تقرير – محمود العوضي
كرة القدم هي من أشهر الألعاب التنافسيّة على نطاق العالم ككل، يقول بعض المؤرخين: إنّ بلد المنشأ لكرة القدم هي الصين القديمة، حيث قام الإمبراطور الصيني هوانج لي بوضع قوانين اللعبة سنة 2500 ق.م، وأطلق عليها اسم التسو تشو، وتعني كرة الركل، حيث كان الفائز في هذه اللعبة يحظى بالولائم، أمّا الفريق الذي يخسر فقد كان عقابه الجَلد. وذكر عددٌ آخر من المؤرخين بأنّ ميلاد كرة القدم كان على أيدي قدماء المصريين، ومهدها مدينة تانيس شمالي مصر، حيث قاموا بصناعة كرة حجرية، لا يزال البعض منها موجوداً في متحف مصر،
وهناك العديد من الرسومات الهيوغريفيّة على جدران المعابد الفرعونيّة، تؤكد ممارسة الفراعنة للعبة كرة القدم. اليابانيون بدورهم نسبوا ميلاد الكرة لأنفسهم، حيث قاموا بإطلاق اسم كيماري أسوبي على اللعبة، وتعني كرة القدم، وذلك سنة 600 ق.م، أمّا اليونانيّون فقد أعلنوا بأنّهم أوّل من مارس لعبة كرة القدم، كما أنّهم أوّل من قدّم الألعاب الأولومبيّة، وذلك سنة 600 ق.م، وأطلقوا عليها اسم بابسكيروس. أمّا العرب بدورهم فقد مارسوا لعبة كرة القدم قديماً، حيث وصفها العديد من الشعراء القدامى في قصائدهم كالشاعر عمر بن كلثوم، ومن هنا يعتقد بأن الفضل في ميلاد الكرة يعود لقدماء العرب، كرة القدم.
كرة القدم حديثا
قدمت كرة القدم بشكلها الحديث على أيدي الإنجليز، حيث أطلق على بريطانيا مهد كرة القدم، وتذكر كتب التاريخ بأنّه بعد احتلال الدانمارك لإنجلترا قبل نحو ألف عامٍ تقريباً، قام الإنجليز بالثورة على هذا الاحتلال، حيث قاموا بتدمير كل ما يتعلق بالدنماركيين على أرضهم، وقاموا بالاحتفال بنصرهم وجلاء الدنماركيين عن بلادهم، وقاموا باللعب بمخلفاتهم وركلها بأرجلهم، وكانوا يتقاذفون كلّ ماهو مستدير، فشاع الأمر في الريف الإنجليزي، ومنع هذا الأمر بأمر ملكيّ، لكنها عادت عن طريق مدارس أبناء الأمراء الخاصّة، حيث قام الملك إدوارد الأول بتشجيع هذه الرياضة، والمشاركة في مباريات عديدة، لكن الجو لم يكن ملائماً لهذه الرياضة، خاصّة أنّ كلّ مباراة كانت تنتهي بمشاجرات عنيفة؛ نتيجةً لازدياد حماسة اللاعبين، فقام الملك إدوارد بمنعها، وهدّد بسجن من يمارسها.
ولكن عادت كرة القدم من جديد في عهد الملك إدوارد الثالث، لكنه بدوره قام بمنع ممارستها؛ لأنها تلفت نظر الشباب، من ما يجعلهم يمتنعون عن تعلم الفروسيّة والرماية، ثمّ عادت كرة القدم من جديد بعد انتهاء الحروب لتحتل صدارة اهتمام الشباب، ولكن الملك هنري الثاني قام بمنعها، وعادت من جديد بأمر ملكي وقع عليه الملك جيمس الأول، وذلك نزولاً عند رغبة الشباب وتحقيقاً لمطلبهم، لكن الملكة اليزابيث الأولى قامت بإصدار قرار منعت فيه الشباب من ممارسة الكرة في بلادها، لكن الشعب لم يرضخ لهذا الأمر بالرغم من عقوبة السجن لمدّة أسبوع، والتي كانت تطال المخالفين للأوامر.
أول قانون لكرة القدم
قام أستاذ القانون في جامعة كامبريدج ثونج، بوضع أوّل قوانين لكرة القدم، وذلك للحدّ من المشاكل، ولممارستها بطرق شرعيّة، وكان هذا الأمر عام 1862م، ومن هنا بدأت ممارسة كرة القدم اللعبة الأشهر حول العالم على الإطلاق، وفق قوانين تحكمها، وتحكم ممارسي اللعبة.
