أرشيف صحيفة البلاد

« تداخل الأنواع الادبية » موضوع الساحة النقدية

عمان – خاص
انطلقت في جامعة اليرموك في مبنى المؤتمرات والندوات، فعاليات مؤتمر النقد الأدبي الثاني عشر تحت عنوان \’\’ تداخل الأنواع الأدبية \’\’ الذي ينظمه قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب \’\’ .
يشارك في المؤتمر الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة بالإضافة إلى معظم الأقطار العربية من سوريا ، ولبنان ، وفلسطين مصر ، العراق ، المملكة العربية السعودية ، الإمارات العربية ، البحرين ، الكويت ، المغرب ، الجزائر ، ليبيا ، تونس ، إلى جانب مشاركة جامعة جاكارتا الاندونيسية ، والهند ، والولايات المتحدة ، بمشاركة جامعتي انديانا ، وشيكاغو .
ويناقش المؤتمر الذي يعقد كلّ عامين، ويستمر لمدة ثلاثة أيام، عدداً من المحاور المتنوعة والمتميزة وتتناول : المناهج النقدية
والبلاغية وتداخل الأنواع .،القصيدة وتداخل الأنواع، فنون السرد وتداخل الأنواع، المسرحية وتداخل الأنواع، تداخل الأدب مع الفنون الأخرى، الموروث الأدبي العربي وتداخل الأنواع، ومناهج التحليل اللغوي وتداخل الأنواع .
د .حداد : تداخل الأنواع الأدبية أصيل اصالة الأدب نفسه قال الناقد د .نبيل حداد رئيس قسم اللغة العربية، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، في كلمته في المؤتمر الذي افتتحه رئيس جامعة اليرموك د .محمد أبو قديس : لئن كان موضوعنا اليوم تداخل الأنواع الأدبية، هو موضوع الساحة النقدية، فإنه أصيل أصالة الأدب نفسه، أصالة الملحمة في جمعها بين الشعر والسرد، وأصالة الشعر في عطائه الملحمي وتعبيره الموضوعي والفني عن حياة أمتنا وتحولاتها التاريخية، وأصيل أصالة الرواية في جمع نماذجها المشرقة بين عناصر المعرفة بكل جوانبها ومقومات الفن بكل أطيافه وأشكاله، مضيفاً إنها دعوة الأدب الخالدة للتواصل الإنساني بين المجتمعات الإنسانية، تواصل يتعالى على التوزيعات الجغرافية والفوارق اللغوية والثقافية والتصنيفات العرقية، دعوة تنبذ كل ما يفرق بين الإنسان وأخيه، وضمن قوانين الكون الثابتة في الحق والخير والجمال .
ومن جانبه ألقى د .عبدالله الفيفي كلمة باسم المشاركين في الحفل الذي أداره د .محمود درابسة، نوه فيها إلى أهمية الموضوع الذي اختارته جامعة اليرموك لمؤتمرها هذا من فتحه ملفات قضية تعد من قضايا الساعة الأدبية والنقدية، وهو تداخل الأنواع الأدبية، مشيرا إلى التلاقح الفني بين ضروب الإبداع المختلفة في العصر الحديث أتاح توالج مكونات الأنواع الأدبية البنائية، وهو أمر له ما له وعليه ما عليه، لافتاً بأن هذا التلاقح يثري النص الأدبي، ويمنحه من الطاقة ما يجدده ويغنيه، بل لقد يولد من الأنواع الجديدة ما يخرج عن قائمة التصنيفات الأنواع الأدبية التقليدي .
