أرشيف صحيفة البلاد

خالد الفيصل.. القوي الأمين

بخيت طالع الزهراني

•• كان جواباً مبهراً، ذلك الذي قاله وزير التربية والتعليم، سمو الامير خالد الفيصل، في مؤتمره الصحفي في هيلتون جدة الاحد الماضي بل لقد وضع النقاط على الحروف، بكل ثقة واطمئنان ووضوح، ومن غير مواربة.
•• أقصد هنا تحديداً جواب سمو الوزير على سؤال (البلاد) الذي طرحته عليه حول رؤية وبرنامج الوزارة في التعامل مع الفكر المتشدد، الذي كان ومازال موجوداً في عدد من مدارس التعليم العام عندنا، والذي لا يخفى عن العين، ويمكن تلمسه بوضوح.
•• الروعة في جواب الامير، انه كان يعرف اكثر مما نعرف نحن، رغم انه كان خارج الوزارة ولم يتقلد حقيبة التربية الا منذ شهور، مما يؤكد وعيه، وألمعيته، وقدرته المبهرة على قراءة المجتمع من حوله، قراءة فاحصة وواعية، وتلك هي سمات القائد المسؤول، الذي يمكن ان يكون صاحب رؤية ومنهجاً.
•• لقد (فصل) سموه من (أوجز) في رده على سؤال (الفكر المتشدد) بما كان شافياً وكافياً، ولا غرابة في ذلك عندما يكون الحديث والجواب من (فم) و(فكر) خالد الفيصل صاحب العبارة المجنحة، ذات الدلالات العميقة الواعية، التي تضع النقاط على الحروف.
واظن انه لن يعجزنا ذلك، متى (اسند الامر لاهله).. وبدأنا بشكل مؤسسي ومنهجي في تبني وتعميم الفكر الوسطي، ونبذا الفكر المتشدد، الذي اضر بنا، واعطى الآخر صورة سيئة عنا، وايضا وهذا مهم جعل صورة الاسلام أمام كثير من الناس ومنهم الكثير هنا صورة مرتبكة، غير واضحة المعالم، يسودها كثير من (الغبش) والضبابية.
•• الاسلام.. ديننا الحنيف.. هو افضل ما نملك، وهو الذي نذود عنه بأرواحنا، ولا خير فينا الا بهذا الدين العظيم، ولا يمكن ان نتباهى امام العالم الا وفوق رؤوسنا تاج هذا الدين الحنيف، لكن المشكلة هي في الفهم، فهم النصوص، فهم فقه الواقع، وتنزيل نصوص الدين بشكل صائب اقرب للحق على كل الوقائع والمعطيات الحياتية، وبالمناسبة ليت وزارة التربية تتبنى برنامجاً تربوياً تعليمياً كبيراً في هذا الاتجاه، يبصر ابناءنا وبناتنا بدينهم الحق وفق منهجه الوسطي المتسامح، الذي يستوعب الآخر، ويتفاعل مع الحياة، كمعزز قوي وقائد لها، ولن يكون ذلك في ظني صعباً على الامير الواعي سمو وزير التربية، الرجل الحصيف، الذي يمكن ان نقول انه فعلاً (القوي الأمين).
•• واظن انه كان لابد من الحديث عن الفكر المتشدد، ولابد من فتح هذا الملف على مصراعيه، والحديث عنه قولاً وعملاً، بما يجعل الوزارة قادرة على وضع الخطط الكفيلة بإلجامه، وبالتالي اقتلاعه من جذوره انطلاقا من القناعة الراسخة التي يؤمن بها كل احد، من ان الفكر اخطر سلاح يمكن ان يدمر كل الانجازات المادية، متى كان شاذاً، وسائرا في فلك خارج سرب الحياة الطبيعية.
•• يجب حقيقة ان يسود الميدان التربوي الفكر السعودي المعتدل، ولو استطعنا ان نؤسس لهذا الفكر، ونتعاطاه، لاستطعنا ان نقدمه للوطن، وللعالم الاسلامي وللعالم ككل على ان هذا هو الاسلام الصحيح، ولكسبنا الكثير من المعطيات، ومن اولها ان ننقي افكار ابنائنا من ضلالات التشدد والغلو الذي ليس من الاسلام في شيء، ولاستطعنا ان نعبدالله على هدى ووعي، ثم لاستطعنا ان نقدم للعالم تجربة حياة سعودية، تكون نموذجاً يحتذى، بل ويدّرس في كل مكان.
•• ويظل من العجيب حقاً ان تكون هذه الارض المباركة، مهبط الوحي، ومثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان يكون فيها هذا الفكر المنحرف من جادة الحق، بينما كان الواجب (ان نكون نحن – أهلها)..