أرشيف صحيفة البلاد

ترتيب الوزارات ومصلحة المواطن

حيدر إدريس عبدالحميد

حيدر إدريس عبد الحميد
اعتدنا في السودان على ترتيب الوزارات وتصنيفها إلى سيادية واقتصادية وخدمية وفي حين تستأثر الأولى بهياكل رفيعة وامتيازات فإن الوزارات التي تلامس هموم المواطن أو تدفع بإنتاجه إلى مستويات أعلى وتغذي بالتالي كافة الوزارات تقبع في المراتب التالية.
وفي (زمن الأحزاب) كما نسميه كان الصراع يدور بينها حول وزارات معينة مثل الخارجية والتجارة بينما من يحصل مثلا ًعلى وزارة الثروة الحيوانية والسمكية يكون ساخطاً رغم أنها من الوزارات الكبيرة التي تضم أفضل الكوادر وتعنى بقضايا ملايين السودانيين وتدر موارد مالية محترمة كما تعتبر من وزارات المستقبل.
وعلى ذكر الوزارات استحضر ما قيل إنه دار بين الرئيسين جعفر محمد نميري ومعمر القذافي,رحمهما الله, في سنوات تشاكسهما إذ سأل القذافي النميري لماذا لديك وزارة للمالية؟ فرد النميري ولماذا لديك وزارة للزراعة؟.
وقيل إن رئيس الجمهورية عاتب وزير المالية الأسبق الأستاذ عبد الرحيم حمدي (كما أظن) عندما أخبره أن المراجعين يشكون من صرامته وعبوسه فرد عليه الوزير فيما معناه:أجعلني على وزارة الخارجية وسترى ابتسامتي.
تصوروا بلداً مثل السودان يفخر بثروته الحيوانية والسمكية ثم تكون الوزارة المسؤولة عنها في أدنى اهتمامات الساسة وقس على ذلك وزارة مثل السياحة هي في بعض البلاد العمود الفقري للاقتصاد أما عندنا ورغم الإمكانات الهائلة فهي من وزارات الترضية حتى أن مهرجانها يقام في فصل الصيف وفي وقت غير مناسب ومحمياتها الطبيعية لا أحد يعرف عنها شيئاً وإن عرف عنها فلا يمكنه الوصول إليها إلا بشق الأنفس وإن اكتفى بزيارة موقعها الإلكتروني فحدث ولا حرج .. موقع باهت تصدمك أخطاؤه الإملائية والنحوية أما آثارنا وإهراماتنا التي من الممكن أن تدهش العالم وتضيف فصولاً إلى تاريخه لم نحسن تقديمها للآخرين !.
ألا نحتاج فعلاً إلى إعادة ترتيب أولوياتنا بالتركيز على القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تمس حياه الناس وبالتالي نوجه ما نحصل عليه من موارد ومنح وقروض إلى هذه القطاعات وإلى مراكز ومعاهد الأبحاث والدراسات لمزيد من المنافع.
إننا في حاجة إلى حراك مجتمعي تشارك فيه كل القوى الفاعلة من أجل التنمية والاستغلال الأمثل للموارد بعيداً عن الصراعات والطموحات الشخصية التي تبتلع خلاصة جهد وعرق المنتجين.