واشنطن – وكالات
جاءت إقالة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، واختيار الرئيس دونالد ترامب لرئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية مايك بومبيو، ليحل محله في وقت تقترب فيه الولايات المتحدة من منعطف حرج لمعضلتين نوويتين، وهو ما قد ينتج عنه مخاطر جديدة.
وتعني العلاقة القوية بين ترامب وبومبيو، أن الأخير سيتمكن من التحدث مع الحكومات الأجنبية بسلطة أعلى حول القضايا الدولية الشائكة، خاصة وأنه يتمتع بالدعم من المستويات العليا بالإدارة الأمريكية، وهو ما افتقده تيلرسون.
وقال جاري سامور الخبير في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفرد الأمريكية: إن تعيين بومبيو يأتي في لحظة حاسمة حيث سيتعين على البيت الأبيض حسم الموقف بشأن الاتفاق النووي الإيراني بينما يبدأ كذلك عملية دبلوماسية للمرة الأولى مع كوريا الشمالية، حسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
وأضاف سامور: إنه على الجانب الإيجابي فالوقت مناسب لتعيين وزير خارجية جديد يتمتع بثقة أكبر من الرئيس الأمريكي، إلا أنهما إذا لم يحترسا قد يصطدما بنكستين دبلوماسيتين في آن واحد.
ومع موافقة ترامب على لقاء زعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون، وهو ما يتوقع مسؤولون أمريكيون أن يكون في مايو المقبل، سيشرف بومبيو المتشكك حول نوايا بيونج يانج على أي مفاوضات نووية مع كوريا الشمالية قد تأتي بعد القمة المرتقبة.
ويتولى بومبيو، الذي انتقد علنا الاتفاق النووي الإيراني، منصبه الجديد مع مواجهة ترامب للموعد النهائي في 12 مايو لاتخاذه قرارا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، أم ستنسحب من الاتفاقية.
وتحمل كلا القضيتين الإيرانية والكورية الشمالية آثارا على العلاقات الأمريكية مع حلفائها، وكذلك على جهودها لكبح الطموحات النووية القائمة منذ أمد طويل لدى خصومها.
وذكرت الصحيفة أن ترشيح ترامب لبومبيو من المرجح أن يواجه فحصا دقيقا من قبل الكونجرس حول اتفاق إيران وكوريا الشمالية والحرب السورية والتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، مضيفة أنه قد يتم سؤاله أيضا عن خططه لاستعادة الروح المعنوية في وزارة الخارجية، والتي تعثرت بالوظائف الشاغرة وتخفيضات الميزانية.
* التصدي لمراوغات الملالي
تناولت عدد من الصحف الأمريكية الأبرز توقعات تحركات بومبيو المقبلة حول إيران، حيث اجتمعت على أن بومبيو سيضع المعركة الأمريكية – الإيرانية في مستوى جديد تماما.
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قالت في مقال بعنوان “تحت إدارة بومبيو، سياسة خارجية أمريكية تخضع لرؤية ترامب”: إنه من المرجح أن يقوم بومبيو بإعادة التوجه السياسي الأمريكي حول مسألة إيران والاتفاق النووي الخاص بها، حيث يعد بومبيو من المعارضين الشرسين للاتفاق الذي أقر في 2015، وقد يدفعه ذلك على وضع الإيرانيين أمام خيار من إثنين؛ إما التخلي عن البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل ونهائي، أو مواجهة تصعيد من الإدارة الأمريكية في صورة عقوبات أكثر ألما على الداخل الإيراني.
وأكدت مجلة “ذا ناشونال إنترست” الأمريكية أن بومبيو يلقى دعما من ترامب بشكل مختلف تماما عن سلفه تيلرسون، حيث قال ترامب في تصريح عقب تعيين بومبيو “مع مايك (بومبيو): لدينا طريقة تفكير متشابهة، وأعتقد أن الأمر سيسير بشكل جيد جدا”. وبالنسبة للرؤى المتطابقة، فإن بومبيو يأخذ اتجاه ترامب في هذه القضية، حيث يعارض الأوروبيين المتمسكين بالاتفاق النووي، إضافة إلى أنه يرى إيران كتهديد خطر ومباشر على المصالح الأمريكية؛ سواء السياسة أو الاقتصادية، في منطقة الشرق الأوسط.
أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فكشفت عن سناريوهات محتملة لتعامل بومبيو مع إيران فور توليه السلطة، حيث سيحاول تبنى وجهة نظر ترامب في عقد لقاء مع الإيرانيين لإعادة التفاوض حول شروط الاتفاق النووي الإيراني، إضافة الى محاولة إجبار الإيرانيين على التخلي عن برنامجهم النووي. أمر آخر سيلجأ له بومبيو فور توليه السلطة هو تقوية علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، من حيث الدعم الاستراتيجي والعسكري والتقني لمواجهة المد الإيراني في عدد من البؤر الساخنة في الشرق الأوسط؛ أبرزها اليمن ولبنان وسوريا، إضافة الى تكثيف التعاون الدبلوماسي حول مواجهة إيران وسبل تحجيمها في المنطقة.
وتؤدي خبرة بومبيو في المجالين العسكري والاستخباراتي دورا كبيرا في تشكيل السياسة الأمريكية الجديدة تجاه إيران.
فمن الناحية الأمنية سيحاول بومبيو عمل تنسيق كامل مع الحكومات المتضررة من الممارسات الإيرانية في المنطقة لمواجهتها بشكل حاسم، إضافة إلى تعزيز العمل الاستخباراتي من خلال حلفاء الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، لوقف محاولات إيران زعزعة المنطقة عن طريق المليشيات، التي تقوم بتصديرها لبؤر الصراع، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أقال وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيليرسون؛ بسبب خلافات على عدة ملفات أبرزها الموقف من الملف النووي الإيراني.
وذكر موقع “فوكس دوت كوم” الأمريكي أن بومبيو، مثل ترامب، يرى أن المجموعات الإرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة يمثلان تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي، حتى إنه يريد أيضًا إنهاء الاتفاق النووي الإيراني، ودائمًا ما يؤكد أن إيران أكبر داعم للإرهاب في العالم.