جدة – منير عبدالقادر
إدراكًا من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله للمتغيرات العالمية والداخلية والرغبة في التأقلم معها بما يعظم من مصالح المملكة الاستراتيجية، ويقلل من أية خسائر محتملة نتيجة هذه التطورات، فقد آل حفظه الله على نفسه ضرورة بناء دولة عصرية حديثة، ما يتطلب تنفيذ إصلاحات شاملة، وضع الملك عبد الله لبنتها الأساسية في كلمته لدى افتتاح أعمال مجلس الشورى بالقول: “إننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم من حولنا يتغير.. سوف نستمر في عملية التطوير وتعميق الحوار الوطني وتحرير الاقتصاد ومحاربة الفساد والقضاء على الروتين، ورفع كفاءة العمل الحكومي والاستعانة بجهود كل العاملين المخلصين من رجال ونساء في إطار التدرج المعتدل المتماشي مع رغبات المجتمع المنسجم مع الشريعة الإسلامية”. وفي سياق هذا المنهج الإصلاحي تسارعت وتيرة التغييرات بالمملكة في كافة الجوانب.
اهتمام قديم
وحتى قبل ان يبايع ملكا للمملكة العربية السعودية، كان التعليم وتطويره هاجسا ملحا بالنسبة الى خادم الحرمين الشريفين. ومما يشير الى هذا المعنى، الوثيقة التي تقدم بها حفظه الله حين كان وليا للعهد لتطوير التعليم في دول مجلس التعاون في اللقاء التشاوري الرابع لقادة مجلس التعاون الذي عقد في مايو عام 2002 في جدة وتم اقرارها في قمة مجلس التعاون في الدوحة في ديسمبر 2002 وتبنتها قمة الكويت.
تضمنت الوثيقة اراء هامة لتطوير التعليم في دول المجلس عبر خمسة محاور رئيسية شملت بناء القاعدة العلمية والتقنية وتقليص التخصصات النظرية وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية وتكثيف التنسيق والتكامل بين المؤسسات التعليمية في دول مجلس التعاون والاهتمام بقضايا العمل التربوي المشترك.
قاعدة علمية
في محور بناء القاعدة العلمية والتقنية، شعرخادم الحرمين الشريفين ان متطلبات العصر وتطوراته تعتمد على العلوم اعتمادا رئيسيا، فاقترح في وثيقته التركيز على العلوم والرياضيات والحاسب والتقنية، وهي اللغة التي يفهمها كل العالم وتمكن الطلبة من التواصل بسهولة مع كل المستجدات الحديثة، كما اقترحت الوثيقة الانفاق على البحث العلمي وزيادة التخصصات العلمية والهندسية واعداد العلماء والباحثين. وهو المحور الذي يتفق مع نظريات التعليم الحديثة التي تتحدث عن ضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة في وسائل التعليم المختلفة وبخاصة ما يتعلق بتعليم اللغات والعلوم الطبيعية والكيميائية حتى يتسنى تقديم نوع متميز من التعليم لطلابنا في مراحل التعليم المختلفة.
وحين يقترح حفظه الله الانفاق على البحث العلمي فانه يعلم جيدا أن من أهم مقومات البحث العلمي والتطوير وجود ميزانيات كافية يمكن الصرف منها على المتطلبات البحثية مثل الأجهزة والمواد والأطقم المساندة والنشر وحضور الندوات والمؤتمرات وتبادل الزيارات وتكاليف المستشارين الذين يتم الاستعانة بهم من الخارج وغير ذلك من المصاريف الباهظة، لأن هناك علاقة طردية وثيقة تربط بين مقدار الميزانيات المخصصة للبحث من جهة، ومعدلات النمو ومستوياته في دول العالم المختلفة من جهة أخرى.