أرشيف صحيفة البلاد

خامنئي لن يتعافى .. وصورته الممزقة تهز هيبة إيران

طهران ــ وكالات

إنزال صور المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي وتمزيقها وحرقها ودعسها في مناطق ايرانية عدة، مشهد يدلل على تداعي النظام وتآكل اطرافه بالعزلة الدولية المفروضة عليه نتيجة سياساته الارهابية ودعم المليشيات الطائفية على حساب مواطنيه .

وقطع موقع أمريكي باستحالة نجاة مرشد إيران علي خامنئي من الندبات والجروح التي أصابت هيبته في الانتفاضة الإيرانية الأخيرة، والتي طالبت برحيله ووصفته بالديكتاتور، ورددت الدعاء عليه بالموت لأول مرة في تاريخ نظام الملالي.

وحسبما ذكر موقع “فايس نيوز”، نقلا عن متخصصين في الشأن الإيراني، فإن “قناع الصلابة الذي يظهر به المرشد الإيراني حاليا بعد قضائه على شعلة الانتفاضة بقتل 21 متظاهرا واعتقال الآلاف،

يخفي خوفا من قرب الإطاحة به، لما يراه النظام الإيراني من ضعف بدا على خامنئي في التصدي للمظاهرات والقضاء عليها في أيامها الأولى”. وأضاف أن هدف الانتفاضة الإيرانية منذ البداية كان الثورة على الفساد الاقتصادي من غلاء الأسعار وغياب فرص العمل، ولكن ما كان صادما للنظام الإيراني هو الجرأة التي كانت في مطالب المتظاهرين بعد ارتفاع سقف طموحاتهم، وكسر لحاجز الخوف وهتافهم ضد طغيان المرشد الإيراني وتابعه على مقعد الرئاسة حسن روحاني.

وتضمنت هتافات المتظاهرين في الأيام الأولى من الشهر الجاري هتافات ضد المرشد تقول: “الموت للديكتاتور”، وأحرقوا صوره وصور سلفه الخميني في شوارع مدينة مشهد مسقط رأس خامنئي.

وقال رئيس المجلس الأمريكي الإيراني الوطني بالولايات المتحدة “تريتا باريس” للموقع إن “المؤكد والذي ستحاول الحكومة الإيرانية إخفاءه بشتى الطرق هو السقطة التي تعرضت لها هيبة المرشد الإيراني وسط هتافات المحتجين”.

وخامنئي (89 عاما) تولى منصبه عام 1989 بعد وفاة الخميني صاحب ثورة 1979، وورث عنه الصلاحيات الدينية والسياسية والعسكرية والقضائية غير المسبوقة، والتي لا يتمتع بها أي حاكم آخر في العالم

فيما حمَلت منظمة “مجاهدي الثورة الإسلامية” مرشد إيران علي خامنئي مسؤولية الأوضاع التي تسببت في الاحتجاجات الأخيرة، متهما إياه بتوجيه معظم اقتصاد البلاد للمليشيات التي تصنع العنف والإرهاب.

وقال أبو الفضل قدياني، أحد قيادي المنظمة الإيرانية، إن خامنئي هو المسؤول عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في البلاد.

ووفق ما نقل عنه موقع “كلمة” الإخباري فإن قدياني وصف الاحتجاجات التي عمت مدن إيران في الأسابيع الأخيرة بأنها أشد وطأة من الاحتجاجات التي شهدتها إيران في وقت سابق.

وقال إن 60% من الاقتصاد الإيراني تحت تصرف خامنئي، ويصرف الجزء الأكبر من ميزانية البلاد على مؤسسات لا فائدة اقتصادية أو إنتاجية ترجى منها، بل تدعو إلى الكراهية والعنف وتنشر إيديولوجيات سامة.

كما أشار إلى أن خامنئي حمى الفاسدين من العقاب، وهو من قضى بسلطته الاستبدادية على الفئة المنتجة في البلاد، وأجبر الشباب على ترك بلادهم، وجعل الاستقرار السياسي في البلاد من المستحيلات، كما أنه يتحرك ضد الشعب المظلوم في سوريا، “لذا كان من الطبيعي أن ينتفض الشعب بحثاً عن حقوقه واعتراضاً على ظلم هذا الشخص”.

كما انتقد السيد قدياني موقف الإصلاحيين من الاحتجاجات الأخيرة، متهما إياهم بالاستسلام.

وكان الانتشار السريع للاحتجاجات الإيرانية في أنحاء المدن الصغيرة المحافظة اجتماعيًا السمة البارزة لانتفاضة 2017

اذ بدأت التظاهرات بمسيرة صغيرة ضد الرئيس الإيراني حسن روحاني في مدينة مشهد، وهي مدينة تميل إلى الطابع المحافظ، حيث لام النشطاء المحافظون في البداية إدارة روحاني على ارتفاع الأسعار والأداء الاقتصادي الهزيل، لكن سرعان ما جذب هذا الاحتجاج الصغير مزيدًا من الناس، وانتشر في مدن أخرى.

وفي النهاية اتسع نطاق الانتقاد الذي حملته المسيرة ليشمل المؤسسة السياسية والنظام الحاكم بأكلمه.

وتقول صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تحليل لها تناول المظاهرات في إيران، إن الاحتجاج ضد السياسات الاقتصادية واطماع النظام التوسعية ، ففي النصف الأول من فترة التسعينيات كانت هناك سلسلة من الاضطرابات بشأن الاقتصاد والمشاكل المتعلقة بالإدارة في المناطق المحيطة بالمدن الكبيرة، حيث قتل 8 أشخاص على الأقل بينهم أفراد من قوات الأمن، وفي وقت لاحق، أعدمت الحكومة 4 متظاهرين.

ومع ذلك، فإن التوزيع الجغرافي والشعارات القوية وثبات الاحتجاجات الحالية يجعلها مختلفة عن تلك التي اندلعت في فترة التسعينيات.

وجمعت الصحيفة الأمريكية بيانات من وسائل الإعلام الإيرانية الإلكترونية والمواقع المحلية ولقاءات مع إيرانيين؛ أظهرت أنه خلال الفترة من 28 ديسمبر 2017 إلى 3 يناير، اجتاحت التظاهرات 72 مدينة.

ومن بين المدن التى شهدت مظاهرة احتجاج واحدة على الأقل، كان 73% من سكانها عددهم أقل من 380 ألف نسمة، أما حجم السكان للنسبة 25% فكان أقل من 105 آلاف نسمة.

تلك الأرقام مفاجئة قليلًا لعدة أسباب، أولًا أن المدن الصغيرة في إيران بصورة عامة غير سياسية، وثانيًا أنها تميل لأن تكون دينية أكثر؛ لذا فإن سياسات نظام الملالي فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية التي تمثل السبب الرئيسي لعدم الرضا بين أفراد الطبقة المتوسطة في المدن الكبيرة، لا تشكل قلقًا كبيرًا بالنسبة لسكانها.

أما السبب الثالث فهو أن السكان في تلك المدن يعرفون بعضهم البعض وعلى دراية بالأنشطة التي يقومون بها داخل المناطق الصغيرة؛ لذا فإن الانضمام إلى تظاهرات مضادة للحكومة في تلك المدن يعني أن الاحتمال الأقرب هو التعرف عليهم واعتقالهم من قبل الحكومة، وهذا ما يجعل التظاهرات باهظة الثمن في مثل تلك المدن.

وحذر مسؤولون بالحكومة الإيرانية مؤخرًا بشأن البطالة وعواقبها الاجتماعية السياسية المحتملة، فمنذ 3 أشهر قال وزير الداخلية الإيراني إن معدل البطالة وصل 60% في بعض المدن مما قد يخلق “مشاكل اجتماعية”.

ولفهم كيف أثرت البطالة على مشاركة المدن الصغيرة في التظاهرات، جمعت “واشنطن بوست” بيانات من 32 مدينة من بين 52 مدينة صغيرة متعلقة بمعدل البطالة، وذلك في مدن عدد سكانها أقل من 400 ألف.

وتبين أن معدل البطالة في 81% من المدن التي انضمت إلى التظاهرات أعلى من متوسط البطالة الموجود بالبلاد وهو 12.7%.

ورغم أنه من الصعب تبين ما إذا كان جميع المشاركين في التظاهرات بدون عمل أو من طبقات اقتصادية اجتماعية أدنى، فإنه في حالة غياب المعلومات الفردية تكون المعلومات المتعلقة بالمدينة الأداة الأكثر فاعلية التي تقدم رؤية حول المتظاهرين والوضع الاقتصادي الاجتماعي الخاص بهم.

التأكيد على المظالم الاقتصادية لا ينفي بالضرورة الأثر الممكن للعوامل أخرى، فالتظاهرات الأكثر عنفًا وانتشارًا والأطول في فترة الاستمرار كانت في خوزستان وأصفهان اللتان تعانيان من مشاكل بيئية كبيرة، مثل: تلوث الهواء وندرة المياه، وهذه المشاكل البيئية قد دفعت إلى خروج عدة تظاهرات خلال العامين الماضيين.

بعض المتظاهرين، خاصة في المدن الكبيرة التي يعيش فيها عدد كبير من الطلاب والنشطاء السياسيين، يمكن أن يكون دافعهم المظالم السياسية والمطالب الديمقراطية، ومع ذلك، وكما تشير الأدلة المتاحة، فإن المشاركة غير المتوقعة للمدن الصغيرة هي على الأرجح بسبب المظالم الاقتصادية.

في سياق متصل، رحب المسؤول الأمريكي الإيراني البارز في إدارة ترامب ماكان دلراهيم، بالتظاهرات الأخيرة المناهضة للحكومة في إيران، واصفًا إياها بأنها تطور “يثلج الصدور”

وقال المسؤول الأمريكي خلال مقابلة مع إذاعة “فويس أوف أمريكا” النسخة الفارسية، إن حركة التظاهرات المناهضة للحكومة هي “تطور طبيعي” للإيرانيين، الذين أوضح أنهم يرغبون في حريات يرفضها نظام الملالي القمعي الذي يدير إيران منذ نحو 40 عامًا.

وأضاف دلراهيم أن مشاهدة الإيرانيين خلال حركة التظاهرات هذه تثلج الصدور “ونأمل حدوث الأفضل في نهاية الأمر، لكن من يعلم ماذا سيحدث”.

وعبّر المسؤول الأمريكي عن خيبة أمله من مجهودات الحكومة الإيرانية التي منعت الناس من استخدام وسائل التواصل الإلكتروني كجزء من حملتها القمعية ضد التظاهرات الواسعة النطاق التي بدأت في 28 ديسمبر.

وقارن المسؤول بين مثل تلك الممارسات المقيدة بما يحدث في الولايات المتحدة، قائلًا إن الناس هناك يتمتعون بحرية فكرية للتعبير عن أنفسهم، مما يخلق بيئة تجعل الابتكار والتجارة ممكنين.

وقال “أتمنى أن يختلف الأمر في إيران، بحيث يكون لدى الناس القدرة على التعبير عن آرائهم أيًا كانت”.

وتحدث دلراهيم عن ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، القوة العسكرية التي دفعت ملكيتها للشركات الإيرانية إلى وصف النقاد لها بأنها احتكار يضر الاقتصاد.

وأوضح المسؤول الأمريكي الإيراني أن “هذا شيء مؤسف؛ لأنها تحد من قدرة الاقتصاد الإيراني على النمو في القرن الـ21”.

وكانت حملة الاعتقالات الممنهجة ضد المحتجين التي شنها نظام الملالي قد تصاعدت في مختلف المدن، وبعد وصولها إلى الذروة، امتدت عمليات الاعتقال إلى المواطنين من منازلهم، بالإضافة إلى التعدي على النساء والأطفال.

وعبر خبراء حقوقيون عن قلقهم إزاء عنف السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين، فوفقًا للمعارضة قتل 50 شخصًا على الأقل، واعتقل 3 آلاف آخرين من جميع أنحاء إيران خلال الاحتجاجات الواسعة التي دخلت منذ يومين أسبوعها الثالث.

وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا، عن ملامح تحالف جديد بين تنظيم الإخوان الدولي الإرهابي والنظام الملالي عبر صمت التنظيم إزاء الاحتجاجات التي خرجت في إيران ضد حكم الولي الفقيه، فيما كان يسارع دوما لدعم المظاهرات التي تخرج في الدول العربية التي يستهدف السيطرة عليها.

وسردت المنظمة في بيان أسماء عدد من المنظمات التابعة للتنظيم الإخواني التي لم تتخذ موقفا داعما للاحتجاجات في إيران، متهمة إياها بالعمالة للنظام الملالي، ومنها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة يوسف القرضاوي، ومؤسسة كرامة لحقوق الإنسان في جنيف ورئيسها القطري الموضوع على قائمة الإرهاب العالمي عبد الرحمن بن عمير النعيمي، والمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في جنيف، ومنظمة سام لحقوق الإنسان في لندن التي يترأسها المدعو محمد جميل.

ووفق المنظمة فإن كل هؤلاء “صمتوا كليا عن الدفاع عن الشعب الإيراني الأعزل الذي سقط ولا يزال يسقط منه شهداء كل يوم من نيران الشرطة والجيش الإيراني، ولم يصدر أي بيان شجب وإدانة ضد الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان التي يقوم بها النظام الإيراني”.

واعتبرت أن هذا “أكبر دليل وشاهد على تواطؤ الإخوان المسلمين مع نظام ولاية الفقيه الذي قمع الثورة في سوريا وذبح شعبها ووقف مع نظام بشار ودعم حزب الشيطان في لبنان”.

وعلى هذا الأساس، أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا تنظيم حملة لكشف وتعرية التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان ومنظماته حيال “الثورة الإيرانية الباسلة بكل المؤتمرات والمحافل الدولية”.

وفى السياق وصفت الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية في إيران تصريح وزير خارجية النظام الإيراني محمد جواد ظريف في بروكسل، باجتماعه مع نظيره البريطاني حول ملفات اليمن والبحرين بـ”تصريح وقح مثل صاحبه”.

وطالبت الحملة، في بيان لها، وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون برفض الاستماع إلى “هذا المجرم”، الذي يمول نظامه الإرهابي الإرهاب والمليشيات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين وغيرها.

وأضاف البيان أن ظريف يبرر حاليا بزياراته إلى دول العالم قتل نظامه الفاشي للمتظاهرين العزل بشوارع مدن وقرى إيران.

ولفت البيان إلى أنه على الحكومة البريطانية أن تقطع علاقاتها حالا مع النظام الإيراني، وألا توافق على أي اتصالات دبلوماسية معه، وأن تقف هي والمجتمع الأوروبي والعالمي في دعم ومساندة الثوار الإيرانيين وانتفاضتهم العادلة الباسلة ولا تقف موقف المتفرج.