جدة

خُد غَمِّسْ لِي مَعاك

م.نبيل صالح صابر

رحلات أهل جدة إلى المدينة المنورة في السبعينات الهجرية لزيارة المسجد النبوي والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، تتطلب الاستعداد بتحضير اللَّيانات والمخدات والشراشف ونلفها في سجادة ولَّى (أو )حَنْبَل … مع بعض المواعين من القدور والصحون وطبعاً الملابس الضرورية، وكل ذلك لعدم وجود الفنادق والشقق المفروشة في تلك الفترة، كنا ننزل في “ديوان بيت نافع” في برحة زقاق الطيار، وبيت نافع هم أهل زوجة العم عبدالله يوسف الذي كان يعمل مع الوالد صالح صابر في بنك الأندوشين. وكان عم عبدالله يوسف هو القوِّيْم للرحلة من السكن ومقاضي البيت اليومية…. وأيضاً مسؤول عن السيارات الأبلكاش التي ليس فيها تكييف طبعاً وطول الطريق الشبابيك مفتوحة ولك أن تتخيل الإزعاج طوال الرحلة التي تستغرق من خمسة إلى ستة ساعات.
وكان الوالد جزاه الله كل خير يجمعنا…. الوالدة ، أخواني وأخواتي… وأولاد وبنات عمي (رحمة الله عليه) وعماتي ( غفر الله لهما)، للمشاركة في زيارة الحرم والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم. وكان معنا الصبي الذي يعمل للخدمة في البيت.
وبعد ما أتمدت السفرة عشان وجبة الغداء طبعاً في الديوان …… واجتمع كل الحضور من الستات والوالد(حفظه الله) والأولاد والبنات ، وعمتي كانت متربعة والولد جالس جنبها على ركبته.
وبدأ الجميع يأكل وكان بعيد عن عمتي صحن البامية ، وأنمد الولد وغَمَّس ولمن رجع وبدأ يمدغ( يمضغ) ، قالت له عمتي “خد ياولدي غَمِّس لي معاك” وضحك الجميع وقربنا لعمتي صحن البامية…..
ومن يومها والكل يتذكر لمن يكون الأكل بعيد، وبدل ما يقول خد أغرف لي معاك نقول خد غَمِّس لِي معاك…..
” الصبي كان كأنه واحد مِنَّا يشاركنا في الأكل والشرب” ….. كانت هذه قيم وأخلاقيات …. بل و عادات أهل البلد”
وزي العادة نرجع بالشَّراب والمكانس والمراوح الخسف وزنابيلنا مليانة بالتمر من ( العجوة والعنبر واللبانة) وكمان السحيرة …. لنُهدي من المدينة المنورة على ساكنها الصلاة والسلام ….
وعند وصولنا إلى قرية مستورة (منتصف الطريق بين جدة والمدينة المنورة) ينزل الجميع للراحةِ من تعب السفر والكَرفسة في حلق بعض في السيارة….. والسواق يفك كبوت السيارة عشان تبرد ويزود موية اللديتر….. وننقي (نختيار )الطازج من السمك الذي تم صيده نفس اليوم( شعور،فارس،سيجان ، كشر… وخلافه) ولأننا ما نحب الرز بالصلصة مع أكلة الحوت* ، تكون الوالدة معبية قدر الرز الأبيض وكامّرتُه في حنبل وكمان نسوي الطحينة في مستورة عَبَال ( حتى) ما ينقلي السمك…..!!!!
وهات ياوجبة جداوية ترد الروح….!!! ونطلب براد الشاي التلقيمة اللي نِطَعِّمه بنعناع ودُوش المدينة.
رحم الله الأيام والجمعات العائلية والرحلات الحلوة !!!!!
• أكلة الحوت…. كذا كان يسميها أهل جدة… ونقول غدانا اليوم حوت!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *