دولية

ترامب ونووي إيران.. خيارات المواجهة

جدة ــ البلاد

حسم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، موقف بلاده من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع الدول الـ6 العظمى بإعلانه الجمعة أن واشنطن لن تقوم بالتصديق على الاتفاق.

ويبني الرئيس الأمريكي موقفه على قاعدة 5 اعتراضات رئيسية، لكن هذه الخطوة تضعه أمام 3 سيناريوهات محتملة. وطالما هاجم ترامب الاتفاق النووي مع إيران، ووصفه مرارا بأنه أسوأ اتفاق توقعه بلاده، كما عده “عارا” على الولايات المتحدة، ويقوم موقف الرئيس الأمريكي وغالبية الجمهوريين انطلاقا من 5 قضايا رئيسية يشملها الاتفاق وتثير حفيظتهم. إرجاء الأزمة لا حلها:

تتلخص المشكلة الأولى للإدارة الأمريكية الجديدة مع الاتفاق الذي وقعته واشنطن في عهد الرئيس السابق بارك أوباما في أنه يمثل إرجاء للمشكلة لا حلا لها. وتتجلى هذه الأزمة فيما يعرف ببند الغروب الذي ينص على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيا اعتبارا من 2025.

الموقف الأمريكي الرافض لبند الغروب عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قائلا في وقت سابق إن “هذا الأمر لا يؤدي سوى إلى إرجاء المشكلة إلى وقت لاحق.. يمكننا تقريبا البدء بالعد العكسي للحظة التي سيتمكنون فيها من استئناف قدراتهم النووية”.

تفتيش المواقع العسكرية:
يشكك المسؤولون الأمريكيون في أن إيران قد تحتفظ ببرنامج نووي عسكري سري، بعيدا عن منشآتها النووية الخاضعة للتفتيش بموجب الاتفاق. ورفضت طهران رغبة واشنطن في القيام بعمليات تفتيش لمواقعها عسكرية، لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، كثفت حملتها في هذا المجال مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة تطبيق الاتفاق بالقيام بعمليات تفتيش أوسع نطاقا وأقوى في مواقع عسكرية عدة.

الاتفاق قيد يكبل العالم:
وكانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أول من نبّه للمخاطر الماثلة في كون الاتفاق النووي مع إيران أصبح قيد يكبل المجتمع الدولي، بقدر ما اقتصر على النشاط النووي الإيراني، مما جعل انتقاد طهران حتى بسبب أنشطتها غير النووية ينذر بانسحابها من الاتفاق واستئناف أنشطتها النووية.

إيران وخيانة جوهر الاتفاق :
لم يشر الاتفاق النووي الموقع مع إيران إلى نشاطها العسكري المثير للقلق وخاصة فيما يتعلق بتطوير برنامج الصواريخ الباليستية غير المحظور بموجب اتفاق «فيينا»، رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسا نووية.

ويعتبر المسؤولون الأمريكيون استمرار طهران في تطوير صواريخها الباليستية خيانة واضحة لجوهر الاتفاق الذي موقع بالأساس بهدف دفع إيران لكي لا تظل مصدر سياسيات مزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط، وهو ما أجمله وزير الخارجية الأمريكي قائلا إن “الاتفاق لا يشكل سوى جزء من قضايا عدة يجب أن نعالجها في علاقتنا مع إيران”.

دعم الإرهاب
ينصب الاعتراض الـ5 لإدارة ترامب على نشاط إيران الداعم للتنظيمات الإرهابية، ودور الحرس الثوري الإيراني في تدريب وتسليح مليشيات إرهابية تلحق الضرر بأمن واستقرار الشرق الأوسط.

وتبدو الإدارة الأمريكية عازمة على تقويض قدرة الحرس الثوري الإيراني وملاحقته لإبطال مساعيه لتفجير الأوضاع الإقليمية في اليمن وسوريا ولبنان، خاصة في ضوء غياب إية إشارة في الاتفاق النووي لسياسات طهران الداعمة للإرهاب.

ويلتزم الرئيس الأمريكي بموجب تشريع نجح عضوا مجلس الشيوخ بوب كروكر وبن كارديان في تمريره قبل عامين بالتصديق على التزام إيران بكل البنود الخاصة بالاتفاق كل 90 يوما.

ووافق ترمب على التصديق على التزام إيران بالاتفاق النووي مرتين حتى يوم أمس الأول ، لكنه أعلن عزمه عدم التصديق على الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي لتصبح الكرة في ملعب الكونجرس الأمريكي.
ويعد عدم تصديق ترامب على نصوص “بند مراجعة الاتفاق الإيراني”، من الزاوية القانونية تصرف إجرائي بمقتضى القانون الأمريكي، وليست له تداعيات مباشرة على الاتفاق الدولي مع إيران. كما أنه لا يعني انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في الوقت الحالي، ويطرح الوضع المعلق هذا 3 سيناريوهات محتملة.

السيناريو الأول:
رفض الرئيس الأمريكي التوقيع على مراجعة التزام طهران بالاتفاق النووي قد يعني أن يفرض الكونجرس مجددا العقوبات التي كان أوباما قد علقها بموجب مرسوم رئاسي، وهو ما يعني عمليا انتهاء الاتفاق النووي.

يجد المشرعون الأمريكيون في الكونجرس أنفسهم اليوم أمام مهلة 60 يوما، يحددون فيها ما إذا كانوا سيعيدون فرض عقوبات اقتصادية على إيران أم لا؟ وقد تشمل هذه العقوبات النوعية إجراءات قاسية ضد نظام البنوك في إيران وصادرات النفط، وهو ما أجبر الإيرانيين على الدخول في مفاوضات نووية خلال فترة إدارة أوباما. وفي حال جرى تمرير تلك الحزمة من العقوبات في الكونجرس، ستجد الولايات المتحدة نفسها في موضع مخالف للاتفاق النووي الإيراني، ما قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق برمته

السيناريو الثاني:
حسب التوجيه الرئاسي الأمريكي سيلتزم الكونجرس والإدارة وحلفاء واشنطن على محاولة إعادة التفاوض على البنود موضع الجدل. ورغم استبعاد طيف واسع من المراقبين إمكانية اللجوء إلى هذا الحل قد يتصدى نواب في الكونجرس لطرح حزمة “تعديلات” على الاتفاق النووي والراهن على إمكانية الضغط على طهران والدول الكبرى الضامنة لتمريرها.

السيناريو الثالث:
طالما أكد الرئيس الأمريكي أنه قادر على إلغاء مشاركة بلاده في الاتفاق النووي، وقد وضع البيت الأبيض هذا الخيار ضمن أفق السيناريوهات المحتملة حينما أكد أنه “إذا لم نتمكن من إيجاد حل من خلال العمل مع الكونجرس وحلفائنا فإن الاتفاق سينتهي”.

روحاني يرد:
فيما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أن على الولايات المتحدة الالتزام بالاتفاق النووي، وأن على الجميع قراءة التاريخ بشكل أفضل، خصوصاً تصرف أميركا تجاه الشعب الإيراني. وقال روحاني في خطاب متلفز: «إن أي خطوة من قبل الجانب الأميركي تشكل ضربة للاتفاق النووي، وإن الاتفاق النووي غير قابل للنقاش وعلى الجميع أن يلتزم بتعهداته حيال هذا الاتفاق المتعدد الأطراف». ورفض روحاني إجراء تعديلات على الاتفاق وإضافة أي بند إليه. وقال روحاني: «طهران ستحترم الاتفاق النووي وتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية طالما أن الاتفاق يحقق مصالح البلاد.

ونقلت وكالة “الاناضول” عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، أدريان رانكين غالواي قوله ان بلاده تعمل على تحديد مجالات يمكن العمل فيها مع حلفائها بالمنطقة، لممارسة ضغوط على إيران.

وأوضح “غالواي”، أن وزارة الدفاع الأمريكية تعيد النظر في جميع أنشطتها الأمنية وخططها بالمنطقة، في ضوء هذه الاستراتيجية.

وأضاف “نحدد مجالات جديدة، نعمل فيها مع حلفائنا من أجل ممارسة ضغوط على النظام الإيراني، والقضاء على ممارساته التي تؤدي إلى عدم الاستقرار، وتقويض مساعيه في دعم المجموعات الإرهابية والحصول على قوة عدوانية”.

وفي وقت سابق هدد الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، في حال فشل الكونغرس وحلفاء واشنطن في معالجة “عيوبه”، متوعداً بفرض “عقوبات قاسية” على طهران.

وأكد عدم اعتزامه المصادقة على التزام إيران بالاتفاق النووي، الذي قال إنه “ملييء بالعيوب، التي ستعمل الإدارة (الأمريكية) مع الكونغرس من أجل التعامل معها”.

وأبرمت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في يوليو 2015، اتفاقاً مع إيران، وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب هذا البرنامج.

ومن المقرر أن يبلغ ترامب الكونغرس، في موعد لا يتجاوز اليوم الأحد، إن كان يعتبر أن طهران أوفت بالتزاماتها في إطار الاتفاق النووي أم لا، ومن ثم تجديد المصادقة على الاتفاق من عدمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *