جدة- عبد الهادي المالكي
رغم الارتفاع الكبير في كلفة إنتاج ونقل المياه، بمختلف مناطق المملكة، لاتزال سلوكيات الإهمال كامنة في تسربات المياه من المواسير بالشوارع، مستنزفة الثروة المائية، فيما تكتفي وزارة المياه والزراعة والبيئة، بجهود التوعية النظرية.وكشفت الإحصاءات الرسمية التي أعدتها وزارة المياه، خلال الفترة الماضية، لقياس مدى الوعي المجتمعي بأهمية المياه، عن أن 99% من المستهلكين يجهلون كلفة إنتاج ونقل المتر المكعب الواحد من المياه، كما أن 82% منهم لا يطبقون إجراءات توفير المياه.
هذه الأرقام تكشف حالة إهمال الصيانة للتسربات الناجمة عن كسور ببعض المواسير في الشوارع، لتصنع صورة سلبية من إهدار المال العام، لا سيما مع جريان المياه المهدرة لمدد طويلة في شوارع بعض المدن ومنها جدة.
وفي الوقت الذي تهتم في الوزارة بإنفاق مبالغ طائلة على حملات توعية، تطالب المواطنين بترشيد استهلاك المياه، خلال الاستخدامات اليومية المعتادة، تقف مكتوفة الأيدي، أمام الهدر الدائم للمياه في الشوارع، حتى بات أمرا مألوفا لدى المواطنين، وكمثال واضح على ذلك، ما يجري في أحياء جنوب مدينة جدة.
تسربات وتآكل الأسفلت
شكا عدد من المواطنين من حالة الإهمال السائدة، في صيانة مواسير المياه، مطالبين المسؤولين بالتحقيق في أسباب ذلك، من أجل وقف هدر الثروة المائية، ومن ثم المال العام، الذي ينفق على إنتاج ونقل هذه الكميات الكبيرة من المياه التي تذهب سدى.
وقال المواطن عبد الله الشيخي، أحد سكان حي الروابي بجدة، إن انبعاث المياه من داخل الأرض، بعد كسر المواسير، بات أمرا معتادا، ويدل على أن البنية التحتية بحاجة إلى إعادة التأهيل، حتى يمكنها استيعاب التطورات السكنية، والعمرانية، والتنموية الجارية حاليا.
وأشار إلى أن كثرة الحفريات من الشركات التي تعمل في الشوارع، لأسباب متنوعة، وعدم إعادة الشوارع إلى ما كانت عليه قبل أعمالها، يسبب خللا وضعفا في طبقة الأسفلت، ويسهل ضغط الشاحنات الكبيرة على البنية التحتية أسفل الطرق، مما يعرضها للتلف.
وأشار الشيخي، إلى أن فرق الصيانة الخاصة بشركة المياه، لا تحضر إلا متأخرة جدا، وبعد اتصالات متعددة للطوارئ، لافتا إلى أنه عندما حضرت فرق الصيانة، لإصلاح التسرب في الشارع أمام منزله، اكتفت بوضع كتابة معينة على جدار المنزل المجاور للتسرب، ثم غادرت دون إجراء أي إصلاحات.
الرأي ذاته أبداه المواطن سعيد الغامدي، من سكان حي الروابي أيضا، مشيرا إلى أن شركة المياه عندما تقوم بإصلاح أي تسريب، فإنه يعود خلال أيام قليلة، أو تنفجر الموسير في الشوارع المجاورة، مما يدل على غياب الاهتمام بإتقان العمل.
وطالب الغامدي، بالتحقيق في هذه الأمور، ومحاسبة المسؤولين عنها، حتى يمكن وقفها، وحماية المال العام من الإهدار، وكذلك حماية البيئة، من أن تتحول هذه المياه إلى مستنقعات تنقل الأمراض للأطفال والكبار على السواء.
وقال الغامدي: “إلى عهد قريب كانت مصلحة المياه هي المسؤولة، عن تلك التسربات من خلال تسيير دوريات تراقب وترصد المخالفات في هذا الشأن، لكن المسؤولية انتقلت مؤخرا إلى شركة المياه الوطنية، التي تبدو أقل سيطرة على الأوضاع”.
وأضاف: “رغم كثرة المراقبين في الشركة، عند خروج الماء من المنازل، فإننا نفتقدهم عند التسرب، وذلك من أجل وضع الغرامات على أصحاب المنزل، حتى لو كان العطل في عوامة الخزان الأرضي، أو ناجم عن أي خلل خارج عن إرادته، أما تسربات الشوارع فلا أحد يحاسبهم”.
غياب الرقابة
وعلى صعيد المعاناة ذاتها، يعيش سكان بعض سكان حي الجامعة، المأساة ذاتها مع التسربات، لكن هذه المرة لا يدرون أيها ناجم عن المياه النظيفة، وأيها من الصرف الصحي.