركات جنباً الى جنب لخطط التقسيط المريح التي تقدمها بعض البنوك بالشراكة مع الأسواق والتي تقدم لك منتجات تسويقية بالتقسيط لمدة عام دون أرباح عبر البطاقات الائتمانية ، لافتاً إلى اهمية التوازن في الصرف بالمواسم كالأعياد لتجنب الوقوع في المواقف السيئة والافلاس قبل موعد الراتب وخاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود والذين يعتمدون على الراتب بشكل أساسي سواء كان عبر الوظيفة الحكومية أو في القطاع الخاص.
الصرف المبكر انعش الأسواق
وقال عبد العزيــز المالكي أن صرف الرواتب قبل قدوم العيد بوقت كاف وضع الكرة بملعب الأسواق التجارية الصغرى قبل الكبرى ، مما أحدث حركة بالشراء من الأسواق التي فتحت ابوابها لمدة 24 ساعة يومياً في العشر الأواخر من رمضان ، بينما صرفه متأخرا يخدم المواطن للحفاظ على التوازن المعيشي الشهري.
ثقافة الادخار .. مفقودة
ولمعرفة رأي الاقتصاديين ، أكد المستشار الاقتصادي وائل مرزا أن مستوى الادخار ضعيف جداً ولا يرقى الى الطموحات نظرا إلى تفشي ثقافة الإنفاق الاستهلاكي “بدون تخطيط” أو الإنفاق فوق الحاجة بشكل “إسراف” أو الإنفاق بدون حاجة بشكل “تبذير”.
وأضاف مرزا ان هناك عجزاً في دخل الكثير من الأسر السعودية ، لأمر الذي يؤدي الى الصرف أكثر من الادخار ،مما يضطر البعض الى الاقتراض من البنوك الذي سيؤدي بالتأكيد الى خلل في الوضع المالي للأسرة ومعاناتها لسنين، ونوه إلى أن ثقافة الادخار التي يفتقد اليها العديد من الاهالي ، تجعل من الضروري تخصيص 5% على الأقل من الراتــب للحالات الطارئة ؛ كالعلاج أو المستشفيات وغيرها،
وعلى سبيل المثال يمكن السحب من صندوق الطوارئ الذي تم ادخاره مسبقاً حتى إيداع الراتب حاليا ؛ كون هناك ما يقارب 41 يوم بين الراتب الحالي وراتب الشهر المقبل .
ونبه مرزا إلى ضرورة حث المواطنين على التنظيم المالي للمصروفات والتعامل مع الديون حسب الضرورة وبالتالي زيادة نسبة الادخار، ونصح بالبعد عن التبذير ، مبيناً ان اخر تقرير لانفاق الأسر في المملكة عام 2013 ، اتضح منه أن هناك عجز بمتوسط شهري 1757 ريال للأسرة المكونة من 7 أفراد ، مؤكدا بالوقت نفسه الى أن رؤية 2030 تعمل على رفع نسبة الادخار من إجمالي الدخل من 6% إلى 10% .
صندوق الطوارئ .. ضرورة
فيما طالبت المستشارة الاستثمارية ريم أسعد ، بالتحضير المبكر للمواسم والاعياد ، واستقطاع مبلغ معين كلاً على حسب الاستطاعة ، وذلك لشراء ملابس جديدة أو سداد أقساط ونحوه ، وعدم ترك شيء لأخر لحظة ، واستخدام نظام الاقساط يكون فقط للفرد او الأسرة التي تجيد تنظيم دورتها الانفاقية وتدوين مصروفتها ونفقاتها ولا تنفع لمن يتعامل بعشوائية .
أشارت أسعد إلى أن العروض التسويقية التي تقدم في بعض الاسواق 80% منها على الاقل لا تحتاجها الأسر السعودية ، والتخطيط المسبق منذ بداية العام لشراء حاجيات العيد أو رمضان يسهل تنظيم الميزانية.
واختتمت المستشارة الاستثمارية بأنه لابد لكل أسرة من إنشاء صندوق للطوارئ للحالات الطارئة ؛ المستشفيات أو إصلاح مركبة مثلاً ، لضمان قدر من الأمان الاقتصادي والاجتماعي.