محليات

خلع الزوجة في قضية (تكافؤ النسب)

العيينة – البلاد
بعد أشهر من التداول بين أروقة المحاكم، قضت محكمة العيينة، الأحد بخلع زوجة من زوجها في القضية التي اشتهرت إعلاميا باسم قضية “تكافؤ النسب”.
وجاء الحكم بناء على دعوى “عدم تكافؤ النسب” التي رفعها أقارب الزوجة، بدعوى أن الزوج خدعهم ولم يكشف عن نسبه الحقيقي قبل الزواج، رغم اصرار الزوجة على التمسك بزوجها.
وكان الزوج وزوجته مها، احتفلا قبل أشهر بمولودتهما “نوف”، بعد معاناة صحية كبيرة تعرضت لها الأم، نتيجة الضغوطات التي تشهدها حياتها الأسرية مع زوجها.
وكانت قد فجرت قضايا التفريق بين الزوجين لعدم «كفاءة النسب» والتي ازداد عدد المنظور منها أمام المحاكم الشرعية السعودية في الآونة الأخيرة، وبالأخص عقب أحداث قضية الجوف وتصديق محكمة الاستئناف على قرار تفريق «فاطمة ومنصور»، شأنا اجتماعيا ظل محظورا وغير مطروق لسنوات طويلة، وذلك في سيطرة الأعراف والتقاليد على مسألة المصاهرة والزواج، باعتماد تصنيفات أسرية وقبائلية حدت من حرية اختيار الطرفين، الأمر الذي ترتب عليه في أحوال عدة، تفريق قسري ما بين الزوجين لعدم مراعاة واحترام التركيبة الاجتماعية القبلية.
ورغم ما أثارته قضايا التفريق القسري ما بين الأزواج السعوديين، ورغم وجود الأبناء ومضي سنوات عديدة على النكاح من مخاوف للتشتيت الأسري، ما بين الأوساط الاجتماعية، فقد اعتبر بعض رجال الدين والقضاة «كفاءة النسب» أحد الشروط الأساسية لصحة النكاح، داعين الى ضرورة احترام الأنساب والتركيبة الاجتماعية، الأمر الذي لم يوافق عليه البعض الآخر من العلماء والدعاة.
من ناحيته، أوضح الشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء لـ«الشرق الأوسط»، اعتبار العلماء في مسوغات الزواج وأركانه الكفاءة شرط من شروط صحة النكاح، مبينا أن الكفاءة تقدر بحسبها ومن خلال الأعراف والتقاليد التي يعيشها المجتمع، فالتقاليد المبنية على التمسك بأحوال القبلية تتسبب مخالفتها الفتن والعداوات والقطيعة بين الأقارب، كما ذكر بن منيع فأي زواج «قد يترتب عليه إحدى الإشكاليات في حال عدم تطابق الكفاءة النسبية أو الكفاءة الاجتماعية، فهو محل نظر، وقد يكون للقضاء مجال وفق تقدير العواقب المترتبة على انتهاك معيار وضابط الكفاءة».
ومن الجانب الشرعي، ذكر بن منيع حث الرسول الكريم على تزويج من تميز بالدين والخلق، باعتبار أن التقوى والصلاح والالتزام بالمقتضيات الشرعية هي الكفاءة المعتبرة في الشريعة الإسلامية، مستدركا ذلك بضرورة مراعاة أسباب الصلة والبعد عن الفتن والعداوات، مما يترتب عليه تأثير على الأنساب.
ونفى الشيخ عبد الله بن منيع وجود أي مسعى لعرض قضية «تكافؤ النسب» على هيئة كبار العلماء لدراسة القضية من جوانبها الشرعية والاجتماعية لإصدار رأي موحد، مؤكدا أنه «في حال عرض القضية من قبل ولي الأمر فستشرع هيئة كبار العلماء على دراستها والنظر فيها». وطالب بن منيع أن «كل من له أهلية للتوجيه والإفتاء ضرورة ملاحظة كافة الجوانب والاعتبارات المترتبة على الزواج، في ظل عدم تكافؤ النسب إلى جانب احترام الأنساب» وثبوتها، وعدم القدح والجرح مع ذلك بشعور ذوي الأنساب المعتبرة، مما قد يكون محل همز ولمز، الأمر الذي يتعارض مع المقتضيات الشرعية المتعلقة بالعبد عن الطعن في الأنساب، مشيرا إلى أن الاستفاضة في النسب محل اعتبار وثبوت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *