منى – واس
اضطلعت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – بمسؤوليات جسام تجاه أبناء الأمة العربية والإسلامية، وتجاه المجتمع الإنساني، انطلاقاً من النهج الإسلامي القويم الذي يحث على خدمة الإسلام والمسلمين ودعم التضامن العربي الإسلامي.
وأسهمت المملكة بشكل كبير في تأسيس أربع منظمات سياسية إقليمية وعربية وإسلامية ودولية، هي منظمة التعاون الإسلامي عام 1389هـ – 1969م، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1401هـ – 1981م،ومن الدول العربية السبع التي أسست جامعة الدول العربية عام 1364هـ – 1945م. ومن الدول الإحدى والخمسين المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة عام 1364هـ – 1945م، علاوة على دعمها لمواثيق هذه المنظمات مادياً ومعنويا وتطوير مؤسساتها وأنشطتها المتعددة والرقي بها.
وحرصت المملكة على المشاركة بدور مؤثر في تأسيس أهم المنظمات العالمية والإقليمية ودعمها، حيث بدأت المساعدات والمعونات وأشكال الإغاثة مع قيام الدولة السعودية، حين أرسى الملك عبدالعزيز – رحمه الله – قواعد العمل الإنساني في مساعدة المحتاجين في وقت كانت فيه المملكة محدودة الإمكانيات وفي ظل احتياجات ضخمة لتأسيس قواعد الدولة.
وبدأت أول المساعدات السعودية عام 1370هـ – 1950م حينما تعرض إقليم البنجاب في باكستان لفيضانات مدمرة، فكانت اليد السعودية في موقع الحدث تبذل وتواسي وتساعد ضحايا الكارثة، وفي عام 1371هـ – 1952م شيدت المملكة بأمر من الملك عبدالعزيز – رحمه الله – مدرسة كبيرة في القدس تتسع لـ 500 طالب يتلقون رعاية كاملة من غذاء وعلاج وتعليم وملبس ومأوى، ورصد لهذه المدرسة ميزانية قدرها 100 ألف دولار سنوياً ، كما دشن مستشفى حديث يقدم العلاج والدواء بلا مقابل، تأكيداً لمواقف الملك عبدالعزيز الراسخة في دعم وتعزيز التضامن العربي والحرص على وحدة الصف ونبذ الخلافات والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
وواصلت المملكة عطاءاتها المختلفة، حيث أنشئ في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في عام 1381هـ، بهدف جمع شمل المسلمين والدفاع عن كيانهم ومستقبلهم والارتقاء بمكانتهم بين الأمم، ثم نهض من بعده رائد التضامن الإسلامي الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – براية الحق، فتتابعت المنجزات الخيّرة وعمل من أجل دعوة التضامن ، كما أثمرت جهود المملكة في تأسيس منظمة التعاون الإسلامي في عام 1392هـ لتكون منظمة دولية حكومية إسلامية، هدفها تعزيز التضامن الإسلامي والتعاون المشترك في جميع المجالات بين الدول الأعضاء .
ورأت المملكة أهمية إنشاء جهاز مختص بخدمة قضايا التنمية الدولية ومساعدة الدول النامية لا سيما الدول الإسلامية، حيث تم في عام 1394هـ -1975م إنشاء الصندوق السعودي للتنمية، ليبدأ أعماله في شهر صفر عام 1395هـ، بتقديم قروض ميسرة للإسهام في تمويل مشروعات تلك الدول، وصلت إلى الآن لمليارات الريالات.
