تقرير – محمد صالح
من كان يصدق أنه سيصل إلى مرحلة عالية من (العبقرية) الطويلة، في عالم (الساحرة المستديرة) كرة القدم، ويحقق البطولات والإنجازات الواحدة تلو الأخرى، وكأن (الذهاب) بات أخاً له لا يفارقه بتاتاً، مع كل نادي يقوده ذلك (الداهية).
ابن مدينة (سانتبيدور) الإسبانية المدرب الكبير بيب جوارديولا إي سالا صاحب 47 عاماً، الذي حفر اسمه من ذهب في كرة القدم، ومع الأندية التي مثلها، محققاً انجازات لا تعد ولا تحصى، مقدماً فلسفته الكروية داخل المستطيل الأخضر على طريقة (أنا ومن بعدي الطوفان).
لا يهدأ له بال مع أي نادي يتولى زمام الأمور الفنية، إلا وينثر الفرح على محيا مدرجه، وفعل ذلك في إسبانيا وألمانيا وحالياً عبر إنجلترا، ويتساءل الكثيرين من محبي وعشاق (المجنونة) كرة القدم، كيف يحدث ذلك مع بيب؟، ولا نراه مع مدربين آخرين يملكون الخبرة العريضة في نفس مجاله الفني.
أثناء تمثيله ناديي بريشيا وروما الإيطاليين، أجرت لجنة المنشطات فحصاً طبياً للمدرب جوارديولا، حينها منعته من مزاولة كرة القدم لمدة أربعة أشهر بسبب أن النتيجة كانت إيجابية.
يمتلك بيب جوارديولا سجلاً بطولياً حافلاً خلال مسيرته التدريبية التي بدأت قبل ما يقارب 10 سنوات، حصد فيها 24 بطولة محلية وقارية وعالمية متنوعة، كان آخرها ثلاثية السيتي المحلية في عام 2018، بداية من لقب (البريميرليج) في الموسم الماضي، ومعه كأس الرابطة الإنجليزية، قبل أن يضيف الدرع الخيرية قبل يومين في انطلاقة رائعة للموسم الكروي الجديد، وهو العام الثالث للعبقري الإسباني بين جدران قلعة القمر السماوي، العام الذي يترقب فيه كل عشاق البلومون وملايين من أنصاره خارج إنجلترا تحقيق الحلم الكبير، وهو الفوز بلقب دوري الأبطال الأوروبي، خاصة أن كل تصريحات بيب تؤكد أن السيتيزن في الموسم الجديد سيقاتل بشراسة من أجل حصد كل البطولات التي سيخوضها خلاله، وهو ما ظهر بوضوح عندما افترس البلوز بسهولة تامة في مباراة الدرع الخيرية الأخيرة .
ويبدو أن شيفرة بيب الفعالة تعمل بأقصى طاقاتها في العام الثالث لمسيرته مع الفرق التي قادها خلال تلك السنوات، برشلونة وبايرن، ولأن البدايات المتشابهة تقود غالباً إلى نهايات متطابقة، فإن البحث عن كلمة سر جوارديولا الخاصة في عامه الثالث مع السيتيزن.
مع برشلونة
ما قدمه الإسباني مع فريقيه السابقين، فبعد موسم ثانٍ متوسط النجاح مع البرشا في 2010-2009 فاز خلاله بلقبي الليجا وكأس السوبر الإسبانية فقط، عاد وانتفض وثار ليحقق خمسة ألقاب في موسم 2011-2010، وهي الدوري والسوبر الإسبانيين، بجانب استعادة لقب دوري أبطال أوروبا والسوبر القاري وكأس العالم للأندية، ليكون عامه الثالث هو ثاني أفضل فتراته مع الفريق الكتالوني بعد البداية الرائعة الباهرة في موسم 2009-2008.
رحلة البايرن ميونيخ
وفي ألمانيا، اختلف الوضع قليلاً من حيث عدد الألقاب والإنجازات، لكنه لم يختلف كثيراً عن حالة الفريق البافاري الرائعة التي ظهر عليها في الموسم الثالث تحت قيادة جوارديولا، لأن الموسم الثالث كان الأفضل من حيث الأداء والتطور الكبير الواضح على البايرن، وهو ما استمر عليه الفريق حتى الآن بمنظومة قريبة من فكر بيب الذي يتأثر به كل من يتعامل معه، وفقد ميونيخ أغلب الألقاب المحلية باستثناء البوندسليجا في الموسم الثاني مع بيب، 2015-2014، كما تعرض لإقصاء قاسٍ على يد معشوقه السابق، برشلونة، في نصف نهائي شامبيونزليج آنذاك،
وكذلك غادر بطولة الكأس الألمانية من الدور قبل النهائي وحل وصيفاً لدورتموند في السوبر المحلي، لكن الوضع تغير تماماً في العام الثالث والأخير له مع العملاق البافاري، حيث حصد الثنائية المحلية، وكاد أن يمر إلى نهائي دوري الأبطال الأوروبي، لكن فارق الأهداف وحده منح أتلتيكو مدريد الإسباني بطاقة التأهل إلى المباراة النهائية، بعدما فاز الروخيبلانكوس بهدف نظيف على ملعبه، لأن بايرن جوارديولا فاز في الإياب بهدفين مقابل هدف واحد فقط، وهي النتيجة الأفضل لبيب مع البافاري في دوري الأبطال خلال 3 أعوام.
المان سيتي ينتفض
ويسير سيتي بيب على نسق متصاعد واضح منذ تولي العبقري مهمة تدريب البلومون، وإذا كان السيتي استهل موسمه الثالث ببطولة الدرع الخيرية، فإن الأداء الباهر الذي قدمه أمام تشيلسي برغم أن المباراة تأتي في طقس حار وبداية موسم صعب، لم يحصل خلالها أغلب اللاعبين على راحة كافية بعد خوض المونديال الروسي الأخير، كل هذا يؤكد أن العام الثالث لجوارديولا سيكون مختلفاً عن سابقيه،
كما أشار كثيراً في تصريحاته الأخيرة، وتحسن الفريق بشكل واضح مع بيب مقارنة بموسمه الأول الذي لم يحصد خلالها أي بطولة، وهو ما وصفه بالفشل على حد تعبيره، ولهذا كانت الانتفاضة الكبرى في الموسم الماضي بأداء أسطوري وأرقام قياسية خيالية في مختلف البطولات، لكن ظل الشامبيونزليج عصياً عليه، لكن البطولة القارية قد تستسلم هذا الموسم لسحر البلومون وبيب إذا ما سارت الأمور على الوتيرة المتصاعدة نفسها.
أرقامه مميزة
والأرقام تشير إلى تفوق جوارديولا على نفسه في الموسم السابق مقارنة بالبداية في 2017-2016، وهو الموسم الذي شهد تحقيق نسبة نجاح تبلغ 68.4% فقط في البريميرليج، وتعرض السيتي للخسارة في 10 مباريات خلال ذلك الموسم في كل البطولات بنسبة 17.8%، في حين بلغت نسبة الفوز في المباريات 58.9%، وسجل الفريق إجمالاً 123 هدفاً بمعدل 2.19 المباراة، بينما بلغ معدل اهتزاز شباكه 1.07 هدف في المباراة،
وفي الموسم الثاني 2018-2017، قفزت الإحصاءات إلى معدلات مرتفعة جداً، تعكس حالة الاستقرار والانسجام التي عرفت طريقها بين لاعبي الفريق ومدربهم، حيث بلغت نسبة نجاح السيتي في الدوري الإنجليزي 87.7% بعدما أحدث ثورة هائلة في الكرة الإنجليزية، انعكست كذلك على أداء منتخب الأسود الثلاثة في كأس العالم، وأذاق البلومون كل فرق البريميرليج الكثير من المرارة طوال الموسم الماضي،
محطماً العديد من الأرقام القياسية بالوصول إلى النقطة رقم 100، وتسجيل 106 أهداف في الدوري على سبيل المثال، وأحرز الفريق العام الماضي 143 هدفاً، ليرتفع المعدل إلى 2.51 في المباراة، بينما ظهر الدفاع بصورة أكثر صلابة، حيث اهتزت الشباك بمعدل 0.79 فقط، وحقق الفريق نسبة انتصارات عالية بلغت 77.2% مقابل التعرض للهزيمة في سبع مباريات فقط بنسبة 12.3%.