مخترع ومطور كرة القدم الحالية
يعد تشارليز جوديير هو مخترع لعبة كرة القدم ومطورها، حيث قام بتعزيز المطاط المصنوعة منه الكرة وتقويته؛ مما ساهم في تطور الكرة في القدم، أما حالياً فإن لكرة القدم التي تستخدم في المونديالات شروطاً ومواصفات خاصة، حيث إنّه يوجد حجم ووزن ونوع معين للمادة المصنوعة منها الكرة، والجدير بالذكر أن كرة القدم لها جذور قديمة في التاريخ، حيث قامت العديد من الشعوب بركل الأجسام المدورة خاصة باستخدام الأرجل، كما ورد في كتب التاريخ أن الرومان والإغريق قاموا بابتكار ألعاباً تعتمد على الركل لأجسام كروية الشكل.
أما بعد الحرب العالمية فتم تطوير كرة القدم حيث استخدم في صنعها نوع قوي من القماش، الذي يتصف بقدرته على التمدد، والذي أعطى كرة القدم شكل كروي أفضل، لكن هذه الكرة كانت عرضة دائماً للانفجار أثناء اللعب، ثم تم العمل حل مشكلة امتصاص الماء وذلك باستخدام الألوان الصناعية، وتم تلوينها باللون البرتقالي لسهولة تمييزها في شتى الظروف. تطورت كرة القدم فمن أجسام شبه كروية إلى كرة مصنوعة من جلد الحيوانات إلى كرة من مصنوعة من المطاط والتي طورها تشارليز جوديير والذي حاز على براءة اختراع عن اختراعه، ثم بعد فترة من الزمن تم تطوير الكرة المطاطية لتصبح بثقب واحد يمكن نفخها من خلاله، ثم عمل الإنجليز فيما بعد على تطوير مجموعة من القوانين التي تحدد شروط شكل الكرة من حيث الحجم والوزن،
ومع تقدم الوقت والعلم تم التوصل إلى كرة مصنوعة من الجلد الصناعي، وهذا الأمر ساعد على تطوير وانتشار كرة القدم بشكل واسع، ثم قامت شركة أديداس بتطوير الكرة لتصبح مكونة من أشكال خماسية وسداسية يتم خياطتها مع بعضها البعض للحصول على الشكل الكروي، وتلوينها باللونين الأبيض والأسود، ليسهل مشاهدتها خصوصاً على التلفاز غير الملون، والذي توصل إلى هذا الاختراع هو ريتشارد فولر في عام 1970 وأطلق عليها اسم تيليستار، وتم استخدامها في كأس العالم من نفس العام. واستمر تطور كرة القدم حتى وقتنا الحالي، حيث تعقد مهرجانات متخصصة لعرض تصاميم كرة القدم وتطويرها باستخدام أحدث التكنولوجيا، كما قامت شركة أديداس بصنع كرة مكونة من لوحات مصبوبة حرارياً لتحسين ديناميكية الهواء.
تاريخ كأس العالم
يعتبّر كأس العالم لكرة القدم هي من أهم الرياضات والمسابقات العالمية، والتي تقوم بإشراف الاتحاد الدولّي لكرة القدم، وتقام هذه البطولّة كل (4) سنوات منذ تاريخ 1930 ميلادي، حيث بدأت هذه البطولة في هذا التاريخ، إلّا بطولة عام 1942 وبطولة 1946 تم إلغاؤهما بسبب الحرب العالميّة الثانية، يشارك في هذه البطولة ما يقارب (32) فريقاً دولي يتم تأهلهم لذلك بعد تصفيات على مستوى القارات لمدة ثلاث سنوات، وتقسم هذه المنتخبات إلى (8) مجموعات تتنافس فيما بينها للتأهل للدور السادس عشر ثم للدور الثمانية ثم للدور النصف نهائي ثم للدور النهائي الذي يضم فريقين يتنافسان للفوز باللقب، مدّة هذه البطولّة شهر، وتلعب في ملاعب الدولة أو الدول المستضيفة للبطولة . شهدت البطولات العشرون السابقة فوز(8) فرق دولية مختلفة باللقب،
وكانت البرازيل الأكثر حضوراً في هذه البطولات حيث لعبت في كل البطولات منذ عام 1930 حتى الآن، وكان الأكثر تتويجاً لكأس العالم وفاز بها (5) مرات في الأعوام (1958،1962، 1970، 1994 ،2002) ثم المنتخب الإيطالي والذي توّج باللقب (4) مرات في الأعوام ( 1934، 1938، 1982 ،2006) ، وأيضاً ألمانيا التي أحرزت اللقب (4) مرات كذلك في الأعوام ( 1954، 1974، 1990)، وآخرها كان في عام (2014) والمنتخب الأرجنتيني ومنتخب الأوروغواي لقب مرتين لكل فريق،
ولقبّت المنتخبات التالية لمرة واحدة وهي: فرنسا، وإسبانيا، وإنجلترا. وكأس العالم هي من أكثر البطولات العالميّة مشاهدةً على مستوى العالم، حيث قدر عدد مشاهدي المباراة النهائية سنة 2006، والتي كانت في ألمانيا بحوالي (715) مليون مشاهد، آخر بطولة أقيمت في البرازيل سنة 2014 والتي لقب بها المنتخب الألماني، أمّا البطولة القادمّة ستقام في روسيا في يونيو ويوليو القادمين.
