جدة ــ البلاد
وسط ترحيب رسمي وشعبي، جاءت جولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، التى استهلها الخميس الماضي بزيارة الإمارات، ثم البحرين ومصر وتونس على التوالي، وتوزعت اهتماماتها بين السياسة والاقتصاد، وتعزيز أواصر الأخوه بين المملكة، وتلك الدول .
ثمة رسائل هامة وقوية، تم توجيهها خلال تلك الجولة، تؤكد المكانة، التي يحظى بها الأمير محمد بن سلمان، والعلاقة القوية التي تربط المملكة بتلك الدول، ووجود رفض رسمي وشعبي للحملات الممنهجة، التي تستهدف النيل من دور المملكة الإقليمي والدولي.
جولة كانت نتائجها أيضا بمثابة صفعة قوية لقطر، بنجاحها من جانب، وبتمسك الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بشروطها لإنهاء مقاطعة الدوحة من جانب آخر .
فيما تنوعت مظاهر الاحتفاء والتقدير بولي العهد خلال جولته، كانت هناك مشاهد لافتة، كان أبرزها في المحطة الأولى في الجولة، حيث نشر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قصيدة على حسابه في “أنستقرام” رحب خلالها بزيارة الأمير محمد بن سلمان، لدولة الإمارات.
وعبر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من خلال القصيدة، عن وقوف بلاده حكومة وشعبا إلى جانب المملكة وقيادتها في مواجهة أبواق الفتن.
وعلى صعيد الحفاوة والتكريم أيضا، منح عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الأمير محمد بن سلمان، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة، تقديرا لجهوده المتميزة في دعم وتعزيز علاقات البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي. كما منحه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الصنف الأكبر من وسام الجمهورية؛ تقديرا لجهوده في دعم وتعزيز العلاقات بين البلدين.
أيضا كانت من أبرز مظاهر الترحيب الشعبي، اصطفاف المواطنين المصريين في ميدان التحرير وسط القاهرة، وعدد من شوارعها، وهم يرفعون أعلام المملكة في تظاهرة حب للسعودية؛ بمناسبة زيارة ولي العهد.
وشهدت الجولة أيضا، إجراء مباحثات هامة مع قادة الدول الأربع، تخللتها رسائل قوية داعمة للمملكة، ففي المحطة الأولى، بحث الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين، وسبل مواصلة تنميتها ودعمها في مختلف المجالات؛ بما يلبي تطلعات البلدين وشعبيهما الشقيقين، إلى جانب عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة تمثل نموذجا استثنائيا، يحتذى للعلاقات الأخوية بين بلدين تجمع بينهما وشائج الأخوة والتاريخ والجغرافيا، وفي ظل الاحترام المتبادل والإرادة المشتركة لترسيخ هذه العلاقات والارتقاء بها في المجالات كافة؛ لتعبر عن طموحات شعبيهما في التنمية والرفاه والازدهار.
وأكد الجانبان خلال لقائهما، حرصهما على تعزيز الشراكة السعودية الإماراتية ـ الاستراتيجية التي تتميز بالشمولية؛ تنمويا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا، إلى جانب موروثها التاريخي والروابط المتجذرة بين شعبي البلدين ما يدفعها إلى المضي قدما نحو آفاق أوسع، ويمنحها بُعدا استراتيجيا في معالجة التحديات.
وشدد الجانبان في ختام محادثاتهما على أن الشراكة القوية بين البلدين، تمثل إضافة وركيزة رئيسة للأمن العربي المشترك، خاصة في ظل ما تتميز به سياسة البلدين على المستوى الإقليمي أو العالمي من توجهات ومواقف حازمة وواضحة في مواجهة التحديات والتهديدات التي تشهدها دول المنطقة؛ سواء فيما يتعلق بخطر التطرف والإرهاب وضرورة التصدي للجماعات التخريبية، التي تسعى لتقويض أسس الاستقرار في دول المنطقة، أو بشأن جهودهما الهادفة إلى تنسيق المواقف العربية إزاء قضايا المنطقة المختلفة وكيفية التعامل الفاعل والبناء معها.
وخلال جلسة المباحثات التي عقدها عاهل البحرين، وولي العهد جدد الملك حمد بن عيسى آل خليفة رفض بلاده التام لجميع محاولات استهداف المملكة العربية السعودية.
وأكد أن “السعودية هي دولة الأمن والأمان والعدالة والحقوق المصانة، وستبقى قوية وقادرة على صد كل من يحاول المس بأمنها واستقرارها، أو التدخل في شؤونها الداخلية بحملات ممهنجة وادعاءات مغرضة ومزاعم كاذبة”. كما شدد على أن “وقوف مملكة البحرين في صف واحد مع المملكة هو خيار الماضي والحاضر، وسيظل هو خيار المستقبل، فهو نهج ثابت نابع من الإيمان التام بوحدة المصير المشترك”.
معتبرا أن “هذا التلاحم الأخوي هو سبيل أمن واستقرار دولنا ورخاء وازدهار شعوبنا وتعزيز مكتسباتنا التنموية، وزيادة قدرتنا على مواجهة مختلف التحديات”.
وأكد أن التضامن مع المملكة “واجب على الجميع، فهو تضامن مع الحق وانحياز للخير ورغبة في الحفاظ على وحدة الصف وسلامة الأوطان والمجتمعات”.
وفي مصر، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال استقباله الأمير محمد بن سلمان على عمق ومتانة التحالف الاستراتيجى الراسخ بين البلدين.
وقال السيسي: إن أمن واستقرار المملكة جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصري، كما شدد على التزام بلاده بموقفها الثابت تجاه أمن الخليج ورفض أية ممارسات تسعى إلى زعزعة استقراره.
وجدد الرئيس المصري خلال المباحثات حرص بلاده على تعزيز التعاون الثنائي مع السعودية في مختلف المجالات، وتكثيف وتيرة اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية؛ للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة، التى تشهدها حاليا منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز وحدة الصف والعمل العربي والإسلامي المشترك في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية.
وتم الاتفاق على تعظيم التعاون والتنسيق المصري السعودي؛ كدعامة أساسية لحماية الأمن القومي العربي، ومواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون السيادية لدول المنطقة.
وفي تونس، بحث الأمير محمد بن سلمان والرئيس السبسي، سبل تعزيز التعاون في عدد من المجالات ذات الأولوية على غرار الاقتصاد والمالية، وتشجيع الاستثمار والتعاون الأمني والعسكري لمجابهة مخاطر التطرف والإرهاب وتبادل التجارب والخبرات في المجالات العلميّة والثقافيّة.
كما تناول الاجتماع واقع وآفاق التعاون بين البلدين إلى جانب التباحث حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك عربيا وإقليميا ودوليا، والاستعدادات الجارية لاحتضان تونس فعاليات الدورة العادية 30 للقمة العربية في شهر مارس 2019، والجهود المبذولة لإنجاح هذا الاستحقاق المهم في ضوء التحديات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أسفرت الجولة عن تدشين عاهل البحرين، والأمير محمد بن سلمان، خط أنابيب النفط الجديد، بتعاون ثنائي بين أرامكو السعودية، وبابكو البحرينية، بمعدل ضخ يبلغ حاليا 220 ألف برميل يوميا، وبسعة قصوى تصل إلى 350 ألف برميل يوميا، وبطول يبلغ 110 كم يربط بين معامل بقيق السعودية ومصفاة باكو البحرينية.
ومن هنا تأتي أهمية جولة ولي العهد، التي بدأها بالإمارات لتكون الجولة وما تخللها من مباحثات وتصريحات بمثابة رسائل قوية لقطر وإيران وأصحاب المؤامرات والحملات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة؛ مفادها أن الجميع يقف إلى جانب الرياض، بكل قوة، في مواجهة من يستهدف استقرار المنطقة.