أرشيف صحيفة البلاد

تصاعد السخط على ملالي إيران .. والعقوبات تطيح بوزير العمل

طهران ــ وكالات

وضع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران نظام الملالي وحكومة روحاني في مأزق سياسي واقتصادي واجتماعي، كما وضع المنظومة باسرها فى مواجهة السخط المتصاعد لجميع فئات الشعب الإيراني.

ووجد روحاني نفسه يتلقى الانتقادات والنصائح الصارمة من جميع نواحي البلاد، حيث قال قائد الحرس الثوري الإيراني إن روحاني يجب أن يظهر “حسما” في إنقاذ الريال المتهاوي، بينما أطلقت العديد من لجان البرلمان الإيراني استدعاءات لروحاني ليدلي بشهادته حول عودة العقوبات الأمريكية، في ظل احتجاجات منتشرة في مختلف أنحاء الدولة. فيما صوت مجلس الشورى الإيراني امس الأربعاء على حجب الثقة عن وزير العمل علي ربيعي بعد أشهر من الغضب المتصاعد في البلاد.

وصوت 129 نائبا على مذكرة لحجب الثقة عن الوزير مقابل 111 ما يعطي الرئيس الإيراني حسن روحاني مهلة ثلاثة أشهر ليعين آخر خلفا له.

ويعد هبوط قيمة الريال الإيراني في مركز ازمات النظام الإيراني، حيث يهدد بتحول المواجهة الجيوسياسية في البلاد إلى كارثة اقتصادية محلية كاملة بمجرد ضم العقوبات الأمريكية المتعلقة بالنووي لصناعة وإنتاج النفط في إيران في نوفمبر المقبل، استكمالاً لقرار إعادة فرض العقوبات ضد طهران.

ورغم تركيز معظم العالم على العقوبات التي سيعاد فرضها في نوفمبر المقبل، وتستهدف النفط الإيراني، فإن الموجة الأولى من العقوبات ستضرب منطقة ضعيفة في الاقتصاد الإيراني بشكل أقسى مما توقعه أغلب الخبراء والمحللين.

وأوضحت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن العقوبات ستفتت جهود إيران، على الأقل لعامين، وهي المدة المتبقية من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإدراك قوتها الاقتصادية الكاملة، والتي كان من المفترض أن تجنيها بموجب الاتفاق النووي الموقع في منتصف 2015.

إلا أن تحقيق القوة الاقتصادية الكاملة يحتاج إلى إمكانية الوصول للعملة الأجنبية، وهو ما تحاصره العقوبات الأمريكية على إيران بمنع كل جهود بنكها المركزي من تقديم إغاثة للموردين والمصدرين في إيران الذين يعانون بسبب هبوط الريال.

ونوهت وكالة “بلومبرج” الأمريكية بأن الصفعة التي تلقاها روحاني غير مقتصرة على أجندته الاقتصادية التي من المفترض أن توفر وظائف وأجوراً أكبر للشعب الذي يشكل 60% منه شباب أقل من 30 عاماً.

وقالت إن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يأتي في وقت حساس في ظل نزاع فكري حول مستقبل السياسة الإيرانية، بينما يقترب المرشد الإيراني علي خامنئي من عامه الثمانين.

ومنذ ديسمبر الماضي وتندلع احتجاجات ضد الحكومة الإيرانية؛ اعتراضاً على ارتفاع تكاليف المعيشة واختفاء الحريات المجتمعية وانتشرت المظاهرات في عدة مدن بمختلف أنحاء البلاد، ما دفع النظام لفرض القمع، ما زاد السخط بين فئات الشعب الإيراني.

ولا تخفى العواقب الواسعة للأزمة التي تواجهها إيران حالياً، فبعد استبعاد أي آمال في تمويل من دول الغرب للاقتصاد الإيراني بموجب عودة العقوبات الأمريكية في ظل تهاوي الريال، من المرجح أن تسارع طهران جهود التقرب من الصين.

ويبقى روحاني في ظل تلك الصدمات تحت ضغط من أنصار الملالي المتشددين الذين لا يثقون على الإطلاق في الولايات المتحدة، بل سيكونون الخاسر الأكبر في حال انفتاح إيران على الاقتصاد العالمي؛ نظراً لأن مخالبهم تمتد إلى أبعد وأوسع مدى في جميع مستويات الدولة.

الى ذلك جددت الخارجية الأميركية مطالبتها إيران بتغيير سلوكها في المنطقة، واتهمت المتحدثة باسم الخارجية هيذر ناورت في مؤتمر صحافي ، طهران بزعزعة منطقة الشرق الأوسط، وعدم الاهتمام بشعبها.