وقدمت المملكة دعماً تمثل في رفع رأس مال الصندوق إلى الضعفين والنصف عندما لمست المملكة تزايد حاجة الدول الإسلامية والنامية إلى المساعدات الاقتصادية ليظل الصندوق السعودي للتنمية رمزاً لما تقدمه المملكة من مساعدات إنسانية للدول المحتاجة، في حين بلغ إجمالي اتفاقيات القروض التي وقعها الصندوق منذ بداية نشاطه في عام 1394- 1395هـ حتى نهاية عام 1431- 1432هـ 489 اتفاقية خصصت لتمويل 472 مشروعاً إنمائياً وبرنامجاً اقتصادياً بمبلغ إجمالي قدره 33258,99 مليون ريال، واستفاد من هذه المساعدات 77 دولة نامية في مناطق مختلفة من العالم منها 43 دولة في إفريقيا و 27 دولة في آسيا و7 دول في مناطق أخرى.
وتشير التقارير إلى أن المملكة قدمت قرابة ثلثي المساعدات الإنمائية العربية خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات ، بنسبة 64 بالمئة من حجم المساعدات التي تقدمها دول الخليج ، في حين أكد تقرير لجامعة الدول العربية أن المملكة العربية السعودية تقوم بدور رئيس في تحمل العون العربي واتجاهاته.
ولم تكتف المملكة بتقديم يد العون للأشقاء العرب بل امتد عونها إلى جميع المسلمين في العالم حيث قام الصندوق بدور كبير في مد يد العون للدول النامية وزاد من مساعداته للعام 2010م لتصل إلى مبلغ 2439,25 مليون ريال بزيادة عن عام 2009م وصلت نسبتها إلى23بالمئة ، لتمويل 24 مشروعاً وبرنامجاً إنمائياً في 21 دولة منها 12 مشروعاً في 11 دولة إفريقية بمبلغ قدره 616,25 مليون ريال، و11 مشروعاً في 9 دول آسيوية بمبلغ قدره 1748,00 مليون ريال، ومشروع واحد بمبلغ 75,00 مليون ريال في مناطق أخرى.
واستمر نهج المملكة الخيّر في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – فعملت على تطوير هذا النهج بما يتلاءم مع متغيرات الظروف والأحوال، فيما لا تزال المملكة تقف في مقدمة الدول التي تدافع عن عروبة القدس وتدعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل استعادة أرضه وحقوقهالمسلوبة.
وكانت المملكة أول دولة عربية تقدم لبلديات الضفة الغربية في فلسطين أكثر من 70 مليون دولار لإعداد البنية التحتية لمدن الضفة من أجل صمودها في وجه الاحتلال، وتعد الوحيدة التي أوفت بالتزاماتها كاملة لمنظمة التحرير الفلسطينية حسب قرارات قمة بغداد خلال العشر سنوات من 1399/1409هـ التي بلغت قيمتها حوالي 855 مليون دولار بالإضافة إلى الدعم الشعبي الذي بلغ 90 مليون ريال .
وعندما نشب النزاع الداخلي في لبنان استقبلت المملكة اللبنانيين بالترحاب والرعاية وبذلت جهوداً سياسية ودبلوماسية حثيثة لإنهاء النزاع ولدعم صمود الشعب اللبناني في المحنة ومواجهة العدو الصهيوني، والتقى اللبنانيون في رحاب المملكة عام 1989م لصياغة ميثاق الوفاق الوطني الذي أنهى الحرب ونشر السلم في ربوع البلاد .
وحينما هاجمت إسرائيل جنوب لبنان عام 1402هـ – 1982م، أقامت المملكة العربية السعودية جسرا جويا نقلت من خلاله كميات هائلة من المعونات من معدات وأدوية وسيارات إسعاف وغيرها وبلغت قيمة الأدوية 761.620 ريالاً.سوف يظل العالم يذكر بالامتنان والتقدير الموقف الإنساني النبيل للمملكة حكومة وشعباً في مساندة الشعوب والأقطار الأفريقية في مواجهة المجاعة والتصحر التي واجهتها أفريقيا في منتصف عقد الثمانينيات ، حيث سارعت مؤسسات المملكة وشعبها لنجدة الشعوب الأفريقية أثر نداء أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – من أجل القيام بهذا العمل الإنساني العظيم .
وخلال عقدين من الزمان دأبت المملكة على المضي قدماً بخطى محددة رسمها الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – في دعم التضامن الإسلامي من خلال ما قدمته المملكة للدول من مساعدات إنسانية ميسرة من خلال القنوات الثنائية والإقليمية والدولية بلغت 245 مليار ريال ،استفاد منها 70 دولة في مختلف القارات منها 38 دولة أفريقية و22 دولة آسيوية و 10 دول نامية أخرى .
وأمر الملك فهد – رحمه الله – بزيادة رأسمال البنك الإسلامي للتنمية ليصل إلى 9 بلايين دولار أمريكي وتمثل نسبة مساهمة الدولة بنحو 25 بالمئة من رأس المال ،إضافة إلى تبرع المملكة بقطعة الأرض التي يشغلها مقر البنك والبالغة مساحتها 50 ألف متر مربع إلى جانب مساهمتها في تكاليف بناء المقر الدائم للبنك بمبلغ 50 مليون ريال في محافظة جدة .
وحظي وضع مدينة القدس باهتمام بالغ من خادم الحرمين الشريفين الذي جسد في إصدار توجيهاته الكريمة عام 1992م بأن تتحمل المملكة نفقات إصلاح وترميم المساجد بمدينة القدس، علاوة على أن المملكة في طليعة الدول التي اعترفت بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة فور إعلانها لعام 1988م وأقامت سفارة فلسطينية لديها، وقدمت مبنى السفارة الفلسطينية بالرياض هدية للشعب الفلسطيني .
وفي الشأن اللبناني دأب رحمه على وقف نزيف الدم العربي والمصالحة بين الطوائف اللبنانية ومناصرته لقضايا المجاهدين في أفغانستان ،وتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة في الصومال ،والمساندة الفعالة لقضية البوسنة والهرسك ،وإغاثة شعب كوسوفا والشيشان ،انطلاقا من مبدأ تعزيز التضامن الإسلامي ونصرة الشعوب الإسلامية.
ويكتب التاريخ بحروف من نور الدور الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – تجاه القضايا المعاصرة ومساهمته واهتمامه بها فعلى الصعيد الإسلامي لقيت قضايا الأمة الإسلامية وتطوراتها النصيب الأكبر من اهتمامه حفظه الله وكانت دعوته لعقد مؤتمر القمة الإسلامي الطارئ الثالث في مكة المكرمة يومي 5 و 6 ذي القعدة 1426ه الموافق 7 و 8 ديسمبر 2005م إيمانا منه بضرورة إيقاظ الأمة الإسلامية وإيجاد نوع من التكامل الإسلامي بين شعوبها ودولها والوصول إلى صيغة عصرية للتعامل فيما بينها وبين الدول الأخرى التي تشاركنا الحياة على هذه الأرض ،إضافة للعمل الجاد على حل مشكلات الدول الفقيرة من خلال صندوق خاص لدعمها وجعلها تقف على قدميها .
وفى إطار دعم المملكة العربية السعودية المتواصل للقضية الفلسطينية اقترحت المملكة في مؤتمر القمة العربي الطارىء المنعقد في القاهرة في أكتوبر 2000م إنشاء صندوق ( انتفاضة القدس ) بموارد قدرها 200 مليون دولار حصة المملكة منها 50 مليون دولار للإنفاق على أسر شهداء الانتفاضة التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية في سبتمبر 2000م ، كما اقترحت إنشاء ( صندوق الأقصى ) بموارد قدرها 800 مليون دولار حصة المملكة منها 200 مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس وقد أخذ الاقتراحان طريقهما إلى التنفيذ لتحقيق الأهداف التي قاما من أجلها.
وتبنت المملكة قضية القدس ووقفت بكل صلابة في مواجهة المؤامرات الصهيونية ضد تلك المدينة عن اقتناع راسخ بأن القدس هي صلب القضية الفلسطينية.