إلى ذلك ألقى عميد كلية الآداب د .فهمي الغزوي كلمة أكد فيها بأن تناول موضوع تداخل الأنواع الأدبية ليس موضوعا سهلا بل معقدا إلى حد كبير، لافتاً بأن الموضوع لا يتوقف عند تناول المسائل النقدية عند العرب فحسب، بل مقاربة هذا الموضوع وما يتشعب عنه من مسائل نقدية إلى النقد الغربي، وإجراء التطبيقات العملية في إطاره، إلى ذلك استعرض أهداف كلية الآداب بالجامعة، لافتا بأن في مقدمة هذه الأهداف يأتي النهوض بالمؤتمرات العلمية والمشاريع البحثية، وفي مقدمتها المؤتمر النقدي الذي يعقده قسم اللغة العربية مرة كل سنتين، لأنه يشكل مجالا هاما للبحث والنقاش والحوار وتبادل الرأي في إشكاليات النقد التي تتشعب أبعاده، وتتعدد زوايا النظر إليها من خلال اختلاف مناحي المعرفة واتساعها
وهذا ما سيثري العملية البحثية ويوسع من آفاقها لدى الباحثين والطلبة على حد سواء .
ورحب رئيس جامعة اليرموك د .أبو قديس في كلمته بالجمع الطيب من العلماء والأساتذة من خارج الأردن وداخله بمناسبة انعقاد مؤتمر النقد الأدبي الثاني عشر، منوها بأن هذا المؤتمر يأتي ضمن العديد من المؤتمرات والندوات التي تحتضنها جامعة اليرموك سنويا، لافتا بأن هذا يأتي إيمانا من الجامعة بدورها المحوري في دعم البحث العلمي الذي يثري تجربة العلماء ويمدهم بالمعرفة في مختلف الميادين من جهة، وتجسيد لما تضطلع به من مسؤولية للنهوض بالأمة من جهة أخرى، مشيراً في كلمته إلى أن المؤتمر يتمحور حول قضية مركزية وجوهرية كانت ولا تزال إشكالية من الإشكاليات منذ بداية النقد عند العرب واليونان، معتبرا بأن تصنيف الأدب على أنواع ذات حدود ومعالم ثابتة لم يعد أمرا ميسورا، وان البحث في تداخل الأنواع الأدبية يجسد حالة من الوعي تستوجب ضرورة مراجعة مبادىء النقد وأسسه، والتعرف على الأسباب الداعية على وجود الأنواع الأدبية، وأسس تقسيم الأدب على أنواع ودراسة خصائص كل نوع ومكوناته وما يكتفه من تطور، متمنيا للمؤتمر النجاح من خلال ما سيسفر عنه من ثمار علمية وانجاز فكري المكان اللائق في المكتبة العربية .
الجلسة الأولى :
\" الشعر وتداخل الأنواع \"
تناولت الجلسة الأولى التي جاءت تحت عنوان \’\’ الشعر وتداخل الأنواع \’\’ ، وأدارها أمين عام وزارة الثقافة الشاعر جريس
سماوي، إيقاعات التداخل بين الشعر والفنون الأخرى، من حيث القيمة والتأثر والتأثير، شارك فيها أحمد الجوة من جامعة
صفاقس \’\’ تونس \’\’ بورقة تناول فيها بناء الشعر على السرد في نماذج من الشعر العربي الحديث \’\’ ، فيما كشف أحمد يوسف من جامعة وهران \’\’ الجزائر \’\’ في ورقته عن تعالق النصوص وتهجين الأنواع \’\’ .إلى ذلك بحث عبد الله الفيفي من جامعة الملك سعود \" السعودية \" في ورقته عن \" الغيمة الكتابية \" من خلال \" قراءة في تماهي الشعري بالسردي \’\’ .وعاين عبد الفتاح يوسف من جامعة القاهرة \’\’ مصر \’\’ سؤال النص وإشكالية تقاطع النزوع الإنساني على المرجعيات الجمعية \’\’ ، وقرأت عشتار داود من جامعة الموصل \’\’ العراق \’\’ تجليات التداخل في المتعالي النصي – وثامنهم حزنهم \’\’ ، فيما قرأ محمد جودات من جامعة الحسن الثاني \’\’ المغرب \’\’ تناصية الأنساق في الشعر العربي الحديث، وختم يوسف بكار من جامعة اليرموك \’\’ الأردن \’\’ الجلسة الأولى بمعاينته للرباعية بين الأصل والانزياح .