يأتي ذلك فيما قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي إن بلاده ترغب برؤية تراجع أوسع من إيران في دعمها الإرهاب الدولي وفي نشاطاتها العدائية في الشرق الأوسط وبرنامجيها الصاروخي والنووي.

قال بولتون إن إعادة تفعيل العقوبات المفروضة على إيران يهدف لوقف دعم حكومتها للإرهاب الدولي.
وأضاف في تصريحات للصحافيين أن إيران مطالبة بالتراجع عن دعم الإرهاب والنشاط العسكري في الشرق الأوسط ووقف البرامج النووية والصاروخية.

وأشار بولتون إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع دول أخرى على خفض وارداتها النفطية من إيران إلى الصفر، حيث يرى أن العقوبات بدأت تؤتي ثمارها بالفعل، ما يسبب عواقب اقتصادية سلبية وكبيرة بالنسبة لإيران.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية أن إيران لا تصرف أموالها على الخدمات الاجتماعية وإنما على الهجمات الإرهابية، مضيفة أن بلادها تريد التوصل إلى اتفاق لا يتعلق فقط بالبرنامج النووي وإنما بتصرفات طهران وبرنامج صواريخها الباليستية.

وأضافت ناورت: “الشعب الإيراني يعاني ويزداد إحباطاً، لأن النظام في إيران اختار أن يصرف أمواله على زعزعة الاستقرار في المنطقة وشن هجمات على دول أخرى وكذلك المشاركة في الحرب بسوريا والذهاب إلى العراق وغيرها.. هذه الأنشطة موثقة ومعروفة ولا تعود بالنفع على الشعب الإيراني، لذا أعتقد أن الإيرانيين اختاروا التظاهر. نريد أن نرى تغييراً في سلوك النظام الإيراني ولا نخجل القول من ذلك، يجب عليهم الاهتمام بشعبهم وصرف الأموال على شعبهم وليس تمويل الإرهاب”.

في غضون ذلك أجمع معارضون إيرانيون، على أن العقوبات الأمريكية ضد نظام الملالي في طهران على خلفية انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو الماضي، ستزيد من عثرته في ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ، الثلاثاء، تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية، كما تستهدف قطاعي السيارات والطيران التجاري، وستعقبها في نوفمبر المقبل، تدابير تطال قطاعي النفط والغاز إضافة إلى البنك المركزي الإيراني.

وأعرب رضا بارشي زادة، المعارض الإيراني، عن ترحيبه بفرض تلك العقوبات على نظام الملالي مجدداً، مؤكداً أنه كان أحد المعارضين لإبرام الاتفاق النووي مع طهران قبل 3 سنوات، لكونه “معيباً” من الأساس.

وأضاف زادة، المحلل السياسي بجامعة إنديانا بولاية بنسلفانيا الأمريكية، أن لديه يقيناً منذ إبرام الاتفاق النووي بين إيران و6 قوى عالمية عام 2015، بعدم تنفيذ نظام الملالي بنود الاتفاق، مؤكداً أن بنوده كانت تلزم طهران بالتوقف عن تطوير التكنولوجيا النووية لأغراض عسكرية.

وأكد زادة أن الاتفاق سمح بتمدد مليشيات الملالي بالمنطقة، كما واصل أنشطته الخبيثة، في الوقت الذي تدهورت أوضاع حقوق الإنسان داخل البلاد، مشدداً على أن انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تلك “الصفقة الكارثية” كان مبرراً، على حد قوله.

ويرى زادة أن النظام الإيراني لا يزال يواصل سياساته العدائية والتوسعية في الشرق الأوسط، مشدداً على أن طهران تريد إطالة أمد المواجهات المسلحة في بلدان عدة بهدف تحقيق أطماعه.

ولفت إلى أن الضغوط الهائلة التي يتعرض لها في الفترة الراهنة ستقلص من قدراته سواء بالاقتصاد أو البنية التحتية.

واعتبر زادة أن حالة الغضب الشعبي ستكون عامل ضغط إضافي على نظام الملالي، معتبراً أن النظام لا يرى غير القمع إزاء حالة الثورة والتذمر التي تنتاب الإيرانيون بسبب سياساته التخريبية، مطالباً قوى المعارضة في الخارج بالتوافق لإدارة العملية الانتقالية بخطة جاهزة لتطبيق الديمقراطية حال سقوط النظام، بحسب قوله.

بدوره، قال أحمد رحمة الأحوازي، الناشط السياسي المستقلإن “الجزء الأخطر على النظام الإيراني من هذه العقوبات سيكون في نوفمبر المقبل”، لافتاً إلى أن “عقوبات واشنطن وضعت الملالي في ورطة قد تنهي دوره التخريبي بالمنطقة، والذي يمثل الورقة الرابحة له لإطالة بقائه في السلطة”.