فكرة إقامة بطولّة كأس العالم
يرجع اقتراح إقامة أول بطولة لكأس العالم، إلى أول اجتماع لاتحاد الدولي لكرة القدم في عام 1904 بحضور (7) دول، وهي: بلجيكا وسويسرا وفرنسا والدنمارك وإسبانيا وهولندا والسويد، حيث قام الاتحاد بتبني فكرة إقامة البطولة على مستوى العالم، ولكنها واجهت بعض الصعوبات وهي: قيام اللجنة الأولمبيّة الدولية للفكرة خوفاً من أن تؤثر على الدورات الأولمبية. بالإضافة إلى الخوف من سيطرة الاتحاد الدولي على البطولة الأكثر انتشاراً وشعبيّة على مستوى العالم. ثم تم طرح الفكرة في عام 1921 على يد محامي اسمه جول ريميه وتسلم رئاسة الاتحاد، وتم تنظيم أول بطولة في الأوروغواي في سنة 1930.
والتي تم اختيارها من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من خلال المؤتمر الذي عقد بشأنها في برشلونة بتاريخ 18 مايو من عام1929. كما أنّ هذه البطولة الأولى والوحيدة التي لم يكن بها تصفيات مؤهلة، حيث تم استدعاء جميع المنتخبات المنتسبة للاتحاد الدولي لكرة القدم ليشاركوا بالبطولة، حيث شاركت 13 دولة في البطولة الأولى، 7 منتخبات من أمريكا الجنوبيّة، و4 من أوروبا، ومنتخبين من أمريكا الشماليّة. والسبب في انخفاض عدد المنتخبات المشاركة في البطولة يعود إلى اختيار الأورغواي كموقع لإجراء البطولة، حيث إنّ المدة الزمنية للرحلة والتكاليف الناتجة عن السفر عبر المحيط الأطلسي صعّبت المشاركة بالبطولة بالنسبة للمنتخبات الأوروبية،
وفعلاً لم ترسل الدولة الأوروبية فرقاً لها حتى الشهرين السابقين لبداية البطولة، وفي نهاية المطاف أقنع جول ريميه منتخبات كلا من فرنسا وبلجيكا ويوغسلافيا ورومانيا للقيام بالرحلة. لُعبت أول مباراتين لكأس العالم بوقت واحد، وفازت فيها فرنسا على المكسيك بواقع 4 – 1، وفاز منتخب الولايات المتحدة، على بلجيكا بواقع 3 – 0، وأول هدف تم إحرازه في هذه البطولة كان من الفرنسي لوسيان لوران، أمّا المباراة النهائية؛ ففازت فيها الأورغواي على الأرجنتين بواقع 4 – 2 في ملعب مونتيفديو، وبذلك كانت الأورغواي أول دولة تفوز بكأس العالم لكرة القدم.
المشاركون في البطولة
بتاريخ 28 فبراير من العام 1930 طُلب من الفرق المشاركة في البطولة الإعلان عن مشاركتها، حيث جاءت الموافقات من كل من الدول التالية: تشيلي، والبرازيل، البيرو، والأرجنتين، وباراغواي، وبوليفيا، والمكسيك، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبلجيكا ويوغسلافيا، وروماني، والأورغواي.