الدكتور الفيفي يحق للشعر ان ينافح عن وجوده
كلمة المشاركين، ألقاها بالنيابة عنهم : الدكتور عبدالله بن أحمد الفيفي – السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيس جامعة اليرموك ..سعادة عميد كلية الآداب ..سعادة رئيس قسم اللغة العربيّة وآدابها ..
الزملاء الأكارم المشاركين في مؤتمر النقد الأدبي الثاني عشر، أيها الحضور الكريم ..
يطيب لي باسم المشاركين في مؤتمر النقد الأدبي الثاني عشر، وباسمي، أن أعبّر عن شكري وتقديري لجامعة اليرموك، ممثّلة في قسم اللغة العربيّة وآدابها، في كليّة آدابها، لتبنّيها هذا المؤتمر المهم .
إن عقد اللقاءات العلميّة والندوات والمؤتمرات من أهم واجبات المؤسّسات التعليميّة والأكاديمية؛ ذلك أن دورَ تلك المؤسّسات الثقافيَّ والتنويريَّ والبحثيَّ مكملٌ لدورها التربويّ والتعليميّ .وكم من الحركات العلميّة، والتيارات النقديّة، والاتجاهات الأدبيّة انبثقت عن تلك الصروح العلميّة، التي تتخطّى بطموحاتها مناهج التعليم المقرّرة، لفتح آفاق الفكر والمعرفة والثقافة .
وتأتي أهميّة الموضوع الذي اختارته جامعة اليرموك لمؤتمرها هذا من فتحه ملفّات قضيّة تعدّ من قضايا الساعة الأدبيّة والنقديّة، وهو \" تداخل الأنواع الأدبيّة \" .فلقد أتاح التلاقح الفنّي بين ضروب الإبداع المختلفة في العصر الحديث توالجَ مكوّنات الأنواع الأدبيّة البنائيّة .وهو أمر له ما له وعليه ما عليه .فهو يثري النص الأدبي، ويمنحه من الطاقة ما يجدّده ويغنيه .بل لقد يولّد من الأنواع الجديدة ما يخرج عن قائمة تصنيفات الأنواع الأدبيّة التقليديّة .إلاّ أن تداخل الأنواع الأدبيّة في الوقت نفسه قد يَذهب بهويّة الأنواع الأدبيّة، أو يدجّن خصائص بعضها ويهجنها، ولاسيما حينما تُسمّى النصوص بغير أسمائها، فيغدو النثر شِعرًا، ويمسي الشِّعر سردًا، مع ما في ذلك من تفويتِ إضافات نوعيّةٍ إلى المشهد الأدبيّ، عِوَضَ تسمية نوع أدبي جديد باسم نوع أدبيّ عتيق .هذا فضلاً عن دعاوى تصنيف العصور والنهايات الفنّيّة، من قبيل القول بعصر شعرٍ وعصر
رواية، وأن أمّةً شاعرة كالأمّة العربيّة قد بات لها ديوانٌ غير ديوانها، لا إلى جانب ديوانها .إذ يحقّ للشعر حينئذٍ أن ينافح عن
وجوده قائلاً :
ي ُشيعُ المرجفـونَ بأنّ خَطْـبـًا
طَـوَى بالنَّثـْرِ ديـوانَ الجُـمُوحِ
وأنَّ قصيدةَ اليومِ اسـتقـالـتْ،
تنـامُ على حـروفٍ من صَـفيحِ !
لها ليلُ امرئ القيسِ اغْـترابًا،
لها صُـبْحٌ كصُبْحِ ابنِ الجَمُـوْحِ !
تُوَشِّحُ ربَّةَ الإلهـامِ سَـــيفًا
وتلعنُ عـاثرَ الحَـظِّ الشَّـحيحِ !
وما يُجْدي مع المـوتِ التَّداوي !
تُغْني السُّـيُوفُ على كِـذْبٌوما الطَّريْحِ !
كذا كذبوا، وبعضُ الحَـقِّ
يواري سَـوْأَةَ الكـذبِ الصَّريـحِ !
الفاشـلُ الدنيـا ويشـكو الرَّبيـحِيلـومُ
فسادَ الدِّيْـنِ في السُّـوْقِ
أُمّهـاتُ الخَيْـلِ لمـّا اللَّقُـوْحِوتعقـمُ
يُخِبّ الوَهْـنُ في المعنَى
فويـلُ غَـدٍ من اليَـومِ، وممّـا
تُخَبّئُ تحـتَ إبْطَيْـهِ قُر ُوْحِـي !
* * * * * *
الشِّعْـر، والأرزاء تَتْــرَى ريـحِمعاذ
بما نَـعَـقَ الغـرابُ بكلّ
سـيبقَى في أتونِ الخَلْقِ وحْـيٌ
من الشُّـعراءِ، والشُّعراءُ تُوحي
الشِّعْـرُ ديوانَ البرايا، السَّـمُوحِسـيبقَى
نـَدِيّ النَّبْضِ بالوَعْـدِ
في الوَرَى رئةً، وقَلْبـًا، الصُّروحِسـيبقَى
الصَّوتِ، منتفضَ بأمـسٍصَبِـيْحَ
ي ُقـايض وردةَ الآتـي
من الصَّحْراء والعَصْرِ الضَّريــحِ !
* * * * * *
أيرموكُ، وينبـض بينَ ذاتـي
وبـيني نَبْـعُ شِـرياني وروحي
وما أدري، إذا ما قُلْتُ شِعْـراً،
أشِعراً كان قولـي أمْ جروحـي؟ !
ترسمين الحلمَ شِـعْــراً بالصَّـــبُـوحِوأنتِ
فتنبجسُ الخَوابي
بهِ الرَّوائـحَ للعـشـايـا النُّــزوحِنُعيدُ
سِـفْرَهُ يـومَ لغـاتٌونحملُ
الشِّـعْـرُ ما كانتْ الطّمُوحِولولا
ولا اقْتَـرَحَ الخـيالُ مَدَى
الشِّعْرُ ما سارتْ سحابُ دَلُـوْحِولولا الـ
ــمشـاعرِ، جيـشَ هَطَّالٍ
خابـيَ التاريـخِ فـينـا سَــحُـوْحِيروِّي
ويغشـانا بشُـؤْبُوْبٍ
ُعيـدُ بنـاءَ أوجهـنا، ويرنـو قبيحِي
لوجـهِ الحُسْـنِ في وَجْـهٍ
* * * * * *
هل الشِّعْرُ – وقد تعبتْ نِصَالُ الـ
ـقصائدِ – غيـرُ إنسـانٍ ور ُوْحِ؟ !
فرُبّ قصـيدةٍ قصَـدَتْ لِـواءً،
ور ُبّ قصيـدةٍ فتْـحُ الفُتُــوْحِ !
كل هذا وغيره ميدان دراسته وتمحيصه ملتقًى علميٌّا كمؤتمرنا هذا .
ولا يخفى على الجميع ما لهذه الملتقيات العلميّة من أهميّة إضافيّة – إلى جانب أهميتها البحثيّة – من حيث هي سبيلٌ إلى مدّ أواصر التعارف والتثاقف والتعاون، بما لذلك من مردود إيجابيّ على مسيرة الفعل العلميّ والثقافي .
أكرّر الشكر والتقدير لجامعة اليرموك، ولقسم اللغة العربية وآدابها فيها لتبّني عقد هذا المؤتمر . كما لا يفوتني أن أتقدم بأجزل الشكر إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة لرعايتها مثل هذه الملتقيات من خلال جامعاتها .